spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

من يكون الرئيس القادم لنيجيريا؟

نيجيريا تقطع خطوة هامة نحو تكريس أول تناوب ديمقراطي على السلطة في القارة الإفريقية خلال العام 2023، وذلك بإجرائها أمس انتخابات رئاسية تنافس فيها 18 مترشحا على خلافة الرئيس منتهي الولاية محمد بخاري، الذي يمنحه الدستور ولايتين رئاسيتين غير قابلتين للتمديد.
ويبدو أن التنافس منحصر بشكل رئيسي بين 3 مترشحين فقط، وذلك أخذا في الاعتبار الأبعاد المتعلقة بالحضور السياسي والنفوذ المالي، فضلا عن البعد الديني والعرقي، وهي تشكل مجتمعة أهم الميكانيزمات المتحكمة في العملية الانتخابية بنيجيريا.
وبناء على ذلك، يأتي في صدارة الثلاثة المتوقع أن يكون من بينهم الرئيس القادم لنيجيريا، بولا تينوبو وهو حاكم سابق لمدينة لاغوس العاصمة الاقتصادية والتجارية لنيحيريا، ويعد من بين الرجال الأثرى في البلاد، كما يحظى بنفوذ سياسي وشعبي وازن.
فضلا عن ذلك، فإن تينوبو البالغ من العمر 70 سنة، خاض السباق الرئاسي عن حزب مؤتمر كل التقدميين الحاكم في البلاد، وقد استفاد من شعبية محمد بخاري، الذي رافقه في عدد من المحطات الرئيسية خلال حملته الانتخابية.
وإلى جانب تينوبو، يوجد عتيق أبوبكر البالغ من العمر 76 عاما، والذي خاض رئاسيات السبت للمرة السادسة في تاريخه، وسبق أن تولى منصب نائب للرئيس خلال الفترة ما بين 1999 و2007.
وقد عمل عتيق أبوبكر وهو مرشح حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الديمقراطي، في مجالات مختلفة، بينها قطاع الجمارك الذي تولاه لمدة 20 سنة، وراكم ثروة مالية كبيرة، يعتبر مصدرها مثار شك واسع في نيجيريا، تماما كما هو حال تينوبو، لكن كلا منهما ينفي ذلك.
وينافس هذين المترشحين المسلمين المخضرمين، مرشح آخر مسيحي هو الستيني بيتر أوبي مرشح الحزب العمالي، ويحظى بشعبية كبيرة في صفوف الشباب، الذي يمثل نسبة 60% من سكان نيجيريا البالغين 216 مليون نسمة.
وقد فرض بيتر وهو حاكم سابق لولاية أنامبرا بالجنوب الشرقي، نفسه كمنافس جدي لمرشحي الحزبين الرئيسييين المهيمنين تقليديا على السياسة في البلاد، وهو معطى يؤثر على الاقتراع، وقد يدفع باتجاه إجراء جولة ثانية بعد 21 يوما.
وأيا يكن خليفة الثمانيني محمد بخاري في السلطة، فإن نيجيريا بهذا التناوب الديمقراطي الجديد، تضرب مثلا في غرب القارة الإفريقية، بعدما حققتت تناوبا سابقا عام 2015، أوصل الرئيس الحالي للسلطة.
صحيح أن البلاد عانت خلال عقود ما بعد استقلالها عن المستعمر البريطاني عام 1960، من الانقلابات العسكرية، وأن الرئيس بخاري نفسه وصل السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1984، حيث أطاح بأول رئيس مدني للبلاد هو شيخو شجاري، ليستمر في السلطة نحو 20 شهرا، قبل أن ينقلب عليه قائد الجيش إبراهيم بابا نغيدا ويحيله إلى الإقامة الجبرية.
ولكن نيجيريا الأكثر تعدادا سكانيا، والأكبر اقتصادا في إفريقيا، بتجسيدها اليوم للمرة الثانية تواليا تناوبا سلميا على السلطة، فإنها تسير نحو القطيعة مع الانقلابات، ولعل أحد أهم الأسباب وراء ذلك هو الوعي الكبير في صفوف فئات عريضة من المجتمع النيجيري.
وفضلا عن صون هذا المكسب الديمقراطي وتعزيزه، فإن الرئيس النيجيري القادم، ستواجهه تحديات عديدة، بعضها يتعلق بالحكامة والشفافية، فالبلاد الغنية بالنفط والغاز، تعاني من استشراء الفساد، وقد صنفتها منظمة الشفافية الدولية عام 2021، في المرتبة 154 من أصل 180 دولة.
وينعكس استشراء الفساد على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان، حيث تشير معطيات لمكتب الإحصاءات الوطني النيجيري صادرة العام الماضي، إلى أن 133 مليون شخص يعانون من الفقر، وهو ما يمثل نسبة 63% من سكان البلاد.
ينضاف إلى ذلك الركود الاقتصادي والتضحم، اللذين تعاني منهما نيجيريا في الوقت الحالي، بفعل تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
محفوظ ولد السالك: كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية

spot_img