اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

السنغال.. هل وصلت رسالة قرع الأواني والقدور؟

 

شهدت عدة مدن وأحياء سنغالية مساء أمس نشاطا منظما، تمثل في خطوة نضالية رمزية، وهي قرع “الأواني والقدور” تلبية لدعوة القيادي المعارض ذي الشعبية الكبيرة عثمان سونكو، احتجاجا على منع مهرجان لحزبه بمناسبة اختياره مرشحا له لرئاسيات 2024، رغم الجدل القانوني المثار بشأن ذلك.

ويقول العنيد سونكو المشرف على عقده الخامس، والخاضع للاحتجاز في منزله بداكار منذ نهاية مايو الماضي، إنه أراد من خلال هذه الخطوة توجيه رسالة لنظام الرئيس ماكي سال، مفادها أن البلاد بحاجة إلى “التهدئة والاستقرار والهدوء والحرية”.

لكن نبرة التهدئة والاستقرار التي طغت على خطاب سونكو، سبقها تهديد منه قبل أيام، في مقابلة تلفزيونية عبر الأنترنت من منزله حيث “الإقامة الجبرية” حين قال إنه إذا منع من الترشح، فإن البلاد ستشهد “فوضى لا توصف”.
ويتشبث سونكو بالترشح لانتخابات 2024، وهو الذي يملك شعبية كبيرة في الواقع، منحته خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة 56 مقعدا برلمانيا، وجعلته الثالث في رئاسيات 2019، حيث حصل على نسبة 15.67%، كما يملك شعبية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث الوعي الشبابي، والطموح والرغبة في التغيير، فقد تابع بثا مباشرا له قبل أيام أكثر من 87 ألف شخص، وهو رقم متابعة يعد قياسيا في المنطقة.

ويعتبر سونكو نفسه “ما يزال مؤهلا” لخوض الرئاسيات القادمة، رغم إدانته بالسجن في قضية تشهير ضد وزير في الحكومة، و”إفساد الشباب” في قضية عاملة بصالون للتدليك.

بل أكثر من ذلك، يرى سونكو أنه “لم يستنفد بعد الاستئناف أمام المحكمة العليا”، ويقول إن لدى محاميه “ملفات محددة” و”لا يمكن بأي حال من الأحوال منع نقض الأحكام الصادرة” في القضيتين السابقتين.

وهي قراءة لا يرى بها خصوم سونكو في الطرف الموالي للنظام، والساعين إلى حصول تناوب على السلطة من داخل النظام، بعدما أعلن الرئيس ماكي سال عدم ترشحه لولاية ثالثة، كانت تثير جدلا واسعا في البلاد.

ففي نظر هؤلاء، فإن الحكم على سونكو بالسجن النافذ لسنتين، يعني عدم إمكانية ترشحه لرئاسيات فبراير المقبل، وهو ما سيجعل بإمكان النظام أن يخلف نفسه في السلطة، لأنه في غياب سونكو، لا وجود لاسم معارض كبير قادر على الوصول للرئاسة.

وبين الدعوة للتهدئة والتهديد بالفوضى، ينتظر سونكو طبيعة تفاعل النظام مع رسائله، وأمامه خياران لإنقاذ ترشحه، أولهما قضائي من خلال قبول استئناف حكم السجن النافذ في حقه، وثانيهما صدور عفو من الرئيس ماكي سال، المتبقية له أشهر قليلة في السلطة، وذلك على غرار ما فعل مع عمدة مدينة داكار السابق الخليفة سال، وكريم واد نجل الرئيس السابق عبد الله واد.

والواقع – قياسا على أحداث سابقة – أن الرئاسيات السنغالية، إذا لم يكن عثمان سونكو من ضمن المتنافسين عليها، فإن البلاد ستشهد أعمال عنف واسعة، تتجاوز بكثير ما حصل مؤخرا، لدى صدور الحكم عليه بالسجن النافذ، وما حصل من قبل حين تم اعتقاله.

كما أن احترام الرئيس ماكي سال لمقتضيات الدستور بعدم الترشح مجددا، وهو موقف ينسجم مع تاريخ السنغال الديمقراطي، سيظل ناقصا إذا انجرت البلاد نحو الفوضى، فشعبية سونكو في داكار، وزيغنشور، وفي مختلف باقي المدن السنغالية الأخرى، لا يتطلب خروجها للتظاهر، سوى دعوة منه عبر تغريدة، أو مقطع مصور قصير.

فهل يسامح ماكي سال خصمه؟ أم ينصفه القضاء؟ وفي حال عدم تحقق أي من ذلك هل يجازف سونكو بأمن واستقرار البلاد من أجل مكسب شخصي ذاتي؟

لعل الإجابة سابقة لأوانها، لكن الظرفية تستدعي الهدوء والتفاهم، والحفاظ على الاستقرار السياسي، كي يبقى السنغال دائما الاستثناء الناجح في غرب إفريقيا.

 

محفوظ ولد السالك
كاتب صحفي متخصص في الشأن الإفريقي

spot_img