spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

دستور مالي الجديد.. صلاحيات الرئيس بين الإطلاق والتقييد/ محفوظ ولد السالك

تسلم الرئيس الانتقالي المالي عاصيمي غويتا قبل أيام مسودة دستور جديد، يسعى من خلاله إلى “التأسيس لجمهورية جديدة” تحقق بناء نهضة لمالي، وتجعل ما قبل انقلابي العقيد، مختلفا عن ما بعده.

ويتكون الدستور الجديد من 195 مادة، تعنى 30 منها برئيس الجمهورية، لكن اللافت أن أيا منها لم تتضمن تجريما للانقلابات العسكرية، التي كانت السبب في وأد تجربة مالي الديمقراطية في مناسبات عديدة.

كما لم تحظر أي من مواد الدستور على الرئيس الانتقالي الحالي المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2024، ما يعني أن غويتا سيكون بإمكانه الترشح وحكم البلاد لفترة ما بعد المسار الانتقالي.

صحيح أن “المادة 45” من مسودة الدستور، المرتقب تقديمه للاستفتاء شهر مارس المقبل، تنص على أن رئيس الجمهورية “ينتخب بالاقتراع العام المباشر لولاية من 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبقى في السلطة لأزيد من ولايتين”.

لكن الدستور لا يمنع بالمقابل على الرئيس الترشح لاحقا، ما لم يتجاوز عمره الخامسة والسبعين سنة، ويمكن بالمقابل أن يترشح للمنصب من هم في سنة السادسة والثلاثين، شرط أن لا يكون المتنافس ثنائي أو متعدد الجنسيات، كما توضح ذلك “المادة 46” من المسودة، التي نشرتها الجريدة الرسمية، والرئاسة المالية على الأنترنت.

ومن ضمن الصلاحيات التي يمنحها دستور مالي الجديد لرئيس الجمهورية، أنه هو من “يعين رئيس الوزراء وينهي مهامه، دون أن يكون من الضروري تقديم الأخير استقالة الحكومة بحسب “المادة 57″، كما أن الرئيس أيضا هو من “يعين أعضاء الحكومة الآخرين بعد التشاور مع رئيس الوزراء، ويمكنه أن ينهي مهامهم”.

وهكذا فإن الدستور الجديد، إذا كان بالفعل يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، فإن المشرع خول له إمكانية تفويض بعض مهامه لرئيس الوزراء، كما تشير إلى ذلك المادة 70″ من المسودة الدستورية.

كما خول الدستور للبرلمان إمكانية عزل رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى، كما تنص على ذلك “المادة 72″، وهو معطى يعزز بعد المساءلة والمراقبة، ويمكن اعتباره جانبا مضيئا، ينضاف إلى تحديد الولايات الرئاسية في اثنتين فقط، وإلزام الرئيس بالتصريح بممتلكاته.

فقد نصت “المادة 56” على أن رئيس الجمهورية ملزم بعد تنصيبه وفي أجل لا يتجاوز 7 أيام، بتقديم تصريح مكتوب لرئيس محكمة الحسابات يتضمن ممتلكاته، ويخضع هذا التصريح للتحيين سنويا، ويتم إبلاغ الرأي العام بذلك.
وبعيدا عن الرئيس وصلاحياته، فإن من ضمن الجوانب اللافتة التي جاء بها الدستور الجديد، تأكيده في “المادة 30” على أن مالي “جمهورية مستقلة ذات سيادة، وحدوية وغير قابلة للتقسيم، ديمقراطية علمانية واجتماعية”، وفي هذا قطع للطريق أمام بعض المطالبات بنظام فيدرالي في البلاد، وكذا بعض المطالب بالانفصال.

كما أن من اللافت كذلك أن الدستور الجديد، الذي يأتي في خضم توتر غير مسبوق بين مالي وفرنسا، كان من تداعياته طرد السفير الفرنسي من باماكو، وسحب القوات الفرنسية من البلاد، نص في “مادته 31” على أن لغة التخاطب الرسمي في البلاد هي اللغة الفرنسية، مع الإشارة إلى أن الدولة يمكن “أن تعتمد بالقانون، أي لغة أجنبية أخرى كلغة للتخاطب الرسمي”.

وفي ظل احتدام الجدل بشأن وجود القوات الأجنبية في مالي، والرفض الشعبي الواسع للقوات الفرنسية قبل أن تنسحب، وتعاقد البلاد مع عناصر من قوات “فاغنر”، واعتقال عشرات الجنود الإيفواريين، واعتبارهم “مرتزقة”، لم يتضمن الدستور أي إشارة بشأن تنظيم حضور القوات الأجنية في البلاد.
يأتي ذلك، رغم تخصيص الدستور 6 من مواد “للسيادة الوطنية”، و5 مواد أخرى “للقوات المسلحة وقوات الأمن”، تنص إحداها على إمكانية أن تشارك القوات المالية “في مهام أجنبية للسلام، والاستقرار أو الأمن، في إطار احترام مالي لالتزاماتها الدولية”.

وعلى الصعيد التشريعي استحدث الدستور الجديد “المجلس الأعلى الوطني” كغرفة ثانية في البرلمان، تنضاف إلى الجمعية الوطنية.

 

spot_img