spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

تنافس القوى الدولية على إفريقيا/ محفوظ ولد السالك

لم يكد رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف ينهي جولته الإفريقية المتزامنة مع دخول حرب بلاده مع أوكرانيا شهرها السادس، حتى أعلنت الإدارة الأمريكية عن جولة مماثلة لرئيس دبلوماسيتها أنتوني بلينكن إلى القارة الإفريقية.
وقبل أن تعلن موسكو عن قمة روسية إفريقية تحتضنها مدينة سان بطرسبرغ خلال العام 2023، كانت واشنطن قد دعت لقمة أمريكية إفريقية نهاية العام الجاري، أثناء احتضان مدينة مراكش المغربية لقمة الأعمال الأمريكية الإفريقية ال14 التي نظمت لأول مرة في شمال إفريقيا.
وإلى جانب روسيا وأمريكا، حضرت فرنسا من خلال جولة للرئيس إيمانويل ماكرون في بداية ولايته الرئاسية الثانية، وبين يدي استعداد باريس للكشف عن خطتها الجديدة بخصوص إعادة نشر قواتها العسكرية في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، بعد اكتمال عملية الانسحاب من مالي.
ويعكس هذا التسابق الثلاثي الروسي الأمريكي الفرنسي على إفريقيا، كيف أن القارة الإفريقية أصبحت وجهة للقوى الغربية خلال الحرب الروسية الأوكرانية.
فقد أبرمت عدد من الدول الأوروبية بشكل خاص، اتفاقيات شراكة مع عدة دول إفريقية، سعيا إلى أن تجعل من إفريقيا بديلا عن روسيا في مجال الطاقة، وذلك بين يدي قرب فصل الشتاء، ولكن أيضا على المديين المتوسط والبعيد.
وبالمقابل لا تريد روسيا – التي تعتمد عليها إفريقيا كثيرا في مجال الحبوب – لدينامية علاقاتها مع دول القارة التي بدأت تتعزز بشكل سريع، منذ أول قمة روسية إفريقية احتضنتها مدينة سوتشي عام 2019، أن تتوقف في ظل الحرب الدائرة بين موسكو وكييف.
لذلك، فإن سيرغي لافروف ركز في جولته الأخيرة التي شملت مصر، والكونغو برازافيل، وأوغندا، وإثيوبيا، على تأكيد المضي قدما في توطيد العلاقات مع إفريقيا، ونفي تأثير الحرب عليها، وكذا نفي أن تكون روسيا هي السبب في توقف تصدير الحبوب نحو الدول الإفريقية وبقية دول العالم.
ولذلك فقد اختار لافروف، أن يبدأ جولته بعد التوصل لاتفاق في اسطنبول بين موسكو وكييف وبإشراف أممي، يقضي بالسماح بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود.
وإذا كانت ألمانيا قد سعت من خلال جولة مستشارها أولاف شولتس التي شملت السنغال والنيجر وجنوب إفريقيا، وإيطاليا من خلال جولتي وزير خارجيتها لويجي دي مايو التي شملت دولا بينها الجزائر والكونغو وأنغولا، وموزمبيق، وإسبانيا من خلال جولتي رئيس حكومتها بيدرو سانشيز إلى أنغولا والسنغال، ومصر وكينيا وجنوب إفريقيا، إلى بناء شراكات جديدة مع الدول المنتجة للغاز، أو التي في طريقها نحو ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، تحصل منذ فترة على جزء من النفط والغاز من منطقة خليج غينيا.
ولا تخفي واشنطن، منذ وصول جو بايدن للسلطة رغبتها في تعزيز العلاقات مع إفريقيا، وفي هذا السياق تأتي الجولة الحالية لرئيس الدبلوماسية الأمريكية أنتوني بلينكن والتي تشمل كلا من جنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية ورواندا، وقبلها زار كلا من كينيا ونيجيريا والسنغال العام الماضي. 409
وقبل الحرب الروسية الأوكرانية، كان الاهتمام الأمريكي في إفريقيا منصبا على منافسة الصين المستثمر الأول بالقارة بقيمة مالية بلغت 2.9 مليار دولار خلال 2020.
ولذلك اهتمت واشنطن في وقت مبكر من ولاية بايدن بمنطقة شرق إفريقيا، حيث النفوذ الصيني المتنامي، فعينت أول مبعوث أمريكي إلى القرن الإفريقي، كما زار عدد من مسؤولي الإدارة الأمريكية مختلف دول المنطقة، ولم تخف بيكين شعورها بمنافسة واشنطن، فبادرت هي الأخرى إلى تعيين مبعوث للقرن الإفريقي.
أما الآن وفي ظل الحرب بين موسكو وكييف، فإن الاهتمام الأمريكي سيتوسع ليشمل التصدي للنفوذ الدبلوماسي الروسي في المنطقة.
وذات المسعى تنشده فرنسا، التي تواجه منافسة روسية شرسة في منطقة نفوذها التقليدي بغرب إفريقيا، وتجلى ذلك بشكل كبير في مالي، كما عكست زيارة لافروف الأخيرة للكونغو برازافيل المستعمرة الفرنسية السابقة، على استمرار ذلك التنافس.
محفوظ ولد السالك كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية

spot_img