قبل ساعات أدلى رئيس الكونغو برازافيل دنيس ساسو نغيسو بصوته في انتخابات محلية وتشريعية، يسعى من خلالها إلى إبقاء حزبه “حزب العمل الكونغولي” في الصدارة، وهو الذي يمتلك 101 من أصل 151 عضوا في البرلمان منتهي الولاية التشريعية، ويرأس غالبية البلديات في البلاد.
هذه الانتخابات تأتي 16 شهرا بعد انتخاب ساسو نغيسو لولاية رابعة على رأس جمهورية الكونغو برازافيل، التي يحكمها منذ حوالي 38 عاما، وهو ما يمثل أقل بقليل من نصف عمره البالغ 79 سنة.
وتستمر الولاية الحالية للرئيس الكونغولي إلى غاية 2026، وحينها سيكون قد راكم نحو 42 سنة في السلطة، وقد يزيد ما بقي في العمر متسع، فالانقلابات الدستورية في إفريقيا، لا يضاهيها في السهولة إلا الانقلابات العسكرية، وساسو نغيسو أحد العارفين بذلك.
ويتساوى دنيس في نفس العمر، ونفس الفترة الرئاسية – لغاية الآن – مع الرئيس السابق لجمهورية أنغولا جوزي إدواردو دوس سانتوس، الذي توفي قبل أيام في إسبانيا بعد أسابيع من إصابته بسكتة قلبية.
الراحل دوس سانتوندس، حكم أنغولا من عام 1979 إلى غاية 2017، حيث أعلن عدم ترشحه للرئاسة بعد 38 عاما في السلطة، قاد خلالها البلاد نحو السلام، ولم يخرجها من دائرة الفقر، وإن أخرج أبناءه منه، حيث تصنف ابنته إزابيل دوس سانتوس، التي تولت لسنوات إدارة شركة النفط الوطنية الأنغولية “سونانغول”، كأغنى سيدة في القارة الإفريقية وتقدر ثروتها بنحو 2.4 مليار دولار.
ويبقى تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو رئيس غينيا الاستوائية، الذي يتولى نيابته في المنصب الرئاسي ابنه، أطول الرؤساء الأفارقة بقاء في الحكم، حيث يحكم المستعمرة الإسبانية السابقة منذ عام 1979.
وقد تعرض لمحاولة انقلابية عام 2018، سنتين بعد فوزه في انتخابات 2016 بأكثر من 90% من الأصوات، وقد مضت الآن على توليه الرئاسة 43 سنة، أي أكثر من نصف عمره البالغ 81 عاما.
ويأتي بعد أوبيانغ من حيث طول فترة الحكم في الجمهوريات الإفريقية، الرئيس الكاميروني الحالي بول بيا، خريج العلوم السياسية من باريس والذي يحكم بلاده منذ عام 1982، وقد انتخب سنة 2018 لولاية رئاسية سابعة.
ورغم مضي 4 عقود على توليه الرئاسة، فإن نسبة كبيرة من سكان الكاميرون البالغ عددهم 24 مليون نسمة، يعيشون في فقر مدقع، وذلك في ظل إنتاج البلاد للنفط والكاكاو، وتمتعها باستقرار اقتصادي نسبي.
ويسعى الرئيس الرواندي بول كاغامي، إلى البقاء في السلطة 4 عقود، فالرجل الذي يحكم رواندا منذ عام 2000، صرح لقناة فرنسية أنه يفكر في الترشح لمدة 20 عاما أخرى، مؤكدا أن لا مشكل لديه في ذلك لأن “الانتخابات تتعلق باختيار أشخاص”.
ويمتاز كاغامي عن غيره من رؤساء دول القارة الإفريقية، بكونه استطاع بناء نهضة اقتصادية وتنموية كبيرة في رواندا، ونهضت بذلك البلاد من تحت ركام الحرب الأهلية بين مكونتي “الهوتو” و”التوتسي”، وباتت في مصاف أسرع بلدان القارة نموا، وأقلها نسبة أمية.
وعلى درب النهوض، أطلقت رواندا عام 2019 من مركز “كوروا” للفضاء بفرنسا، أول قمر اصطناعي للاتصالات خاص بها.
لكن هذا البناء وهذه التنمية، يقابلهما تضييق في الحقوق والحريات، وتوجه نحو التكريس لنظام رئاسي مدى الحياة، فقد عدل كاغامي الدستور عام 2015، ما سمح له بالبقاء في السلطة إلى غاية 2034، ويبدو أنه قد يسعى للتمديد مجددا.
وهو بهذه الخطوة، سيكون استثناء في دول الجوار الرواندي، إلى جانب يوري موسيفيني الذي يحكم أوغندا منذ العام 1986، فيما عرفت بوروندي والكونغو الديمقراطية تبادلا ديمقراطيا على السلطة خلال السنوات الأخيرة، وتولت في تنزانيا سامية صلوحي الرئاسة، كأول سيدة رئيسة في تاريخ البلاد، وذلك بعد وفاة الرئيس جون ماغوفولي الذي كانت نائبته.
محفوظ ولد السالك كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية