spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

وساطة إفريقيا في الحرب الأوكرانية تسجيل موقف لا أكثر!

مع اقتراب دخول الحرب شهرها ال15، مخلفة تداعيات كبيرة على الصعيد العالمي بما في ذلك بلدان القارة الإفريقية، تستعد إفريقيا للدخول على خط الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، مستغلة تنافس الطرفين ضمن أطراف دولية أخرى عديدة عليها، بحثا عن سلام دائم لا تلوح له أي بوادر في الأفق حتى الآن.

وقد اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلنسكي على استقبال قادة مبادرة الوساطة، المنتظر أن يقودها مطلع يونيو المقبل رؤساء كل من زامبيا، والسنغال، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأوغندا، ومصر، إضافة إلى جنوب إفريقيا.

وتعتبر هذه البلدان مهمة بالنسبة للبلدين المتحاربين، فقد زار معظمها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي كثف حراكه الدبلوماسي في القارة الإفريقية منذ بدء حرب موسكو  وكييف في 24 فبراير 2022.

كما سبق أن زار بعض هذه البلدان التي تسعى للوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية، وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا خلال أول جولة إفريقية له في اكتوبر 2022.

ورغم الترحيب الذي تحظى به هذه المبادرة من طرف الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وأيضا الدول الغربية، عكس المبادرة الصينية، التي ينظر إليها الغرب وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية بمستوى كبير من الشك، إلا أن إفريقيا من الصعب أن تنجح في إنهاء هذه الحرب الطاحنة، ذلك أن القارة الإفريقية، لا تحظى بوزن وتأثير دوليين يؤهلانها لذلك.

ولكن الخطوة في حد ذاتها مهمة، وترفع عن عديد بلدان القارة حرج عدم التموقع في هذه الأزمة، وبالتالي التحرر من ضغط الطرفين وأطراف أخرى مختلفة، من أجل الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذلك.

كما أن التوقيت الذي تأتي فيه مبادرة الوساطة قد يعطيها زخما أكبر، حيث تستعد روسيا لتنظيم ثاني قمة مع إفريقيا شهر يوليو المقبل، بعد أشهر على عقد ثاني قمة أمريكية إفريقية، وهي الأولى في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.

وتشكل المبادرة الإفريقية، استمرارا لجهود القادة الأفارقة لإبراز حجم معاناة القارة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، حيث إن إفريقيا تستورد من البلدين نحو 85% من احتياجاتها من الحبوب، بل إن بعض البلدان كالصومال مثلا تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها المتعلقة بالقمح من الدولتين.

وسبق أن زار الرئيس السنغالي ماكي سال قبل أقل من سنة العاصمة موسكو، وكان حينها يرأس الاتحاد الإفريقي، وأكد لنظيره الروسي أن إفريقيا ضحية لحرب بلاده مع أوكرانيا، كما زار موسكو وكييف كذلك الرئيس البيساو غيني الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو” عمارو سيسوكو إمبالو لذات الغرض.

لكن المفارقة، أن إفريقيا تسعى للوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية البعيدة عنها جغرافيا، في الوقت الذي تتواصل فيه منذ أزيد من شهر الحرب في السودان، بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، مخلفة مئات القتلى وآلاف الجرحى، وأزيد من مليون نازح ولاجئ.

وكان الأجدر أن تنصب الجهود الإفريقية على حل الأزمة السودانية، أو على الأقل أن تحضر على أجندة الاهتمام على نحو ملموس، يتجاوز بيانات الشجب والتنديد، المختومة بالدعوة إلى وقف الاقتتال.

فما يجري في السودان يلقي بتداعيات على دول الجوار السبع، وينذر بأزمات واسعة بالقارة اقتصاديا واجتماعيا، وأمنيا وإنسانيا، ما لم يتوقف الطرفان عن الاقتتال.

فالمحادثات التي تستضيفها جدة بين ممثلين عن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، كان بالإمكان أن تستضيفها إحدى العواصم أو المدن الإفريقية، والرؤساء الستة الذين سيشدون الرحال إلى موسكو وكييف، كان بالإمكان أن يزوروا إحدى المدن السودانية، ويسعوا بشكل جدي لحقن دماء السودانيين، وإنقاذ سلة غذاء الوطن العربي والإفريقي كذلك.

محفوظ ولد السالك
كاتب صحفي متخصص في الشأن الإفريقي

spot_img