spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

“نصرة الإسلام” تبدأ التوسع في غرب القارة الإفريقية/ محفوظ ولد السالك

قبل أزيد من عام حذرت الاستخبارات الخارجية الفرنسية من أن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” بصدد التمدد والانتشار في المنطقة، وذلك بعد أن ظل نشاطها لسنوات محصورا في مالي.
وقبل هذا التحذير أعلن القائد السابق لقوة بارخان الجنرال مارك كونرويت، أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أن “نصرة الإسلام والمسلمين” تمثل “العدو الأخطر لقوة برخان وللقوات الدولية ولمالي”.
وقد اعتبر بعض البرلمانيين الفرنسيين حينها أن الأمر مبالغ فيه، لأن قمة سابقة انعقدت في يناير 2020 بمدينة “بو” الفرنسية بين الرئيس إيمانويل ماكرون وقادة دول الخمس في الساحل، صنفت تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى عدوا أول”.
اليوم وبعد أزيد من عامين على قمة “بو” وأكثر من عام ونصف على حديث الجنرال مارك كونرويت – الذي خلفه على رأس بارخان الجنرال لوران ميشون – تقلص نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، وتصاعد نشاط “نصرة الإسلام والمسلمين”، ليس داخل مالي فحسب وإنما خارجها أيضا.
ففي خطوة لافتة تبنت قبل يومين فقط جماعة إياد أغ غالي، الهجوم على القوات التوغولية، الذي وقع في 11 مايو الماضي في شمال التوغو، وأسفر عن مقتل 8 جنود توغوليين وإصابة 13 آخرين.
وهي المرة الأولى التي تنفذ فيها “نصرة الإسلام والمسلمين” هجوما في هذا البلد الذي يحد بوركينافاسو الجارة الجنوبية لمالي، ويطل على خليج غينيا الغني بالنفط والغاز.
والواضح أن هذا الهجوم الدامي يبعث برسالة صريحة إلى التوغو، فتنفيذه جاء أسبوعا بعد قبول رئيسها فور نياسينغبي الوساطة بين مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وبينها والمجتمع الدولي.
ولكن من رسائل الهجوم كذلك أن “نصرة الإسلام” بدأت التوسع في غرب القارة الإفريقية، ولعل أحد المؤشرات الدالة على ذلك، إعلان بوركينافاسو قبل أيام مقتل تيجان جبريل ديكو في غارة جوية شمال البلاد، وقدمته على أنه قائد لكتيبة تابعة لجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، وهو ما يعني أن الجماعة بدأت بشكل فعلي في التوسع بالغرب الإفريقي.
توسع تأخذه دولة بنين – الجارة الشرقية للتوغو، والجنوب الشرقية لبوركينافاسو – على محمل الجد، فقد أعلنت أنها ستسحب كتيبتها الموجودة في مالي ضمن قوات حفظ السلام الأممية، من أجل تعزيز قدراتها العسكرية الداخلية.
وينتظر أن يصل التهديد عددا آخر من دول غرب القارة الإفريقية، بل إنه لا يستبعد أن تكون هذه الجماعة قد نشرت كتائب على حدود بعض البلدان المطلة على خليج غينيا، في إطار استراتيجية التوسع التي يبدو أنها أصبحت تنتهجها.
فلدى الإعلان عن نشأتها في 2017، إثر اندماج 4 مجموعات مسلحة وهي “أنصار الدين”، و”كتائب ماسينا”، و”كتيبة المرابطون”، و”إمارة منطقة الصحراء الكبرى”، كان تركيز جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” منصبا على مالي فقط.
لكن عوامل أخرى ربما جعلت هذه الجماعة التي بايعت تنظيم القاعدة في وقت سابق، تفكر في التوسع والبحث عن النفوذ بالمنطقة، لعل أول تلك العوامل هو ملاحقة القوات الفرنسية في الساحل والغرب الإفريقي، ومن غير الخفي أن منطقة خليج غينيا هي وجهة انتشار قوات باريس وحلفائها الأوروبيين، بعد الاكتمال المرتقب لعملية الانسحاب من مالي.
أما العامل الثاني فهو تعزيز مصادر دخل هذه الجماعة، والذي تشير دراسة لمركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية إلى أنه يناهز “ما بين 18 و25 مليون دولار” سنويا، ويتم الحصول عليه عن طريق ما سمتها الدراسة “عمليات الابتزاز على الطرق التي تسيطر عليها” الجماعة، وأيضا من خلال “عمليات الخطف مقابل فديات”.
وثمة عامل ثالث، وهو السعي إلى عمليات اكتتاب جديدة في صفوف الجماعة، التي تشير بعض التقديرات إلى أن عدد مقاتليها يتجاوز الألف عنصر.

محفوظ ولد السالك
كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية

spot_img