spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

صراع البرهان وحميدتي.. ما السبيل إلى إسكات الرصاص؟

مع دخول الصراع العسكري في السودان بين القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع يومه الثاني، مخلفات عشرات القتلى المدنيين والعسكريين، ومئات الجرحى، تتكثف الوساطات من أجل احتواء الوضع، والبحث عن حلول سلمية عبر الركون إلى الحوار.

ومن ضمن الوساطات التي برزت خلال الساعات الأخيرة، دخول الأمم المتحدة على الخط، وإعلانها التوصل لموافقة الطرفين على فتح مسارات آمنة للحالات الإنسانية لثلاث ساعات.

كما أعلن الاتحاد الإفريقي عن التوجه الفوري لرئيس مفوضيته تشادي موسى فقي محمد إلى الخرطوم، لبحث فرص التهدئة، والتسوية السلمية للأزمة.

كما عرض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس جنوب السودان سلفا كير الوساطة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.

وعلى الصعيد الدولي توالت الدعوات إلى وقف إطلاق النار، والبحث عن حلول سلمية للأزمة التي تعيشها البلاد عمليا منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر حسن البشير عام 2019 بعد 3 عقود من الحكم، شهد العقد والنصف الأخير منها تأسيس ما سيصبح لاحقا “قوات الدعم السريع” التي تعد الآن طرفا رئيسيا في الأزمة.

لقد ظهرت هذه القوات التي يقدر عددها الآن بنحو 100 ألف مقاتل، عام 2003 بإقليم دارفور، وعرفت حينها بمليشيات “الجنجويد” حيث استخدمها نظام البشير في حسم المعارك ضد الحركات المسلحة.
وفي سنة 2013، انتقلت هذه القوات من مرحلة المليشيات إلى الدعم السريع، وبعد 4 سنوات أجاز البرلمان السوداني قانونا خاصا يمنحها صفة قوة أمن مستقلة.

وقد شاركت هذه القوات عام 2019 في الإطاحة بالبشير، ووقع قائدها محمد حمدان دقلو المعروف باحميدتي اتفاقا لتقاسم السلطة، جعله نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم.

كما شاركت قوات الدعم السريع في الانقلاب العسكري على المكون المدني في الحكومة الانتقالية شهر اكتوبر 2021، وهو ما عطل الانتقال إلى إجراء انتخابات.

لكن التحول المفاجئ للأحداث ومساراتها بدأ في العام 2022، حيث تزايدت مطالبات الجيش السوداني والجماعات المناصرة للديمقراطية، بدمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش.

وباتت المفاوضات بهذا الشأن مصدر توتر تسبب في تأجيل توقيع كان مقررا الشهر الجاري لمرتين، قبل أن تتطور الأمور من السجال السياسي بين قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، إلى التوتر العسكري والاشتباكات المباشرة بين قواتهما.

وأمام ذلك، تبدو فرص التعاطي مع مختلف الوساطات ضعيفة، ذلك أن إعلان الخرطوم اليوم في الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية، أن ما يحدث في السودان شأن داخلي، ويتعين على السودانيين إيجاد تسوية لنزاعهم بعيدا عن التدخلات الدولية، سيكون الموقف الذي تواجه به البلاد مختلف الوساطات الإقليمية والدولية.

ومع ذلك فإن بعض ظلال الدعم الخارجي لصالح الطرفين المتصارعين في السودان لا تبدو خفية، فاحميدتي يحظى بدعم من الإمارات وروسيا، والبرهان مدعوم من مصر والسعودية، فيما تبدو المواقف الأوروبية والغربية أكثر تحفظا وضبابية، ربما في انتظار انقشاع المعركة، أما الآن فتكتفي بالدعوة للتفاوض السلمي.

وقد عكست بعض الأحداث التي حصلت أمس جانبا من الاصطفاف الخارجي العربي لصالح هذا الطرف أو ذلك، فهجوم قوات الدعم السريع على طائرة سعودية في مطار الخرطوم، واعتقالها في هجوم آخر على مطار مروي جنودا مصريين، يؤكد هذا الجانب.

وإذا كانت الوساطات الخارجية غير مرحب بها في السودان، فإن ركون الأطراف إلى التفاوض وإيجاد حل سوداني سوداني لأزمة البلاد، لن يكون من السهل حصوله، في ظل تمسك البرهان وحميدتي بموقفيهما، الأول يريد إحكام السيطرة على كل مقرات ونقاط وجود قوات الدعم السريع ونزع سلاحها بعد إعلانه حلها النهائي، والثاني لا يرضى بسوى السيطرة على مختلف مفاصل الدولة والإطاحة بالبرهان وبنظامه.

وفي الاتجاه الآخر، قد لا يقبل المدنيون ممثلين في الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والحقوقية، بأقل من ابتعاد العسكريين عن السلطة.. فهل إلى خروج من سبيل؟

محفوظ ولد السالك/ كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية

spot_img