spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

رهانات وتحديات غزالي عثماني في رئاسة الاتحاد الإفريقي

دشن الاتحاد الإفريقي مرحلة جديدة من مساره السياسي، باختيار رئيس دولة جزر القمر غزالي عثماني رئيسا جديدا له، خلفا للرئيس السنغالي ماكي سال.
وهذه هي المرة الأولى التي تتولى فيها جزر القمر – الأرخبيل الصغير الواقع في المحيط الهندي – رئاسة الاتحاد الإفريقي منذ تأسيسه عام 2002 كوريث شرعي لمنظمة الوحدة الإفريقية.
وتأتي رئاسة غزالي عثماني للاتحاد الإفريقي، في ظل أزمات معقدة إقليميا ودوليا، ما يجعل حاجته كبيرة إلى دعم واسع من مختلف القوى الإفريقية، نظرا لضعف الوزن الدبلوماسي لجزر القمر، البلد الفقير البالغ تعداده السكاني نحو 900 ألف نسمة.
ويتولى غزالي عثماني الذي درس بالمدرسة الحربية بباريس عامي 1985-1986، وتربط بلاده علاقات جيدة بفرنسا التي استقلت عنها عام 1975، رئاسة الاتحاد الإفريقي في ظل تراجع فرنسي ملحوظ في مناطق نفوذه التقليدية، مقابل تزايد الحضور الروسي.
وبالتالي فإن ملف العلاقات الخارجية للاتحاد خلال الفترة المقبلة، سيحدد طبيعة رؤية الرئيس الجديد للشراكات مع مختلف القوى الدولية التقليدي منها والحديث.
وقد أكد غزالي عثماني وهو رئيس سابق لأركان الجيش، في خطاب بمناسبة توليه رئاسة الاتحاد، أن القارة الإفريقية تشهد أعمال عنف لا تقل خطورة عن الأزمة الروسية الأوكرانية، مبرزا أن إشكال الأمن سيشكل إحدى الأولويات خلال ولايته الرئاسية، ومعروف أن المجال الأمني يشكل مدخلا رئيسيا للتنافس الدولي على إفريقيا.
وعدد الرئيس القمري – الذي أجرى انتخابات مبكرة عام 2019 وفاز فيها، ويسعى للترشح لانتخابات 2024 – من ضمن التحديات التي تواجه إفريقيا، تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية خصوصا فيما يتعلق بالإمداد الغذائي.
وبخلفيته كمزارع سابق، قد يبدأ غزالي عثماني من حيث انتهى سلفه ماكي صال، الذي سعى لحل الإشكال الغذائي، من خلال استضافة بلاده مؤخرا قمة حول السيادة الغذائية بالقارة، خرجت بجملة توصيات من أجل أن توفر إفريقيا ذاتيا احتياجاتها من الغذاء.
كما شكل الأمن الغذائي ملفا رئيسيا على طاولة نقاش القمة الإفريقية، ذلك أن ملايين الأفارقة باتوا مهددين بمجاعة ماحقة وأعداد كبيرة منهم أصبحت على حافة الفقر المدقع، ما يهدد بوقوع أزمات إنسانية كبيرة.
وينضاف للملفات السابقة التي تصنف ضمن خانة المخاطر، والتي ستضع طبيعة التعاطي معها سياسة ورؤية غزالي عثماني على المحك، ملف تسريع وتيرة تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، الذي اتخذت منه القمة الأخيرة شعارا لها، ذلك أن تداعيات الجائحة الصحية، والحرب الروسية الأوكرانية، حالتا بشكل كبير دون تفعيل المنطقة الواعدة.
واليوم بات تفعيلها أولوية، من أجل النهوض بالنمو الاقتصادي الإفريقي، الذي لم تتجاوز نسبته 3% منذ عام 2020، وتعزيز البعد التنموي، إذ أن ضعف التنمية والبنية التحتية بشكل عام، يفوت على إفريقيا الكثير من الفرص الاستثمارية.
وتشمل قائمة رهانات وتحديات غزالي كذلك المحور الدبلوماسي، فمسألة الديون الخارجية تشكل تحديا كبيرا بالنسبة لإفريقيا، وتعتبر إدارتها على نحو مجد أولوية رئيسية للقارة، خصوصا في السياق الحالي الذي يشهد إقبالا دوليا على إفريقيا بحثا عن الغاز، أو الاستثمار في بعض المجالات التي تعتبر إفريقيا غنية بها.
وفي المجال الدبلوماسي أيضا، سيكون مهما لغزالي أن ينجح خلال ولايته الرئاسية في حصول إفريقيا على عضوية مجموعة العشرين، وأن يتوسع تمثيلها على مستوى مجلس الأمن الدولي، وهما ملفان يحظيان ببعض الدعم الدولي، لكن كسب رهانهما يحتاج جهدا أكبر.
وبالمقابل وعلى صعيد جزر القمر، فإن البلاد ينتظر أن تحقق مكاسب دبلوماسية، وأن تشهد اهتماما إقليميا ودوليا أكبر خلال تولي غزالي عثماني رئاسة الاتحاد الإفريقي، حيث ستستقبل باستمرار القادة والمسؤولين الأفارقة والدوليين، ما قد يتيح لها بناء شراكات تساهم في النهوض بأوضاعها، وتعزز تموقعها على خارطة الحضور والفاعلية.
محفوظ ولد السالك: كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية

spot_img