spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

تشريعيات السنغال.. وامتحان ماكي سال الصعب/ محفوظ ولد السالك

ليست انتخابات عادية، تلك التي دعي لها اليوم أزيد من 6 ملايين ناخب في السنغال، لانتخاب 165 عضوا بالمؤسسة التشريعية لولاية من 5 سنوات، فالاقتراع التشريعي الرابع عشر في تاريخ البلاد يختلف هذه المرة.
لقد أدلى السنغاليون بأصواتهم اليوم، وهم على بعد أقل من عامين من موعد انتخابات رئاسية، لا يسمح دستور البلاد للرئيس الحالي بالتنافس فيها بحثا عن ولاية ثالثة، وسط مخاوف تساور الطرف المعارض من إقدام ماكي سال على إجراء تعديل دستوري على غرار سلفه عبد الله واد.
ولعل هذا الأفق الرئاسي المعتم، ما يجعل هذه التشريعيات بمثابة استفتاء غير مباشر للولاية الثالثة للرئيس سال، فنسبة المشاركة، والنتائج على مستوى المدن المفاتيح، مؤشرات ستبعث برسائل إلى الرئيس، وستعكس كذلك شعبية مختلف الكتل السياسية في البلاد قبل الرئاسيات.
ورغم أن الانتخابات المحلية التي أجريت مارس الماضي، كان الحسم فيها لصالح تحالف ماكي سال، فإن المعارضة انتصرت في بعض المدن الكبرى كداكار، وزيغنشور.
وهذا ما جعل زعيم المعارضة عثمان سونكو الذي حل ثالثا في رئاسيات 2019، يقول إن ماكي سال إذا خسر هذه الانتخابات التشريعية، فإنه “لن يتحدث قط عن ولاية ثالثة”.
ومن الواضح أن ماكي سال نفسه لا يخفي تعويله على هذه التشريعيات من أجل الحسم في الموقف النهائي بشأن استحقاقات 2024، ففي حوار أجرته معه نهاية مايو الماضي مجلة “جون أفريك” الفرنسية، قال ردا على سؤال حول ما إذا كان سيترشح لولاية ثالثة إنه سيجيب على ذلك بعد الانتخابات التشريعية “فحينها سيحين الوقت لتحديد مسار عام 2024”.
وعلى الرغم من أن التعديل الدستوري لعام 2016، يحدد عدد الولايات الرئاسية في اثنتين فقط، إلا أن بعض المؤيدين للرئيس من القانونيين والخبراء الدستوريين – وعلى غرار ما يحصل في عديد البلدان الإفريقية عند نهاية الولاية الدستورية للرؤساء – يرون أن التعديل يعيد عداد الولايات الرئاسية للصفر، ما يعني أن ماكي سال، بإمكانه الترشح لولاية ثالثة، كما أفتى بذلك نظراء الخبراء السنغاليين، في موريتانيا قبل رئاسيات 2019.
وفي الواقع فإن أمام ماكي سال تجارب عديدة يمكنه القياس عليها والاستئناس بها، فإذا هو قرر الترشح، فإن له عبرة في تجربة الرئيس السابق عبد الله واد عام 2012، فحين عدل الدستور وترشح لولاية ثالثة، كان من نتائج ذلك أن اختار السنغاليون سال خلال الدورة الثانية.
كما أن كلفة الولاية الثالثة قد تكون باهظة على غرار ما حصل في غينيا كوناكري وكوت ديفوار، حيث سقط مئات القتلى والجرحى، ودخل البلدان في أزمة سياسية، كان من نتائجها في غينيا الإطاحة بألفا كوندي عبر انقلاب عسكري، وفي كوت ديفوار يوشك عامان من ولاية الحسن واتارا المثيرة للجدل على الانتهاء، والأزمة تلقي بظلالها، رغم محاولاته تجاوزها، من خلال عقده حوارا سياسيا، واستقباله مؤخرا الرئيس الأسبق هنري كونان بيديي، والرئيس السابق لوران غباغبو.
والأرجح أن واتارا قد يلاحق بشأن قضية ضحايا الانتخابات بعد خروجه من السلطة، ما يعني استمرار الأزمة قبل وأثناء وبعد الولاية الثالثة.
وإذا آثر ماكي سال تجنب سيناريو واد وكوندي وواتارا، واحترم مقتضيات الدستور، فإنه سيقدم مثالا ديمقراطيا، يبقي السنغال استثناء في المنطقة، ولكنه قد يخشى بالمقابل من أن يكرر سيناريو الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز فيجد نفسه أمام المحاكم، فالمعارض الشرس عثمان سونكو المرشح بقوة للظفر بالرئاسة في 2024، أصدر في يناير 2018 كتابا بعنوان: “البترول والغاز في السنغال. النهب المزمن”، اتهم فيه بشكل مباشر الرئيس سال ومحيطه ب”سوء إدارة الموارد الطبيعية” للبلاد، ما يعني أن ملاحقته من طرفه في حال فوزه واردة بشكل كبير.
وهكذا فإن كل الخيارات الماثلة تجعل ماكي سال أمام امتحان صعب، فلا الترشح لولاية ثالثة مضمون النتائج، ولا خيار الخروج من السلطة مأمون العواقب.
محفوظ ولد السالك كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية

spot_img