spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

الجوار السوداني.. كيف يتأثر بالمعارك في الخرطوم؟

مع دخول الاقتتال الدائر في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع أسبوعه الثاني، دون ظهور بوادر جدية للتسوية، وشروع عديد الدول في إجلاء رعاياها، وتوجه بعضها نحو إغلاق ممثلياته الدبلوماسية، تتزايد المخاوف بشأن خروج الأزمة السودانية عن السيطرة، وتداعياتها على المحيط الإقليمي.
ولعل بعض البلدان المجاورة أدركت مبكرا خطر الوضع في السودان، وإمكانية تمدده نحوها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما هو حال دولة تشاد التي بادرت منذ الوهلة الأولى إلى إغلاق حدودها مع الخرطوم، ودعت طرفي النزاع ممثلين في قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، ونائبه زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي، إلى وقف الأعمال العدائية، والتوجه نحو الحوار والتفاوض.
وقد استقبلت تشاد مع ذلك آلاف المدنيين السودانيين الفارين من جحيم حرب “الإخوة الأعداء”، كما استقبلت المئات من عناصر الجيش، سلموا لها سلاحهم، وآوتهم.
ومن المعروف أن البلدين اللذين يتقاسمان حدودا بطول 1350 كيلومتر، بينهما تاريخ طويل من العلاقات المضطربة وتبادل دعم الجماعات المعارضة في كل بلد.
كما أن الارتباطات القبلية بين البلدين، قد تنذر بمزيد من الخطر إزاء تداعيات تطورات الوضع السوداني المفتوح على كل الاحتمالات.
وإلى جانب تشاد، كانت مصر من أول دول المنطقة التي اهتمت بالشأن السوداني وتفاعلت معه على نحو سريع، ذلك أن لها جالية في البلاد تزيد على 10 آلاف شخص، وحين اندلعت المعارك كان يوجد لها جنود في مروي، لتدريب جيش السودان.
وقد تواصلت مصر مع البرهان ودقلو، محاولة الضغط من أجل احتواء الموقف، لكنها مع ذلك لا يتوقع أن تقف مكتوفة الأيدي، إذا ما تعرض الجيش السوداني للهزيمة، فالقاهرة ترتبط بعلاقات وثيقة مع الخرطوم، وتعتبر عبد الفتاح البرهان حليفا لها ضد إثيوبيا، فيما تعلق بمياه نهر النيل، ومشروع سد النهضة.
وقد تكون التداعيات أكبر على جنوب السودان، التي انفصلت عام 2011، واستحوذت على 75% من موارد الخرطوم النفطية، ذلك أن التداخلات القبلية والاجتماعية معها أكبر، سواء على مستوى عناصر الجيش، أو قوات الدعم السريع. وبالنسبة لليبيا الجارة الشمالية الغربية للسودان، تبدو الخشية إزاءها أكبر بعد الحديث عن إمداد رجل الشرق القوي اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قوات الدعم السريع بالسلاح رغم نفيه ذلك، وإعلانه الاستعداد للوساطة بين الطرفين السودانيين.
لكن من غير المستبعد أن تتأثر ليبيا بالصراع بشكل أو بآخر، فبعض داعمي حفتر يدعمون كذلك حميدتي تمويلا وسلاحا، من أجل قطع الطريق أمام وصول الإسلاميين إلى السلطة.
وبخصوص الجار الإثيوبي، فإن العلاقة بين أديس أبابا والخرطوم، يسودها هدوء حذر، بالنظر للنزاع بينهما منذ عقود حول منطقة الفشقة الحدودية الخصبة، ومن حين لآخر تحصل نزاعات بين جيشي البلدين.
ومع ذلك فإن دولة السودان استقبلت عشرات آلاف اللاجئين الإثيوبيين خلال الحرب الداخلية التي استمرت زهاء عامين بين قوات أديس أبابا، وقوات إقليم تيغراي.
وقبل أيام تم تداول أنباء بشأن توغل قوات إثيوبية داخل الأراضي السودانية، سارع مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى نفيها، لكن من الواضح أن علاقات البلدين هشة، وأن تداعيات الاقتتال السوداني قد تصل شظاياها الأراضي الإثيوبية.
وبخصوص إريتريا، فإن حدودها مع السودان تمتد على أزيد من 600 كيلومتر، وولايات الشرق السوداني يوجد بها أكثر من 123 ألف لاجئ إريتري، وإذا ما توسع نطاق المعارك من الخرطوم باتجاه هذه المناطق، فإن تضرر أسمرة سيكون كبيرا.
وأما بالنسبة لإفريقيا الوسطى التي تحد السودان من الجنوب الغربي، فإنه قبل أزيد من عقد كانت تنشط جماعات مسلحة على حدود البلدين، مشكلة تهديدا لأمنهما واستقرارهما، وهو ما دفعهما لتشكيل قوة ثلاثية مشتركة مع تشاد سنة 2012، بهدف تأمين الحدود بين دول الجوار الثلاثة.
وكانت الخرطوم قد استضافت سنة 2019 اتفاق سلام، وقعته حكومة بانغي و14 حركة مسلحة، وتضمن تقسيم السلطة والثروة، وترسيخ الحكم اللامركزي، وإعادة هيكلة القوات الحكومية.
وبالتالي فإن إفريقيا الوسطى، وعلى غرار باقي دول الجوار السوداني، تؤثر وتتأثر بما يجري في الخرطوم، وأي خطوة باتجاه التصعيد، أو طول استمرار المعارك، يثير مخاوفها بشكل كبير.
محفوظ ولد السالك
كاتب صحفي متخصص في الشأن الإفريقي

spot_img