اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

عن أي تعديل جيوستراتيجي يتحدث ولد مرزوك؟

قال وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك إن العام الحالي سيحمل تعديلا عميقا على المستوى الجيوستراتيجي.

ولد مرزوك أكد في خرجته الجديدة التي جاءت من بوابة صفحته على تويتر أن لا أحد يستطيع توقع ما سيحدث مستقبلا.

وطالب ولد مرزوك ضمنيا القائمين على الأمور بالاستعداد الجيد لما أسماه بالاضطرابات المحتملة.

في 31 من مارس الماضي أحيل ولد مرزوك الحاصل دكتوراه في الجيوفيزياء، أي “علم طبيعة الأرض” أو بصيغة أخرى “علم دراسة طبقات الأرض الباطنية” أحيل في آخر لحظة إلى منصب وزير الخارجية، قادما من وزارة الداخلية بعد ما قيل إنها مغاضبة قام بها بعد إبلاغه بقرار إبعاده من التشكلة الوزارية، استلم الرجل دفة وزارة الخارجية في وضعية جيوسياسية معقدة إقليميا، ودوليا، ووفق مصدر في الخارجية فقد انعكس مزاج الرجل لحظة تسلمه للمنصب، على أداء القطاع بصفة عامة، حيث اكتفى بالتفرج على أحداث لها بعدها الاستراتيجي، وفقد روح المبادرة، مكتفيا بزيارات بروتوكولية، مبرمجة مسبقا بحسب طبيعتها التي تفرض مشاركة البلاد فيها.

وحسب المصدر الذي فضل حجب هويته فقد شكل رفض السفارة الأمريكية منح تأشيرة للوزير بعد تلقيه دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر تنظمه وزارة الخارجية الأمريكية في نيويورك، لحظة صعبة في حياة الرجل انعكست هي الأخرى على نظرته للقطاع، وتحدث المصدر عن ردة فعل لم تكن دبلوماسية اتجاه السفارة الأمريكية في نواكشوط.

أمور كثيرة متتالية واجهت ولد مرزوك منذ اللحظة الأولى لتسلمه وزارة الخارجية جعلته ينظر للتحديات التقليدية التي تواجه وزراء الخارجية بعين غير دبلوماسية، فالرجل الذي تحدثت مصادر مدار عن مغادرته للمنصب في تعديل تم تأجيله مرتين، بات يركز في خرجاته على ما يبرز مكانته السياسية بعد ما أبعده التقرير المسرب عن وزارة الداخلية.

يشير أغلب المراقبين إلى أن الدبلوماسية الموريتانية تفتقد لكثير من التركيز بفعل الممسكين المباشرين، ورغم التعليمات والجهود التي يبذلها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للدفع بالقطاع نحو لعب ادواره المحورية، فقد شهد خلال الأشهر الأخيرة تراجعا كبيرا، وتفرجا غريبا على الأحداث المضطربة التي تحيط بالبلد، وحدها زيارة يتيمة إلى باماكو بأمر مباشر من رئيس الجمهورية بعد إعلان جمهورية مالي الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس، لم يتسرب عنها الكثير، وباتت طي النسيان بعد تحرك دبلوماسي معلن من طرف الدولة التشادية، مدعوما من رجل المجموعة القوي محمد بازوم، فعين المسؤول الأول في الدبلوماسية الموريتانية تتجه لضرورة التركيز على تحسين الظروف، أو المحافظة على ما هو قائم، حتى نتجنب الاضطرابات المحتملة، صعبة التوقع في الآن ذات، وفق تعبيره.

لم تحدد موريتانيا حتى الآن ما تريد في ظل صراع معلن بين الروس والغرب في محيطها الضيق، وبات واضحا أن أعين الكبار اتجهت نحو النيجر والسنغال بعد المغرب والجزائر، فأصبحت سماء نواكشوط مجرد معبر لطائرات الوفود العالمية المتجهة إلى داكار والجزائر، ومالي، والمغرب، وكأن البلاد مجرد نقطة عمياء في جوف الصحراء.

حتى زيارة المستشار السياسي لوزير الخارجية الأمريكي التي راهن عليها ولد مرزوك كإنجاز شخصي ضاعت – كباقي الفرص الدبلوماسية المتاحة- في الطريق بين داكار ونواكشوط!!

المصالح الموريتانية في صف من؟

يرى أغلب المراقبين أن التفرج في الدبلوماسية هو أسوا خيار تتخذ الدول، والحياد بطبعه ضعف، وإن كان ما يسمى بالحياد الإيجابي في مسألة الصحراء مفيدا من وجهة نظر البعض للبلد، فإن التساؤل مشروعا حول ما إذا كان ذلك خيارا سليما في بيئة دولية يطبعها الاستقطاب.

يرى أغلب المراقبين أن موريتانيا حسمت أمرها في الأشهر الأخيرة وقررت البقاء تحت مظلة فرنسا في المنطقة، وهو ما حد من قدرتها على المناورة ولعب أدوار محورية في الأزمات التي عرفتها دول الساحل الخمس، وخاصة دولة مالي التي قرر الضباط فيها طرد فرنسا من أراضيهم، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول جدوى البقاء ضمن أجندة فرنسا في منطقة باتت تتراجع فيها أمام الزحف الروسي الأمريكي عليها.

فهل غرد ولد مرزوك بعين وزير الخارجية الموريتاني؟
أم بعين الباحث عن البقاء في التشكيلة الحكومية؟

spot_img