اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

ديوماي فاي وسونكو في السنغال.. هل تشهد إفريقيا نماذج مماثلة؟

بعد فوز بصيرو ديوماي فاي بالرئاسة السنغالية، كمرشح بديل لحزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف اختصارا بـ”باستيف” عن عثمان سونكو، توالت خطوات في بعض بلدان القارة، تعكس مساعي بعض القيادات الشبابية الإفريقية، إلى تقفي أثر هذه التجربة.
ففي جمهورية كوت ديفوار، بات مسموحا لرئيس الوزراء الأسبق غيوم سورو المقيم بالمنفى منذ زهاء 5 سنوات، العودة إلى البلاد، بعد اتصال هاتفي جرى بينه والرئيس الإيفواري الحسن واتارا في بادرة تهدئة سياسية، اتخذها الرئيس الذي يسعى لمغادرة السلطة في 2025.
ولم يخف غيوم سورو نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو الذي تعرض لمضايقة واسعة من طرف نظام واتارا، وصدرت في حقه مذكرة اعتقال، واعتقل مقربون منه.
وقد اعتبر سورو في رسالة تهنئة للرئيس السنغالي الجديد، أن فوز ديوماي فاي “يرمز إلى انتصار الأمل على التنازل، والديمقراطية على الاستبداد”، وأن التزامه “بالعدالة والديمقراطية يشكل مصدر إلهام لنا جميعا”.
وقال غيوم سورو إن فوز بصيرو هو نتاج “تصميمه والتزامه بالعدالة والديمقراطية، رغم العقبات والمحاكمات، بما في ذلك الاعتقال”، مضيفا أنه ظل “حازما، جنبا إلى جنب مع صديقه ورفيقه عثمان سونكو، في كفاحهما المشترك من أجل سنغال أكثر عدلا وإنصافا وشمولا”.
وفي الكاميرون التي يحكمها بول بيا منذ العام 1982، أعلن مؤخرا النائب البرلماني نارسيس نغانشوب تأسيس حزب “باكتيف” وهو حزب سياسي يستمد اسمه ومشروعه السياسي من حزب “باستيف” السنغالي.
وأعلن مؤسس الحزب الشاب نارسيس الاستقالة من حزب اتحاد الحركات الاشتراكية الكاميرونية الذي كان ينشط فيه منذ العام 2012، معتبرا في تغريدة له أن “باستيف السنغالي” أرشده إلى الطريق الصحيح، مضيفا أنه مسرور باتخاذه مثالا، وأن “المثال لا يجب أن يكون دائما غربيا”.
ويسعى نارسيس أن يشكل نواة قوية لمناهضة حكم بول بيا، وإزاحته من السلطة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ورغم البون الشاسع بين الكاميرون والسنغال في الجانب الديمقراطي، إلا أن فوز بصيرو فاي أحيى أملا بأن التغيير ليس مستحيلا، وأن الطريق نحو تحقيقه صعب، ولكن بالصبر والثبات يصل سالكه يوما ما إلى مبتغاه.
إن القارة الإفريقية الآن وبالأخص منطقة الساحل والغرب الإفريقي تعيش نوعين من التغيير، أحدهما عسكري جاء أصحابه بالقوة وأزاحوا رؤساء منتخبين، رافعين شعار السيادة، والقطيعة مع المستعمر السابق فرنسا، وإبداله بشريك جديد هو روسيا، وهذا حصل في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
أما التغيير الثاني فهو الذي حصل في السنغال بطريقة ديمقراطية، فالرئيس المنتخب خرج قبل أقل من أسبوعين على انتخابه، من السجن رفقة رئيس وزرائه، الذي هو رئيسه في حزبهما الذي أسساه مع آخرين عام 2014.
ويتقاطع المثالان الانقلابي والديمقراطي في جوانب عدة، بينها ضرورة احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتحقيق تكامل اقتصادي إقليمي…
ولكنهما بالمقابل يتمايزان في جوانب أخرى، فالرئيس السنغالي الجديد لا يسعى لطرد فرنسا، ولكنه ليس منغلقا أمام الشراكة مع روسيا وغيرها من الأطراف الدولية الأخرى، فهو يميل إلى الانفتاح على تعدد الشراكات.
كما أن بصيرو فاي لا يسعى لإلغاء الاتفاقيات مع الشركاء الغربيين، كما فعل رؤساء مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وإنما يتطلع إلى مراجعة بعضها.
ومن الواضح أن المثال السنغالي أكثر عقلانية وديمقراطية، وهو بالتالي الأجدر بأن يحتذى، لأنه يعزز عملية البناء، ويجذر احترام المؤسسية، والثقة في صناديق الاقتراع باعتبارها الطريق الوحيد الموصل إلى سدة الحكم.
وتلك مقومات من ضمن أخرى عديدة، تحتاجها القارة الإفريقية، لتقطع الطريق أمام ظاهرتي الانقلابات العسكرية، وطول مكوث الرؤساء في السلطة والتلاعب بالدساتير.

spot_img