قالت صحيفة لوموند الفرنسية، إن تصاعدا غير مسبوق رصد مؤخرا في استخدام الجماعات المسلحة للطائرات المسيّرة في منطقة الساحل، لاسيما من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، التابعة لتنظيم القاعدة.
ووثق التقرير الذي أعده مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بالمغرب، وثّق أزيد من 30 هجومًا مؤكّدًا باستخدام هذه الطائرات منذ سبتمبر 2023، نُفذ 82% منها بين مارس ويونيو 2025.
وأضاف التقرير ، أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ، استخدمت في هجومها الذي استهدف قاعدة بوليكسي العسكرية في مالي مطلع يونيو الماضي، طائرات مسيّرة لإلقاء متفجرات وأعلنت أنها قتلت أكثر من 100 جندي مالي.
وأفاد التقرير الذي نشرته لوموند أمس الجمعة بأن هذه الطائرات، التي كانت تستخدم سابقًا لأغراض الاستطلاع وجمع المعلومات، أصبحت اليوم سلاحا مباشرا في المعركة.
وبحسب التقرير فقد شنّت الجماعة في سبتمبر الماضي أول هجوم مسلّح بطائرة مسيّرة محلية الصنع، عبر إسقاط عبوتين ناسفتين على مواقع ميليشيا “دان نا أمباساغو” وسط مالي.
وأوضحت الصحيفة أن الجماعة تعتمد على طائرات تجارية زهيدة الثمن من نوع DJI الصينية، تباع في متاجر باماكو وواغادوغو مقابل ما بين 300 و500 يورو، ثم تُحوّل إلى طائرات هجومية تحمل متفجرات مرتجلة تُفعل عن بعد باستخدام الهاتف المحمول.
كما سلط التقرير الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تطوير تلك القدرات، حيث يتيح للمقاتلين تعديل برمجيات الطائرات بسهولة، وضبط مساراتها، وتجاوز الأعطال التقنية، وكل ذلك من خلال أدوات يمكن نقلها عبر ذاكرة USB.
وأكد الباحث رضا اليموري، المشارك في إعداد التقرير، أن جماعة نصرة الإسلام استلهمت هذا النهج من نموذج الحرب منخفضة التكلفة بالطائرات المسيّرة في أوكرانيا، حيث تُستخدم تقنيات مشابهة. ولفت التقرير إلى تعاون أوكراني غير مباشر مع متمردي “جبهة تحرير أزواد” الذين يقاتلون الجيش المالي والقوات الروسية التابعة لـ”فيلق إفريقيا” (الاسم الجديد لفاغنر)، وهو ما أسهم في تطوير هذه الخبرات.
وأوضحت الصحيفة أن الطائرات المسيّرة أضحت أداة دعائية أيضًا، حيث تحاكي الجماعات المسلحة أسلوب الجيوش النظامية، بنشر تسجيلات مصورة لهجماتها على شبكات التواصل الاجتماعي لإظهار القوة والتأثير.
وذكرت الصحيفة، أن مالي وبوركينا فاسو تمتلكان معًا أقل من 20 طائرة بيرقدار TB2 التركية الصنع، التي تبلغ كلفة الواحدة منها 4.6 مليون يورو. ورغم فعاليتها في تنفيذ الضربات الدقيقة، إلا أن الأثر النفسي للطائرات المسيّرة التي تستخدمها الجماعات المسلحة لا يقل خطرًا، خصوصًا في ظل تكثيف نشر المقاطع المصورة بعد كل عملية.
وحذرت الصيحفة في ختام تقريرها من توسّع هذه الظاهرة لتشمل دولًا مجاورة مثل بنين وتوغو، حيث تنشط الجماعة بالفعل.
وأكد رضا اليموري أن تهديد الطائرات المسيّرة لم يعد محصورًا في ثلاثي تحالف دول الساحل، بل بات مرشحًا للانتشار في الساحل الغربي عمومًا، في ظل سهولة الحصول على هذه التكنولوجيا وتبادل تقنياتها بين الجماعات المسلحة في المنطقة.