اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

الفساد يهدر موارد صندوق كورونا في موريتانيا – محمد فال محمدن

بحسب تقرير محكمة الحسابات الذي نشر في شهر مارس 2022 وصلت مداخيل الصندوق الخاص التضامن ومكافحة كورونا في موريتانيا “في شهر فبراير من عام 2021 إلى أكثر من 62 مليار أوقية قديمة، صرفت منها 41 في المائة، أغلبها وجه إلى دعم قطاعات الصحة (33 %) والفئات الهشة عبر مندوبية تآزر (28 %) والإعفاءات الضريبية (21 %).
وأشارت المحكمة إلى أنها لم تتوصل لأوصال استلام عدد من المرضى المستفيدين من برنامج الدعم الاجتماعي الذي نفذته وزارة الشؤون الاجتماعية لصالح المرضى المصابين بالكلي وبعض الأمراض المزمنة والبالغ 18 مليون أوقية.
ونقلت المحكمة عن الأمين العام السابق لوزارة العمل الاجتماعي، تأكيده لتحويل المساعدات لحسابات في موريبوصت خاصة بالمرضى، ورغم أن المفتشية اعترفت أن موريبوصت زودتها باللوائح إلا أن المحكمة تمسكت بشكوكها حول وجود اللوائح أصلا.
واعتبر تقرير المحكمة أن المبالغ والدعم الذي حصل عليه مسيرو محطات ضخ المياه في الداخل “غير شرعي”، نظرا لغياب العقود والفواتير لدى محاطتهم، إضافة إلى بعض حالات “نفخ الفواتير والمتمثلة في اختلاف التعريفة السعرية عن تلك المحددة في العقود
ونشرت محكمة الحسابات التقرير الخاص بتفتيش صندوق كورونا، خلال عامي 2020-2021.
ووفقًا للتقرير، فإن موارد الصندوق بلغت 6.22 مليار أوقية جديدة ساهمت الدولة فيها بنسبة 32%، ثم ساهم الشركاء بنسبة 22٪، ثم 22٪ من المؤسسات العامة والخاصة، و 24٪ عبارة عن تبرعات عينية.
وأوضح التقرير إن نسبة الصرف في الصندوق بلغت 41,67% موزعة على عدة قطاعات حكومية؛ أغلبها ذهب إلى قطاع الصحة بنسبة 33.55%، ثم قطاع المياه بنسبة 9.30%، ثم الطاقة بنسبة 3.07%، ثم مندوبية تآزر بنسبة 28.73، إضافة إلى إعفاءات ضريبية مثلت نسبة 21,97% من المصروفات.
وأشار التقرير إلى عدة اختلالات في تسيير الصندوق من بينها مساهمة الدولة بنسبة 32٪ من موارد الصندوق، خلافًا لأحكام المادة 8 من القانون رقم 2018-039، والتي تنص على أن مساهمة الدولة لا تتجاوز 10%.
إضافة إلى ذاك أشار التقرير إلى عدم تجاوز الإجراءات الإدارية الرسمية لتنفيذ بعض بنود الصرف في حالة الطوارئ، مما أدى إلى انتهاك متكرر للأنظمة المعمول بها، ولا سيما قانون الصفقات العمومية وقواعد تنفيذ الإنفاق العام.
وكشف التقرير عن اكتتاب تم خارج المسطرة القانونية لعدد من العمال لمركز الاتصال 1155، ووصف التقرير هذا الاكتتاب بأنه غير قانوني ويشكل خطأ تسيير.
وتحدث التقرير عن استهلاك مفرط للوقود على مستوى وزارة الصخة، “حيث بلغ في بعض الأحيان 2000أوقية جديدة في اليوم بالنسبة للسيارات المتنقلة في نواكشوط، بالإضافة إلى غياب بيانات متابعة المسافة” وغياب استلام يبرر توزيعات وصولات الوقود.

تغييب لجنة متابعة تسيير الصندوق

لاحظت محكمة الحسابات أن المرسوم رقم 066-2020 المعدل بالموسوم 084 – 2020 الصادر بتاريخ 08-06 – 2020 ” المتعلقين بلجنة تسيير كورونا “لم يحدد صلاحياتها ولا نظام لتسييرها وهو أدى إلى غياب دور هذه اللجنة في التسيير الجاري الصندوق” الذي يسيره وزير المالية ومساعديه ومن خلالهم الوزارات والقطاعات الحكومية المعنية، الأمر الذي ردت عليه وزارة المالية بأن دور اللجنة “يتمثل في تلقي جميع التقارير بتنفيذ التقرير كل شهرين” وأن “تسيير الصندوق يدخل ضمن اختصاص القطاعات الوزارية أو الوحدات العامة”.
النائب البرلماني وعضو لجنة متابعة تنفيذ صندوق كورونا عائشة بنت بونا اعتبرت أن “المرسوم المنشئ لها (اللجنة) لم يمنحها أية صلاحيات تناسب تكليفها حيث حصر عملها في تلقي تقارير الصرف وإطلاع الرأي العام عليها وهذا ما يفقدها أدوارها في متابعة القطاعات والصفقات بشكل عملي فلا فرق بين اللجنة وعامة المتابعين غير أننا نستلم التقرير”
وأضافت بنت بونا ” لا يمكننا رفضه ( أي التقرير ) وملاحظاتنا عليه تبقى شكلية وغير ملزمة بل هي لاحقة على إجازته من طرف اللجنة الوزارية “.
المحامي محمد المامي مولاي اعل يرى أن “المرسوم رقم 066/2020 المنشئ للجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ صندوق كورونا لم يحدد صلاحيات هذه اللجنة ولانظام تسييرها لكنه في مادته الثامنة كلف وزير المالية بتنفيذ المرسوم، لذلك أصدر وزير المالية المقرر رقم 275 المحدد لاجراءات سير عمل الصندوق، وقد حدد هذا المقرر موارد الصندوق وطرق تحصيلها والحسابات التي تودع فيها وطرق صرفها ومجال تدخل الصندوق وغيرها من التفاصيل المتعلقة بتسيير الصندوق، وهذا امر عادي في تقنيات التشريع”.
ويستدرك مولاي اعل “لكن سبب المخالفات لايتعلق بعدم نص المرسوم على طريق تسييره، لأنه تم النص عليها في المقرر المطبق للمرسوم كما قلت فالإطار القانوني لعملية صرف أموال الصندوق هو المرسوم والمقرر المطبق له، وكان من الأفضل النص على إجراءات تسيير الصندوق في المرسوم ذاته وعدم تركها لمجرد مقرر وزاري”.
صرف بدون توثيق
“رغم خصوصية الصندوق وخصوصية ظرفه إلا أنه لم يسلم من شبهات فساد ألغيت بسببها بعض الصفقات ولعل تقرير محكمة الحسابات كشف جوانب كبيرة من ذلك ولم نلمس أي إجراء ترتب على تلك الملاحظات والشبهات المثارة” وفق عضو لجنة متابعة الصندوق عائشة بنت بونا مضيفة أم فكرة إشراك البرلمانيين والمجتمع المدني والمؤسسات الدستورية في متابعة تسيير الصندوق كانت فكرة ممتازة وإيجابية لو نفذت بشكل صحيح”.
عضو مجلس الشيوخ السابق ورئيس جمعية الشفافية (جمعية مدنية) القطب ولد محمد مولود علق على فكرة تشكيل لجنة لمتابعة تسيير صندوق كورونا قائلا “إن المهم ليس هو مردودية اللجنة وإنما المهم هو إسداء خدمة لهذه الشخصيات وتوفير دخل لها وهذه آية من آيات الفساد في بلادنا فالطرق التى تٌنشأ بها هذه اللجان بعيدة عن الشفافية قريبة من الفساد”.
وعن المستفيدين من صفقات صندوق كورونا التي انتقدها محكمة الحسابات قال ولد محمد مولود إن المستفيد هو المفسدون المحميون من المساءلة القانونية، وهم معلومون معروفون”، مشير إلى أن “الهدف هو إعطاء كل الضمانات وتوفير الحماية من أجل استمرار الفساد والمحسوبية وعدم الشفافية”.
حجم موارد الصندوق والمساعدات الخارجية
البنك الدولي منح موريتانيا في 2 من أبريل 2020 مبلغ ” 5.2 مليون دولار لدعم مساعي موريتانيا لتعزيز درجة تأهب نظام الصحة العمومي الوطني لمواجهة وباء كورونا (كوفيد -19، إضافة إلى مساندة بمبلغ مليوني دولار قدمها البنك في إطار مشروع تعزيز الأنظمة الإقليمية لمراقبة الأمراض من أجل الخطة الوطنية للتصدي لفيروس كورون” بحسب موقع البنك الدولي.
وبحسب مقال للسفير الصيني في نواكشوط جانغ جيان نشرته جريدة الشعب الحكومية الموريتانية في 31 مارس 2020 فقد مولت الصين “مشروع جناح الأمراض المعدية التابع للمشتشفى الوطني (في موريتانيا)، بغلاف مالي وصل 10.86 دولار أمريكي ومشروع صيانة مستشفى الصداقة، بملغ 6.4 مليون دولار أمريكي.
وأضاف السفير الصيني في موريتانيا “قدمت مجموعة علي بابا للتجارة الالكترونية الصينية تبرعات لصالح 54 دولة إفريقية من ضمنها موريتانيا بعدد 5.4 مليون كمامة، و1.08 مليون كاشف لفيروس كورونا، و40 ألف بدلة حماية طبية،و60 ألف قناع واق، بالإضافة إلى تنظيم التدريب عن بعد للمؤسسات الطبية من مختلف دول إفريقيا”.
وفي 28 أبريل 2022 قال السفير الصيني في موريتانيا لي باجين خلال حفل تسليم معدات صحية لموريتانيا إن مجموع المساعدات التي قدمتها بيجين لانواكشوط في مجال اللقاحات وصلت 2.53 مليون جرعة لقاح ضد كورونا (نص التصريح منشور في الوكالة الموريتانية للأنباء (رسمية).
في 5 مايو 2020 قال السفير الأمريكي في نواكشوط مايكل دودمان إن الولايات المتحدة الأمريكية استثمرت في السنوات العشرين الماضية، 424 مليون دولار لدعم موريتانيا، من بينها 27 مليون دولار من المساعدات في المجال الصحي”( موقع السفارة الأمريكية في نواكشوط).
وأضاف “كما قامت الولايات المتحدة من سنة 2015 إلى 2017 بتدريب ودعم أكثر من 100 مهني صحي موريتاني من خلال برنامج التدريب الوبائي في الخط الأمامي (FETP)، ودعم المبادئ التوجيهية للوقاية من العدوى ومكافحتها “
وفي 2 من مايو 2022 أعلنت السفارة الأمريكية في نواكشوط وصول عدد اللقاحات التي سلمتها لموريتانيا بموجب مبادرة كوفاكس إلى 1.843.410 ( تصريح منشور على موقع السفارة الأمريكية في نواكشوط).

الآثار القانونية

وعن الآثار القانونية المترتبة على المخالفات المالية الواردة في تقرير محكمة الحسابات بشأن تسيير صندوق كورونا قال المحامي مولاي اعل “تكشف محكمة الحسابات في تقاريرها وبموجب تحقيقاتها ثلاثة أنواع من الأخطاء الموجبة للعقاب:
1-جرائم الفساد: وهي جنح وجنايات يتعين على مفوض الحكومة لدى محكمة الحسابات أن يحيلها لوزير العدل (رأس النيابة العامة) طبقا للمواد 28 و61 من قانون محكمة الحسابات، وذلك من أجل تحريك الدعوى العمومية بشأنها، وتتقادم هذه الجرائم بمرور 5 سنوات من يوم اكتشافها، باستثناء حالة تهريب الأموال للخارج، وحالة إفلات الجاني من العدالة طبقا للمادة 24 من قانون مكافحة الفساد.
2-أخطاء التسيير: وهي المخالفات المتعلقة بالنفقات والتسيير، وتعاقبها محكمة الحسابات بغرامات (المادة 43 )، وتتعهد فيها بطلب من مفوض الحكومة في حالة الأخطاء التي اكتشفتها المحكمة أثناء تحقيقاتها، أو بطلب من رئيس البرلمان في حالة الأخطاء الواردة في التقارير السنوية، أو بطلب من الوزير الأول أو الوزراء في جميع الحالات (المادة 47)، وتتقادم أخطاء التسيير بمرور 5 سنوات من يوم ارتكاب الفعل، ويمدد هذا الأجل فيما يخص العمليات المرتبطة بتنفيذ الميزانية إلى تاريخ صدور قانون التسوية المتعلق بسنة تلك الميزانية، إذا لم يصدر إلا بعد انقضاء 5 سنوات، طبقا للمادة 48 من قانون محكمة الحسابات.
3-الأخطاء التأديبية: وهذه ترتب عقوبات تأديبية، وتحيلها محكمة الحسابات عندما تطلع عليها بموجب تحقيقها إلى السلطة الإدارية المختصة، التي يتعين عليها أن تعلم المحكمة بالإجراء الذي اتخذته خلال 6 أشهر (المادة 62 من قانون محكمة الحسابات)، وتتقادم الدعوى التأديبية بمرور 4 أشهر من يوم تعليق الموظف، طبقا للمادة 13 من قانون الوظيفة العمومية”.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا .

spot_img