استيقظت العاصمة البوركينابية واغادوغو فجر اليوم الجمعة، على دوي إطلاق نار كثيف من طرف جنود تابعين للجيش الوطني، في محيط القصر الرئاسي، ومبنى التلفزيون الحكومي.
هذا التحرك العسكري الذي وصف بالغامض، عرف انتشار جنود مدججين بمعدات عسكرية ثقيلة، سيطروا على الممرات الرئيسية المؤدية إلى مبنى الرئاسة، ومقر الوزارة الأولى، والتلفزيون، والإذاعة الرسميين.
تشير أغلب المعلومات الشحيحة الواردة من واغادوغو إلى وجود محاولة انقلابية، يقودها أنصار المقدم زانكورا الموقوف منذ فترة داخل السجن بتهمة التخطيط للانقلاب على الرئيس السابق، وسط حديث عن مفاوضات بين المجلس الحاكم بقيادة العقيد بول هنري سانداغو داميبا، والجنود الذين استطاعو السيطرة على أغلب الطرق المؤدية إلى المراكز الحيوية في قلب واغادوغو.
بعد ساعات من الترقب وفقدان السيطرة نفى رئيس المجلس العسكري المقدم بول هنري سانداوغو داميبا، وقوع محاولة انقلابية، داعيا في بيان اكتفى بنشره على صفحة الرئاسة، المواطنين إلى الحيطة والحذر والهدوء في مواجهة بعض المعلومات المتداولة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وفق تعبير البيان.
وكشف البيان عن وجود مفاوضات جارية لإعادة الهدوء والسكينة، كما طالب بالاتحاد لمواجهة الحراك الذي يحاول زعزعة الاستقرار في البلد.
البيان المنسوب لرئيس المجلس العسكري لم يكشف الكثير من التفاصيل عن طبيعة التحرك العسكري، كما لم يكشف خلفية من يقفون وراءه، وسط حديث واسع عن وجود محاولة انقلابية يقودها جنود موالون للمقدم زانكورا الذي ينحدر من نفس الوسط القبلي لداميبا.
ورغم التحرك المفاجئ للجيش فجر اليوم، واصلت عدة أحياء في واغادوغو نشاطها المعتاد، إلا أن حركة المرور شهدت تراجعا نتيجة لإغلاق عدد من الطرق الرئيسية في العاصمة، كما أغلق الجنود محلات تجارية، ومحطات للبنزين في قلب العاصمة.
وتأتي هذه التحركات العسكرية في عاصمة بوركينا فاسو المثخنة بجراح هجمات الجماعات المسلحة، منذ 2015، عقب مظاهرات شهدتها العاصمة الاقتصادية بوبو ديولاسو، نظمها مئات المواطنين، تطالب بحل المجلس العسكري، احتجاجا على سوء إدارة الملف الأمني، وتردي الأوضاع المعيشية.
كما جاءت بعد هجوم مسلح استهدف قافلة نقل مواد غذائية في جاسكيندي، أسفر عن مقتل 11 عسكريا، وإصابة 28 آخرين، وفقدان 50 مدنيا.
وتوجه بول هنري الخميس، إلى جيبو لتقديم تعازيه بشكل مباشر لضحايا الهجوم من جنود الفوج الرابع عشر (14 RIA).
وكان من المقرر أن يعلن الجيش تقييمه النهائي حول هجوم جاسكيندي، الذي اعتبره وزير الدفاع خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير “الأخطر من نوعه”.
وفي 24 من يناير الماضي قاد داميبا انقلابا على الرئيس المنتخب روش كابوري، وأوقف العمل بالدستور، وأقال الحكومة، وحل البرلمان، كما نصب نفسه رئيسا لبوركينا فاسو متعهدا بإعادة الأمن للبلاد.
في الأسابيع الأخيرة زار داميبا باماكو، وأبدجان، وانيويورك، ضمن تحركات ممتالية أعلن خلالها قبول شروط المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) المتعلقة بمدة الفترة الانتقالية، كما أجرى حوارا مع الرؤساء السابقين، بمن فيهم الرئيس الأسبق ابليز كوباورى، المغضوب عليه من طرف حركات واسعة في البلاد، عانت من الاضطهاد السياسي والقمع في فترة حكمه، كما شهدت البلاد خلال الأسابيع الأخيرة تصاعدا خطيرا في عدد الهجمات المسلحة، التي راح ضحيتها عشرات الجنود البوركينابيين..
فهل تعجل هذه الأحداث وغيرها من تداعيات التدهور الاقتصادي وتراجع المستوى المعيشي للشعب البوركينابي برحيل المقدم داميبا؟
أم أن مفاوضاطته المتاخرة مع زملاء السلاح ستمنحه البقاء بشكل صوري في واجهة الدولة؟