وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط، وتحديدا قرب السوق المعروف شعبيا، ب”مرصة لحموم” أو سوق الفحم، انتعشت تجارة بيع المواد المنتهية الصلاحية، وتوسعت، حتى أصبحت تمتلك سوقها خاصا بها، وسط غياب تام للرقابة الرسمية، وإقبال كبير من أصحاب الدخل المحدود.
يدرك أصحاب سوق المواد المنتهية الصلاحية، أن مهنتهم يجرمها القانون، لكنهم يدركون تماما حجم التساهل الذي يواجهون به، من طرف الجهات الوصية، لذلك يمارسون تجارتهم بحرية مطلقة، رغم رفضهم التام للتصوير أو الحديث أمام الكامرا.
استطاع السوق الواقع في قلب العاصمة استقطاب العديد من الزبائن، نتيجة لأسعاره المغرية حسب تعبير البعض، رغم معرفتهم بانتهاء صلاحية مواده.
مدار زارت هذا السوق، وأجرت عدة مقابلات مع عدد من المواطنين، والزبناء، رغم رفض الباعة للحديث.
يقول أحد المواطنين ممن التقتهم مدار:
“من الصعب التمييز بين المواد المنتهية الصلاحية والأخرى، لأن التجار لن يصرحوا بذلك، ومن الممكن أن يتم استبدال صلاحية التاريخ، وهو أمر رائج في الأسواق.”
ويقول آخر:
“نظرا لغياب مراقبة الدولة على الأسواق، أصبحب المواد المنتهية الصلاحية منتشرة لدى كل الباعة، وهذا مايشكل خطرا كبيرا على المجتمع.
على الدولة أن تتحرك في هذا الموضوع الهام، كما على التجار أن لايسلبهم جشع البيع، رأفتهم وإيمانهم بالله.”
ويقول آخر:
“أحيانا أجد بعد المواد المنتهية الصلاحية بأسعار رخيصة، على غرار المشروبات الغازية والألبان، وحتى الشاي، وكثيرا ما يأتي بعض الباعة لعرضها على الزبناء بأسعار زهيدة، وهو ما يؤكد انتهاء صلاحياتها.”
ويقول آخر :
” تجارة المواد المنتهية الصلاحية أصبحت رائجة لدى أصحاب المناسبات الاجتماعية، فنظرا لغلاء الأسعار بشكل عام، وجد بعض المواطنين ملاذهم في هذا السوق.”
ومع ذلك، لايزال بعض المواطنين يتحفظ من هذا المواد، ويتوجسون خيفة من أضرارها، مما يدفع إلى الإبلاغ عنها فورا حسب رئيس منتدى المستهلك الموريتاني الخليل ولد خيري.
يقول ولد خيري:
“نتفاعل بشكل يومي مع شكاوى المستهلكين، حين يقتنون بعض المواد المنهية الصلاحية، التي أصبحت منتشرة في الكثير من المحلات الكبيرة، وحتى لدى الباعة الصغار.
حين يبلغنا أحد المستهلكين بالأمر، نتدخل على الفور دعما للمستهلك، ودائما ما يقع مستوى من الإنصاف وتلغى عملية البيع ويستعيد المستهلك نقوده مقابل إرجاع البضاعة.”
ويضيف ولد خيري:
في هذه الحالة، دائما يكون البائع عرضة للعقاب، فإما يكون مصيره الاعتقال، أو التغريم، بحسب الشكوى التي تقدم بها المستهلك.
من الصعب القضاء على هذه الظاهرة رغم التحسيس، ولايمكن القضاء عليها إلا عن طريق وعي المستهلكين، والعزوف عنها.”
مع الحديث عن المواد المنتهية الصلاحية، تطفو على السطح التأثيرات الصحية، وما يمكن أن تخلف من أمراض خطيرة على مستهلكيها.
مختار عباد طبيب عام، تحدث ل”مدار”، عن مخاطر استهلاك المواد المنتهية الصلاحية.
يقول مختار عباد:
“المواد المنتهية الصلاحية، تعد خطرا على الصحة العمومية، نظرا لما تسببه من آثار سلبية على الصحة في المديين القريب والبعيد، وعادة ما تسفر عن تسمم غذائي على المدى القريب والمتوسط.
فبعد يومين أو ثلاثة، يصاب مستهلكوها بعدة أعراض تتمثل في الحمى، والقيئ، والإسهال.”
ويضيف الطبيب العام:
“تتراوح الأعراض بحسب الإصابة، وبحسب نوع البيكتيريا، إلا أنها تسبب أعراضا خطيرة، خاصة إذا استخدمت في مكان عام، كما يحدث في المناسبات الاجتماعية، والذي يؤدي دائما إلى تسمم جماعي.”
وبحسب المختصين في المجال الصحي، فإن المواد الغذائية في البلد، لاتخضع لأي رقابة رسمية، كما أن طريقة نقلها غير صحية، ولا تحفظ جيدا لدى المحلات التجارية، مما يجعل الفرد مسؤولا عن نفسه أمام هذه الوضعية، عن طريق حفظها جيدا، وتفقد تاريخ صلاحيتها، والمواد الأساسية المكونة لها.
أغلب مرتادي هذا السوق، من أصحاب مستوى الدخل المتوسط، حين يكونون أمام مناسبات اجتماعية، وتسعفهم أسعارها الزهيدة، لإظهار البذخ السائد في مختلف المناسبات خصوصا الاجتماعية، حسب غالبية رواد السوق.
ويتحدث رواد السوق عن شك عام يراودهم تجاه صحة المعطيات المتعلقة بتاريخ الصلاحية، الذي تحمله المواد المعروضة للبيع في الأسواق الوطنية، في ظل سيطرة عقلية العش، وتزوير التواريخ، نتيجة للتساهل الحاصل، وغياب أي رقابة جادة وصارمة، حسب تعبيرهم.