أعلنت الحكومة الموريتانية اليوم زيادة في أسعار المحروقات بنسبة حوالي 30% مع تثبيت أسعار الغاز المنزلي في أكبر زيادة دفعة واحدة في تاريخ سوق الطاقة الاستهلاكي في البلاد.
وما إن صدر الإيجار الحكومي عن الزيادة التي بلغت 11.5 أوقية إضافية على سعر المازوت (الديزل) ليصل إلى 49.9 أوقية للتر الواحد، و 13.5 أوقية إضافية على سعر لتر البنزين ليصل إلى 56.64، حتى كانت أغلب محطات التزويد بالوقود في عموم البلاد قد أغلقت مضخاتها في انتظار تطبيق السعر الجديد على المزودين ما سبب اختناقا وضغطا في مختلف نقاط التزويد.
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد بالتفاعل مع الزيادة الكبيرة دفعة واحدة انتقادًا وتوقعا بارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية متأثرة بسعر النقل خاصة في مدن البلاد الداخلية.
من جهتهم، بدأ بعض الناقلين الخواص في تطبيق رفع سعر النقل للأشخاص والبضائع، إذ رصد مراسل مدار ارتفاع أجرة النقل من ملتقى طرق مدريد إلى السوق المركزي بالعاصمة نواكشوط إلى عشرين أوقية جديدة أي ضعف الأجرة المعتادة.
تبرر مصادر حكومية قرار رفع الأسعار، الذي مهدته بندوات تتحدث عن العبئ المترتب على دعم سعر المحروقات، تبرره بارتفاع الطلب العالمي وصعوبة الحصول على الإمدادات بسبب الحرب الروسية الأوكرانية إضافة لكونها سجلت هذه السنة أكبر عجز في الموازنة العامة أوصل الرقم السنوي لمصاريف البلاد إلى 170 مليارا لأول مرة في تاريخ الصرف الحكومي.
كانت الحكومة قد ألغت أسابيع قبل بداية الحرب الروسية على أوكرانيا صفقة توريد المحروقات، ثم أعادت التفاوض، ثم عادت واشترت من نفس المورد (شركة آداكس) بسعر أعلى بكثير من سعر المناقصة الأولى، في تصرف أثار كثيرا من علامات الاستفهام، خاصة وأن الاتفاق الأخير مع الشركة جرى بالتفاهم المباشر خارج مسطرة المناقصة بعد أن بدأت البلاد في استهلاك مخزونها الاحتياطي من المحروقات.
ولا يعرف ما إذا كان استقرار خدمة الكهرباء سيتأثر برفع سعر المحروقات، ولا ما إذا كانت أسعار تعرفة الكهرباء سترتفع هي الأخرى خاصة بالنظر إلى تأثر شركة صوملك المحتكر الوحيد للخدمة باضطرابات تموين السوق بالمحروقات في وقت سابق من شهر يونيو.
بالتزامن مع الإعلان عن رفع سعر المحروقات شاهدت مدار انتشارا أمنيًا في مواقع متعددة من العاصمة، وعلمت من مصادر متطابقة أن السلطات رفعت حالة التأهب الأمني في المدن الكبرى تحسبا لأي ردة فعل أو إخلال بالنظام إثر الزيادة المقررة اليوم.
درجت الحكومات الموريتانية السابقة على تدريج رفع سعر المحروقات لامتصاص أي اختلال أو مضاربة من قبل التجار ولتسهيل ضبط أسعار الأسواق، بيد أن حكومة الغزواني وولد بلال اختارت تقديم الزيادة وجبة واحدة رغم ما ينطوي عليه ذلك من صعوبة سياسية بالنسبة للنظام الحالي الذي تتعالى الأصوات المنتقدة له يوما بعد آخر.
ولعل التحدي الأكبر بالنسبة لحكومة محمد ولد بلال في الأيام القادمة هو القدرة على كبح طمع التجار وفرض حدود معينة لأي زيادة محتملة من طرفهم، وليست التجارب السابقة بين حكومات الغزواني والتجار مشجعة على كثير من الأمر في هذا السياق.