تظهر معطيات جديدة لوكالة فرونتكس الأوروبية لمراقبة الحدود الأوروبية ، تراجع عداد الهجرة غير النظامية نحو أوروبا بنسبة قاربت 50 ٪.
وتقول هذه المعطيات الجديدة التي اطلعت عليها مدار إن سبب هذا التراجع عائد إلى الخطوات التي اتخذتها الحكومة الموريتانية مؤخرا لمكافحة الهجرة غير النظامية.
لكن ثمة طرائق أخرى للهجرة غير النظامية يسلكها المهاجرون غير النظاميين الى أوروبا عبر المتوسط في المنطقة المغاربية، والتي أضحت تثير قلقا متزايدا لدى الأوروبيين.
فقد نشرت وكالة فرونتكس الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي تحليلًا حديثًا حول آخر اتجاهات الهجرة في أوروبا.
ورغم تسجيل انخفاض عام بنسبة 18٪ في تدفقات الهجرة غير النظامية، مع نحو 100 ألف حالة عبور غير قانونية تم إحصاؤها في عام 2025 (تحديدًا 95,200 حتى 31 يوليو)، تسلط الأرقام الضوء على تطورات إقليمية مقلقة.
ووفقًا للوكالة، “ماتزال منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط الطريق الأكثر نشاطًا، حيث تمثل حالتي عبور غير قانوني من بين كل خمس حالات نحو الاتحاد الأوروبي”، كما أشارت إلى أن “العبور غير القانوني نحو المملكة المتحدة عبر المانش ارتفع بنسبة 25٪ هذا العام”.
وقد أوردت فرونتكس أبرز الجنسيات التي تم الإبلاغ عنها بشكل متكرر: البنغلاديشيون، والمصريون، والأفغان.
كما أوضح محللو الوكالة: “على طريق شرق البحر المتوسط، انخفضت حالات العبور بنسبة 16٪ لتصل إلى 26,200 ومع ذلك، ظهر ممر هجرة جديد بين شرق ليبيا وجزيرة كريت خلال الأشهر الأخيرة، ما يُظهر قدرة المهربين على التكيّف مع الظروف المتغيرة.
وقد تجاوز عدد الوافدين غير النظاميين من ليبيا إلى كريت 10,000 منذ بداية العام، وهو ما يزيد بأكثر من أربع مرات عن إجمالي العام الماضي”
من 900 إلى 20,000 يورو للعبور عبر قوارب الهجرة
وأضاف التقرير أنه “رغم الانخفاض العام على مستوى الاتحاد الأوروبي، سجل طريق وسط المتوسط نحو 36,700 حالة عبور غير قانوني، أي بزيادة 9٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.
وتبقى ليبيا نقطة الانطلاق الرئيسية، حيث تواصل شبكات المهربين عملها بتنظيم كبير مستغلة حالة عدم الاستقرار الإقليمي، رغم تكثيف العمليات المناهضة للهجرة”.
وفي المقابل، “سجل طريق غرب المتوسط زيادة بنسبة 11٪
إضافة إلى تقدم شبكات التهريب الجزائرية والمغربية خيارات متنوعة للهجرة نحو إسبانيا، بأسعار تتراوح بين 900 و20,000 يورو حسب المسار
وتشمل الرحلات الشائعة مسارات متعددة المراحل عبر تونس والجزائر، بالإضافة إلى طرق بديلة عبر تركيا وغرب البلقان”.
أما طريق غرب إفريقيا فقد شهد “انخفاضًا بنسبة 46٪ في عدد الوافدين، مع 11,600 حالة كشف هذا العام و175 فقط في يوليو”.
وترجع فرونتكس هذا التراجع إلى “تعزيز التدابير الوقائية من قبل بلدان المغادرة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وخصوصًا موريتانيا التي شددت من إجراءات المراقبة على الحدود، وعززت سياساتها في مجال الهجرة”.
شبكات التهريب: نشطة، مرنة، وعديمة الرحمة
وفيما يخص الوضع في بحر المانش، تسلط فرونتكس الضوء على بدء تنفيذ الاتفاق الفرنسي البريطاني الجديد الذي ينص على تجربة “واحد مقابل واحد” (أي أن يتم استعادة مهاجر غير شرعي من كاليه أو دونكيرك مقابل إعادة مهاجر نجح في العبور إلى فرنسا)
وأشارت الوكالة إلى أن “العبور غير النظامي نحو المملكة المتحدة عبر المانش ارتفع بنسبة 26٪ ليصل إلى 41,800 محاولة”.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى “تحسن الأحوال الجوية، واستخدام «قوارب التاكسي» التي يصعب رصدها وتقوم بالتقاط المهاجرين من عدة نقاط على الساحل، فضلًا عن ازدياد عدد المهاجرين على متن كل قارب”
وتبقى شبكات المهربين “نشطة ومرنة، وغالبًا ما تتجاهل سلامة المهاجرين وتعرض حياتهم للخطر”، حيث تم رصد “تكتيك ناشئ” يتمثل في “عمليات الانطلاق المتزامنة، وهو ما يعني مغادرة عدة قوارب مكتظة في الوقت نفسه، وغالبًا ما تكون هذه القوارب غير صالحة للملاحة، ومعرضة لأعطال في المحرك، ما يترك المهاجرين عالقين أو مجبرين على السباحة”.
نحو ألف وفاة خلال محاولات العبور
أقرت الوكالة الأوروبية بأن “السلطات الفرنسية تتدخل بسرعة وغالبًا بدعم من فرونتكس، لكن القوارب التي تبقى عائمة تواصل طريقها نحو المملكة المتحدة.
وقد ارتفع العدد المتوسط للمهاجرين على متن كل قارب ليصل إلى نحو 60 شخصًا، مع وجود قوارب تحمل ما يقارب 100 راكب”
ويواصل الاتحاد الأوروبي التزامه بحماية الحدود وإنقاذ الأرواح في البحر.
وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن 947 شخصًا لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط منذ بداية العام، دون احتساب 18 شخصًا توفوا أثناء محاولة عبور المانش.
وعلى الرغم من هذا التراجع، تقول “فرونتكس” إن الخسائر البشرية بين المهاجرين لا تزال كبيرة، حيث تقدر المنظمة الدولية للهجرة أن 947 شخصاً لقوا حتفهم أثناء عبورهم البحر المتوسط باتجاه القارة الأوروبية منذ بداية العام الجاري.
التقرير الجديد الذي أشار إلى دور الخطوات التي اتخذتها موريتانيا في مجال كبح جماع الهجرة غير النظامية إلى أوروبا في تراجعها .
وخلال الأشهر الأخيرة أطلقت الحكومة الموريتانية حملة لاهوادة فيها استهدفت المهاجرين غير النظاميين ، حيث بدأت نواكشوط حملة ترحيل ضد المهاجرين غير النظاميين، طالت مئات الأشخاص من مالي والسنغال وبعض الدول الأخرى.
اجتماعات واتصالات
خطوة أثارت استياء في الخارج والداخل ، فقد عبّرت الخارجية السنغالية عن استيائها وأسفها لترحيل مواطنيها، وقالت إنها دخلت في محادثات مباشرة مع الحكومة الموريتانية من أجل التوصل إلى حل للموضوع.
كذلك أصدر وزير الخارجية المالي بيانا قال فيه إن بلاده تنسق مع نواكشوط ملف رعاياها، ودعتهم إلى التهدئة وعدم الانجرار وراء الشائعات.
كما زارت وزيرة الخارجية السنغالية نواكشوط وناقشت مع المسؤولين الخطوات الجديدة، و أرسلت مالي هي الأخرى رسالة خطية للغزواني بشأن ترحيل عشرات المهاجرين غير النظاميين، وابدت باماكو تفهما لخطوات نواكشوط.
وأثناء عمليات الترحيل التي بدأتها السلطات الموريتانية ، اجتمع وزير الخارجية الموريتاني مع سفراء مالي والسنغال وغامبيا، كما أصدرت وزارة الخارجية الموريتانيةعقب ذلك بيانا قالت فيه إن علاقاتها مع دول غرب أفريقيا ضاربة في الجذور، وتؤكد للدول الشقيقة التزامها الثابت بتشجيع الهجرة النظامية، كما تجدد عزمها على المضي قدما في التصدي إلى تدفقات الهجرة غير النظامية.
ومع عودة المرحّلين الماليين إلى بلدهم، قالت وزارة الخارجية في باماكو إنها توصلت إلى حل مع الحكومة الموريتانية يقضي بتسوية قضايا رعاياها.
ونوهت الحكومة في باماكو بالعلاقات الوطيدة مع موريتانيا، وما يجمع شعبيهما من قيم مشتركة وارتباطات روحية تمتد لقرون.
وطلبت وزارة الخارجية في مالي من مواطنيها عدم الانجرار وراء الشائعات التي يتم الترويج لها في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أنها تتابع مع نواكشوط جميع التفاصيل.
كما فككت السلطات الموريتانية شبكات في مدينتي نواكشوط ونواذيبو تنشط في تهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.
وقد قوبلت خطوة الترحيل هذه بانتقادات من طرف المنظمات الحقوقية والإنسانية التي تطالب بحماية المهاجرين.
وأثارت هذه الخطوة أيضا انتقادات داخل الأوساط السياسية المحلية في موريتانيا، حيث كانت محدل جدل ونقاش محتدم بين بعض الأوساط السياسية على وسائط التواصل الاجتماعي وانتقل الجدل إلى البرلمان.
فقد دافع البعض عن الحكومة الحكومية لمكافحة الهجرة معتبرا أن للهجرة تبعات اقتصادية وأمنية على البلد.
فيما انتقد بعض الساسة الخطوة متحدثا عن خروقات شابت عملية ترحيل المهاجرين ويذهب إلى القول إنها طالت بعض المهاجرين غير النظاميين من جنسيات إفريقية فقط دون غيرهم.