تشهد العلاقات الموريتانية الإسبانية منذ فترة حركية غير مسبوقة في تاريخ علاقات البلدين، ففي غضون فترة قصيرة أصبحت إسبانيا رأس حربة الاتحاد الأوروبي في التعاون مع موريتانيا، وقادت بنجاح اتفاقية الهجرة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي الموقعة في مارس الماضي والأولى من نوعها، مما حدا ببعض المراقبين إلى اعتبار إسبانيا شريكا استراتيجيا لموريتانيا، وفي ضوء ذلك تتنزل زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي يتوقع أن يصل نواكشوط عصر اليوم الثلاثاء.
وبحسب جدول أعمال الزيارة المعلن عنه من طرف السلطات الموريتانية، فمن المتوقع أن يعقد سانشيز بعد وصوله مباشرة اجتماعا مع الرئيس محمد الشيخ الغزواني بالقصر الرئاسي في نواكشوط، قبل أن يدليا بتصريحات لوسائل الإعلام.
كما سيشارك الرئيسان -وفق جدول أعمال الزيارة- في حفل توقيع عدد من الاتفاقيات، قبل أن يلقي سانشيز كلمة خلال حفل تقديم لجنة الأعمال الإسبانية الموريتانية بالقصر الرئاسي بنواكشوط.
وسيحضر سانشيز مأدبة العشاء التي سيقيمها ولد الغزواني بالقصر الرئاسي بنواكشوط على شرفه.
أهداف الزيارة الثانية لسانشيز خلال 6 أشهر؟
تعتبر هذه الزيارة هي الثانية لسانشيز خلال أقل من 6 أشهر إلى نواكشوط، التي زارها في فبراير الماضي رفقة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين؛ حيث أعلنا حينها عن مساعدات بقيمة 500 مليون يورو لدعم إدارة الهجرة.
وكما الزيارة الأولى يسيطر ملف الهجرة على أجندات الزيارة الثانية لسانشيز والتي تدوم لمدة 24 ساعة وتدخل ضمن جولة تضم إلى جانب موريتانيا السنغال وغامبيا؛ حيث نقلت وكالة “وكالة الأنباء الألمانية”، عن مصادر إسبانية رسمية، أن هذه الجولة تهدف إلى تعزيز التعاون لمواجهة التحديات الناجمة عن ازدياد الهجرة غير النظامية.
وأضافت الوكالة أن سانشيز سيؤكد للسلطات الموريتانية استمرار دعم إسبانيا في مواجهة التحديات المتعلقة بالهجرة غير النظامية؛ خصوصاً في ظل التوقعات بزيادة الضغط مع اقتراب فصل الخريف.
فرض تأشيرة العبور على الموريتانيين!
وتتزامن زيارة سانشيز لنواكشوط، مع حديث متزايد في وسائل الإعلام الإسبانية والموريتانية، عن سعي إسبانيا إلى فرض تأشيرة عبور على الموريتانيين الذين يتوقفون في المطارات الإسبانية، بدءاً من يوم غدٍ، الأربعاء.
وقالت السفارة الإسبانية في بيان صادر عنها، إنه “تم اتخاذ هذه التدابير الاحترازية وفقًا للمادة 3 الفقرة 2 من قانون تأشيرات “شنغن” للاتحاد الأوروبي، نتيجة للأحداث الأخيرة التي شهدتها المطارات في جميع أنحاء الأراضي الإسبانية؛ كما تم اتخاذ هذه الإجراءات لمعالجة الزيادة في تدفقات الهجرة غير النظامية”.
وأكدت السفارة “أن تأشيرة عبور المطار الجديدة ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من يوم 28 أغسطس الجاري، حيث سيكون واجباً، اعتباراً من هذا التاريخ، على المواطنين الموريتانيين الحاملين لجوازات سفر عادية والذين يرغبون في مواصلة رحلتهم من إسبانيا إلى بلد خارج منطقة شنغن، الحصول على تأشيرة عبور مطار لتمكينهم من الوصول للمناطق الدولية في المطارات الإسبانية”.
الحكومة الموريتانية قابلت القرار بتفهم كبير، حيث أكد الناطق باسمها الحسين ولد مدو قبل أسابيع خلال مؤتمر صحفي حكومي، أن فرض السلطات الإسبانية تأشيرة عبور على الموريتانيين، مجرد قرار احتياطي ضد الهجرة غير الشرعية، حيث إن الكثيرين يستغلون العبور للتوجه إلى الولايات المتحدة في هجرة غير شرعية.
وتابع: “لا توجد مؤشرات على تراجع العلاقات بين موريتانيا وإسبانيا، فالعلاقات بين البلدين وطيدة جداً، وسيظهر ذلك خلال الزيارات المقبلة لمسؤولين إسبان لموريتانيا”.
زيارات متبادلة وسعي للحصول على صفة الشريك الاستراتيجي
وزار سانشيز موريتانيا مرتين منذ وصول ولد الغزواني للحكم، مقابل زيارة وحيدة قام بها الرئيس الموريتاني إلى مدريد في منتصف مارس 2022، وذلك بعد أن تأجلت بسبب إصابته بفيروس كورونا.
ونقلت وسائل إعلام محلية ودولية حينها عن مسؤولين موريتانيين، تأكيدهم على أن الزيارة تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي وتطويره في مختلف المجالات، خاصةً العسكري والأمني، وتدخل في إطار سعى موريتانيا إلى الحصول على صفة الشريك الاستراتيجي لمدريد، في ظل الاتفاقات الموقعة بين البلدين، خاصةً في مجال مكافحة الهجرة غير القانونية.
فهل حصلت موريتانيا فعلا على صفة الشريك الاستراتيجي لإسبانيا ؟