spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

واشنطن وكينشاسا.. وصفقة المعادن مقابل الأمن

لا تبدو إفريقيا استثناء من الاهتمام الأمريكي في الولاية الجديدة للرئيس دونالد ترامب، والتي يهيمن عليها المجال الاقتصادي والتجاري نتيجة لخلفية الرجل القادم من عالم المال والأعمال، والساعي للوفاء ببرنامجه الانتخابي القائم على شعار “أمريكا أولا”.
فقبل أيام استقبل الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي،
مسعد بولس المستشار الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية في العاصمة كينشاسا ضمن جولة إفريقية تشمل 4 دول بشرق القارة الإفريقية.
وتركزت مباحثات الرئيس والمستشار حول إمكانية تطوير شراكة بشأن الموارد المعدنية، في إطار صفقة استثمارية يمكن أن تبلغ قيمتها الاستثمارية مليارات الدولارات.
وتحدث المسؤول الأمريكي من أصل لبناني عن وجود اتفاق مبدئي مع الرئيس الكونغولي بشأن المضي قدما في الاتفاق الذي لم تكشف بعد تفاصيله، ربما في انتظار اكتمال الصفقة.
وقبل زيارة بولس، كان الطرفان الأمريكي والكونغولي قد تواصلا بشأن إبرام صفقة للمعادن مقابل الأمن، فالكونغو يشهد شرقها الغني بالموارد المعدنية عدم استقرار أمني، حيث تنشط هناك أزيد من 100 مجموعة مسلحة، تعد حركة “23 مارس” من أقواها وأكثرها خطورة، حيث تسيطر على مدن رئيسية في الشرق منذ استئنافها القتال في يناير الماضي، والولايات المتحدة تهمها كثيرا المعادن التي تدخل في صناعات استراتيجية.
وقد تواصل قبل شهرين عضو في مجلس الشيوخ الكونغولي مقرب من الرئيس تشيسيكيدي مع مسؤولين أمريكيين، وعرض عليهم صفقة “للمعادن مقابل الأمن”.
وتضمن العرض الكونغولي السماح للشركات الأمريكية بالاستفادة من معادن الكولتان والنحاس، على أن تدرب الولايات المتحدة الأمريكية الجيش الكونغولي وتقدم له الدعم، حتى يتمكن من تأمين خطوط الإمداد ويستعيد السيطرة على بعض المناطق الواقعة في الشرق والتي باتت تحت سيطرة مقاتلي “أم23”.
ويبدو أن أحد أهداف زيارة مستشار ترامب، كان إنضاج الصفقة في انتظار أن يتم التوقيع عليها لاحقا، وبالتالي إضفاء الطابع الرسمي عليها.
ولا يستبعد إلى جانب تدريب وتكوين الجيش الكونغولي أن تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إنهاء الحرب في شرق الكونغو، من خلال الضغط على رواندا المتهمة بالضلوع في التوتر هناك، والضغط أيضا على الحركة من أجل وقف الاقتتال.
وكجزء من هذا التوجه فإن واشنطن تدعم جهود الدوحة لإحلال السلام في الكونغو، وقد استضافت العاصمة القطرية في 18 من مارس الماضي اجتماعا ثلاثيا جمع بين الرئيسين الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، والرواندي بول كاغامي، والأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني.
وفي أواخر نفس الشهر استضافت الدوحة جولة ثانية من المفاوضات بين الكونغو ورواندا، كما اجتمع مسؤولون قطريون بشكل منفصل مع ممثلين عن مقاتلي حركة “23 مارس” بحسب وكالة رويترز.
وينتظر أن تستضيف الدوحة كذلك جولة ثالثة في 9 من أبريل الجاري، ستكون أول محادثات مباشرة بين مقاتلي الحركة المتمردة والمسؤولين الحكوميين الكونغوليين.
وكبادرة حسن نية قبل المحادثات المرتقبة، انسحب مسلحو الحركة من بلدة “واليكالي”، وهي منطقة استراتيجية غنية بالقصدير والذهب.
وبالتوازي مع اهتمامها بمعادن الكونغو الديمقراطية، فإن واشنطن تسعى كذلك إلى إبرام اتفاقية بشأن استغلال المعادن النادرة في أوكرانيا، خصوصا التي تستخدم في التكنولوجيا المتقدمة.
وتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية عاملي قوة في صفقة المعادن الأوكرانية، الأول الدعم العسكري الكبير الذي قدمته لأوكرانيا في عهد جو بايدن، والثاني مساعي ترامب لإنهاء الحرب بين كييف وموسكو.
وبقدر ما هناك وجه شبه نسبي بين صفقتي المعادن الأوكرانية والكونغولية لارتباطهما بالأمن والاستقرار اللذين تملك الولايات المتحدة الأمريكية القدرة على إحلالهما، فإن هناك أيضا عاملا مشتركا في الصفقتين بالنسبة لواشنطن، وهو تعزيز النفوذ، ومنافسة الصين التي تهيمن على قطاع التعدين في الكونغو، وتعد اليوم “مصنع العالم” على صعيد استغلال المعادن النادرة التي تدخل في الكثير من الصناعات الاستراتيجية.

spot_img