spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

هل يتجه غويتا للحوار مع الجماعات المسلحة؟

قبل أيام أفرجت السلطات المالية عن اثنين من قادة تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، هما “دادي ولد شعيب” المعروف ب”أبو الدرداء” الذي اعتقلته قوة “بارخان” الفرنسية في 11 يونيو 2021، وسلمته للجيش المالي، و”أمية ولد البكاي” المعتقل في يونيو 2022، من طرف ذات القوة الفرنسية، وتم تسليمه لجيش باماكو كذلك.

وإلى جانب عملية الإفراج التي يبدو أنها تمت في ظروف سرية، وغامضة نسبيا، تتحدث مصادر من العاصمة باماكو، عن مفاوضات متقدمة مع جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، وتحديدا مع كتيبة “ماسينا” التي يقودها أمادو كوفا، من أجل الإفراج عن “عبدو أغوزر مايغا” شقيق الوزير الأول المالي “شوغيل كوكالا مايغا”، المختطف منذ 23 ابريل 2023.

وتتزامن هذه الخطوات، مع الإعلان رسميا عن موعد انسحاب القوات الأممية من مالي، بعد أقل من عام على انسحاب القوات الفرنسية، ما يعني أن البلاد ستصبح مع مطلع العام 2024، خالية من وجود أي عنصر عسكري أجنبي.

ويمهد انسحاب القوات الأجنبية من مالي، الطريق أمام حوار سلطات باماكو مع الجماعات المسلحة، خصوصا وأن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التي يقودها الطارقي إياد أغ غالي، وهو دبلوماسي سابق لمالي لدى السعودية، سبق وأن أعلنت استعدادها للحوار، مشترطة انسحاب القوات الفرنسية والأممية من البلاد.

كما أنه في عهد الرئيس الراحل المطاح به إبراهيم بوبكر كيتا، تم تفاوض جزئي قاد في 2020 إلى إفراج السلطات المالية عن أزيد من 200 مسلح ودفع 30 مليون أورو – يقال إنها دفعت من طرف مالي وفرنسا وإيطاليا – مقابل الإفراج عن زعيم المعارضة المالية الراحل سومايلا سيسي، و3 رهائن غربيين.

وفي عهد النظام الانتقالي الحالي بمالي، سبق أن طلبت الحكومة برئاسة شوغيل كوكالا مايغا في اكتوبر 2021 من المجلس الإسلامي الأعلى في البلاد الدخول في حوار، مع الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
ويعني ذلك أن ترتيبات ما، قد تكون حصلت بهذا الخصوص، وأن الإفراج عن قياديين من تنظيم “داعش” أحدهما سبق أن شمله الإفراج ضمن ال200 مسلح خلال عهد كيتا، قد يكون خطوة نحو توسيع مجال التفاوض ليشمل كل الجماعات المسلحة الناشطة على الأراضي المالية.

ورغم أن ما يجري حاليا، قد يكون مجرد تفاوض جزئي للإفراج عن شقيق رئيس الوزراء المالي، الذي استنجد في تسجيل مصور قصير في وقت سابق، بالرئيس الانتقالي عاصيمي غويتا، وطلبه التفاوض مع مختطفيه من أجل إنقاذ حياته، معددا بعض الأمراض التي يعاني منها، فإن السلطات الانتقالية يمكن أن تكون توصلت إلى حقيقة استحالة حسم المعركة ضد الجماعات المسلحة عسكريا.

وقد يكون مهما بالنسبة لها، بعد طرد القوات الفرنسية والأممية، التوصل إلى تفاهم نهائي يعيد للبلاد استقراها، بعد عقد من الاضطراب الأمني، خصوصا إذا كان غويتا يريد الترشح للرئاسة، والبقاء في السلطة عبر البوابة الانتخابية.

وقد يساعد غويتا ورفاقه في تحقيق ذلك، عاملان أساسيان أحدهما الخلفية الدبلوماسية لإياد أغ غالي، وعلاقاته الوطيدة ببعض القيادات – السابقة أو الحالية – في المجلس الإسلامي الأعلى، والثاني كون أغلب العناصر المنضوية تحت لواء الجماعات المسلحة الناشطة في شمال ووسط مالي، من جنسيات مالية، مع وجود جنسيات أخرى مغاربية، ومن بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء.

ويبدو أن خيار الحوار يشكل توجها عاما في المنطقة، فقبل الانقلاب على رئيس بوركينافاسو الانتقالي، أعلن العقيد بول هنري سانداوغو داميبا عن قراره إنشاء لجان محلية للحوار مع الجماعات المسلحة، التي تعاني البلاد من هجماتها منذ العام 2015.

وقبل أزيد من سنة انتهج رئيس النيجر محمد بازوم مقاربة الحوار مع المسلحين، أثمرت وضع عدد منهم للسلاح، وعودتهم للبلاد والانخراط في الحياة النشطة.

كما تحاور الرئيس الانتقالي تشادي محمد إدريس ديبي مع قادة وممثلي عشرات الجماعات المسلحة المتمردة، وعاد بعضهم على إثر ذلك للبلاد معلنا وضع السلاح.

محفوظ ولد السالك
كاتب صحفي متخصص في الشأن الإفريقي

spot_img