قبل أيام احتضنت العاصمة الغانية أكرا أعمال اجتماع إقليمي ضم 6 دول إلى جانبها، وممثلين عن بعض الشركاء الأوروبيين، لبحث تنسيق الجهود من أجل التصدي لنشاط الجماعات المسلحة، التي تحاول التوسع نحو الدول المطلة على منطقة خليج غينيا.
وقد قررت كل من غانا والنيجر وتوغو وبوركينافاسو وبنين وكوت ديفوار ونيجيريا – فيما غابت مالي عن الاجتماع- نشر 10 آلاف جندي في إطار قوة إقليمية مشتركة هدفها قطع الطريق أمام انتشار الجماعات المسلحة.
وينتظر أن يصبح المقر المركزي لهذه القوة دولة غانا، فيما سيكون المركز الخاص بجمع المعلومات في بوركينافاسو، ويتوقع أن يتم نشر القوة المشتركة متعددة الجنسيات في غضون شهر، رغم صعوبة جمع مبلغ 550 مليون دولار الذي تحتاجه من أجل الانطلاقة.
وقد التزمت كل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو”، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، بتوفير جزء من هذا المبلغ.
ويأتي قرار نشر هذه القوة المشتركة في وقت بدأت تشهد فيه توغو وبنين وكوت ديفوار هجمات مسلحة من حين لآخر تستهدف بعض المراكز الحدودية، وهو ما ينذر بأن الخطر قادم.
وقد عززت هذه البلدان الثلاثة جهودها العسكرية، ونشرت المزيد من القوات على المناطق الحدودية، وضمن ذات المسعى أعلنت بنين وكوت ديفوار أنهما ستسحبان قواتهما الموجودة ضمن البعثة الأممية في مالي، من أجل حشد المزيد من الدعم العسكري وتأمين الحدود.
ومن أجل تعزيز الجهود بشكل أكبر قررت الدول المهددة، وبعض الدول التي تعاني منذ سنوات من خطر الجماعات المسلحة تشكيل قوة مسلحة، ضمن إطار مبادرة أكرا التي أعلن عن إنشائها عام 2017 كتحالف إقليمي مشترك.
ويبدو هذا التحالف شبيها بتحالف مجموعة دول الساحل الخمس التي تأسست في 2014 بالعاصمة نواكشوط، وتضم موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، إلى جانب مالي قبل أن تنسحب مؤخرا احتجاجا على الاعتراض على توليها الرئاسة، بعد الانقلابين العسكريين اللذين شهدتهما.
وبعد 3 سنوات قررت الدول تشكيل قوة عسكرية قوامها 5 آلاف جندي، تنشط بشكل أساسي في منطقة المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينافاسو، لكن ضعف القدرات والموارد، وعدم وفاء الشركاء بتعهداتهم، أثر سلبا على المجموعة وعلى أدائها.
كما أن استسلام مجموعة دول الخمس في الساحل للحياد السلبي تجاه الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينافاسو، وتوريث السلطة في تشاد ثم تمديد المرحلة الانتقالية فيها لاحقا، كل ذلك أبقى المجموعة في موت سريري منذ سنوات، وهو ما جعل بعض دولها تبحث عن التشبث بإطار جديد، لم يكن سوى مبادرة أكرا، حيث ضمت ثلاثا من دول “G5” هي مالي والنيجر وبوركينافاسو، وإن لم يعلن البلدان الأخيران انسحابهما من المجموعة بشكل رسمي، لكن مشاركتهما في الإطار الجديد، وقوته العسكرية قد يعني أن ثقتهما في مجموعة “G4” لم تعد بتلك القوة، وهذا يشي بأنها مهددة بالتفكك، ليحل محلها تحالف “G7”.
وإلى جانب موقف بعض الدول الأعضاء من مجموعة الساحل، فإن بعض شعوب المنطقة كذلك أصبحت تنظر إلى هذه المجموعة على أنها “فرنسية الهوى”، وأن لباريس دورا كبيرا في إنشائها، والوقوف وراءها، وهذا الموقف بدأ يظهر بشكل لافت في مالي، وتتبناه كذلك بعض النخب بالساحل.
بينما في مبادرة أكرا توجد دول ليست مستعمرات فرنسية كغانا ونيجيريا، وهناك مالي المناهضة للتعاون مع فرنسا، وبوركينافاسو التي لا تخفي التقارب مع روسيا.
وسواء تفككت مجموعة دول الساحل، وحلت محلها مبادرة أكرا، أو بقيت المجموعة قائمة، فإن الدعم المالي واللوجستي، سيقف عائقا أمام القوة العسكرية الجديدة، وهو ما قد يضعف من أدائها، ولا يجعلها بديلا حقيقيا عن مجموعة الساحل.