تتمسك مالي والنيجر وبوركينا فاسو بموقف اللاعودة لحضن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، لكنها تبدي من خلال تحالف “كونفدرالية دول الساحل” الذي أسسته بعد الانسحاب الذي يقترب من إكمال السنة، بعض المرونة والانفتاح بشأن العلاقة مع “سيدياو”.
يتعلق الأمر في نظر البلدان الثلاثة التي تحكمها أنظمة عسكرية وصلت السلطة عبر انقلابات على أنظمة مدنية منتخبة، بانسحاب دون قطيعة.
فقبل قمة أبوجا، التي عبر في افتتاحها رئيس مفوضية “سيدياو” عمر توراي عن الإحباط إزاء المغادرة الوشيكة لبوركينا فاسو ومالي والنيجر، مع ترحيبه بجهود الوساطة التي يقودها الرئيس السنغالي بصيرو ديوماي فاي، أصدرت كونفدرالية الدول الثلاث إعلانا أعلنت فيه إسقاط تأشيرات دخولها عن جميع مواطني المجموعة غرب الإفريقية.
وتضمن الإعلان الموقع من طرف الرئيس الانتقالي المالي الجنرال عاصيمي غويتا الذي يرأس دوريا كونفدرالية دول الساحل، السماح كذلك بدخول البضائع القادمة من بلدان “سيدياو”.
ويتضح من خلال هذا الإعلان استعداد غويتا ورفيقيه الجنرال عبد الرحمن تياني والنقيب إبراهيم تراوري، لتعزيز التعاون بين الكونفدرالية والمنظمة، في المجال الاقتصادي والتجاري عبر تسهيل حرية حركة البضائع والأشخاص، أما الرجوع لسيدياو فيبدو مهمة صعبة، لأنه سيقوض ثقة شعوب البلدان الثلاثة في القادة العسكريين، ولن يجعل هؤلاء القادة في حرية تامة بشأن البقاء في السلطة، دون تنظيم انتخابات، أو تنظيمها على مقاس يبقيهم في الحكم، الأمر الذي قد لا يكون سلسا إذا بقيت هذه الدول ضمن إطار سيدياو.
إن مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تريد أن تبقي على حبل ود مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ومع مختلف بلدانها خارج إطار المنظمة، وذلك لكونها دولا حبيسة تواجه تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة، والقطيعة النهائية مع الفضاء غرب الإفريقي، ستعزز العزلة، وتعمق حجم المعاناة، وبالتالي جاء قرار الإعفاء من التأشيرات، وتسهيل حركة البضائع.
وبالمقابل لا تريد “سيدياو” أن تصعد أكثر تجاه الدول المنسحبة، بعدما فشلت في إحباط انقلاباتها وإعادة الرؤساء المدنيين المطاح بهم إلى السلطة، لأنها لم تُفعل سوى سلاح العقوبات الاقتصادية، وقد كان وقعه أكبر على الشعوب، دون أن يثني الانقلابيين عن انقلاباتهم.
ولكن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وقد باتت أمام أمر واقع بشأن انسحاب 3 من دولها الـ15، مطالبة بمراجعة مواقفها وقراراتها تجاه مسألة الانقلابات العسكرية، فالمسار الذي انتهجته مالي والنيجر وبوركينا فاسو، قد تنتهجه بلدان أخرى، حين يقرر عسكريوها في لحظة ما الانقلاب على مدنييها، فيعتبرون الأمر شأنا داخليا، ويعلنون الانسحاب من المنظمة، والشراكة مع أطراف خارجية جديدة، لتعضيد توجهها الجديد.
وإذا كانت كونفدرالية دول الساحل قد أبدت مرونة في التعاطي مع سيدياو من خلال قرارها إلغاء التأشيرة عن مواطني بلدانها، فإن المجموعة غرب الإفريقية بادلت تلك المرونة بمرونة أخرى، فقررت منحها 6 أشهر إضافية من أجل مراجعة موقفها بشأن الانسحاب، والذي يصبح ساريا أواخر شهر يناير المقبل.
ويعني هذا القرار المتخذ من طرف القادة غرب الإفريقيين خلال قمتهم العادية في أبوجا، أن سيدياو تريد منح الدول المنسحبة المزيد من الوقت لمراجعة قرار الخروج، والبحث عن توافق يتيح بقاء المجموعة متماسكة.
وإذا ما أصرت باماكو ونيامي وواغادوغو على الاستمرار في الانفصال، فإن الطرفين سيبقيان على تعاون مثمر اقتصاديا وتجاريا حفاظا على مصلحة شعوب المنطقة، في انتظار عودة أنظمة مدنية للسلطة في هذه الدول الثلاث، وحينها ستصبح العودة ممكنة، إن لم ترفض سيدياو ساعتها.