يتوجه الروانديون الاثنين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للبلاد من بين ثلاثة متنافسين، وهي ذات القائمة التي تنافست على الرئاسة عام 2017، ما يعني استبعاد حصول مفاجآت بعد 7 سنوات من آخر اقتراع رئاسي، ونحو 24 سنة من حكم نفس الرئيس.
وتضم قائمة المتنافسين كلا من الرئيس الحالي مرشح الجبهة الوطنية الرواندية بول كاغامي، المتنافس على عهدة رئاسية رابعة، حيث وصل السلطة عام 2000، وخاض انتخابات بعد إقرار دستور جديد سنة 2003، ثم في 2010 و2017.
قاد بول كاغامي الجناح العسكري للجبهة الوطنية الرواندية بداية تسعينيات القرن الماضي، والتي صلت إلى كيغالي في يوليو 1994 لوقف الإبادة الجماعية بحق التوتسي، بعد حرب ضارية، أودت بحياة مئات الآلاف، وتتحدث بعض التقديرات عن قرابة مليون قتيل.
أما المترشح الثاني، فهو فرانك هابينيزا رئيس حزب الخضر الديمقراطي، وهي المرة الثانية التي يخوض فيها السباق الرئاسي بعد مشاركته الأولى عام 2017.
انتخب فرانك نائبا برلمانيا عام 2018، ويشتهر بنشاطه البيئي في رواندا وفي إفريقيا بشكل عام، وهو حاصل على دكتوراه فخرية في العلوم الإنسانية.
وينافس المترشحين السابقين، مترشح مستقل هو فيليب مبايمانا، وهو كاتب وناشط حقوقي، حاصل على ماجستير في الصحافة من المدرسة العليا للصحافة بباريس، وماجستير في اللغات والتاريخ والجغرافيا.
ومن المرجح أن تختار غالبية نحو 9 ملايين ونصف المليون ناخب، الرئيس بول كاغامي باني نهضة البلاد وصانع تطورها الاقتصادي والتنموي، والناسج لخيوط استقرارها الاجتماعي.
ففي عهد كاغامي حققت رواندا أعلى معدلات نمو بالقارة الإفريقية، وباتت وجهة مفضلة للسياح والمستثمرين، ومثالا إفريقيا على النهوض من جحيم الحروب والاقتتال إلى مصاف دول القارة، تطورا واستقرارا وبناء.
ولكن يقابل هذا المسار الحافل بالإنجاز، سجل ملطخ بالتضييق في مجال الحقوق والحريات، وملاحقة الخصوم الساعين إلى خلق تغيير وتناوب على السلطة، وإرساء ديمقراطية حقيقية لا تكون على مقاس كاغامي فقط.
وتتبنى هذا الخيار أصوات حقوقية وسياسية، لكن الكثير منها اضطر إلى العيش بالمنفى خوفا من أن يزج به في السجون، أما من بقي من معارضي بول كاغامي في البلاد فإنه يتحرك داخل مساحة حرية ضيقة، ولا يمكنه القيام بأي فعل مؤثر.
وتواجه بول كاغامي في عهدته الرابعة ملفات عدة، بينها مستقبل علاقات بلاده مع جارتها جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي يبدو أن التوتر معها في تصاعد، حيث اتهم رئيسها فيليكس تشيسيكيدي مؤخرا رواندا بتنظيم “إبادة جماعية” بشرق الكونغو، الغني بالموارد المعدنية، والذي تنشط فيه جماعة أم 23، المتهمة كيغالي بمساندتها.
وقد رد كاغامي على ذلك بالقول إن بلاده مستعدة لخوض حرب مع الكونغو الديمقراطية إذا لزم الأمر، منتقدا ترويج تشيسيكيدي لإيديولوجية “الإبادة الجماعية” ضد التوتسي الكونغوليين، كما نفى وجود جنود روانديين في الكونغو، مشددا على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للتوتر.
أما الملف الثاني الذي سيواجه كاغامي فيتعلق بالهجرة واللجوء، وقد وقعت بشأنه رواندا اتفاقا مع بريطانيا، يقضي باستقبال كيغالي طالبي اللجوء القادمين إلى المملكة المتحدة عبر الهجرة غير النظامية، لكن الخطة التي وقعت مع حزب المحافظين، أعلن زعيم حزب العمال رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر التخلي عنها.
وتعد هذه الاتفاقية مهمة لرواندا، إذ روجت من خلالها للمساهمة في إيجاد حلول لأزمة الهجرة واللجوء على الصعيد العالمي، ولكنها أيضا مهمة لها نتيجة للاستفادة المالية، حيث تلقت في إطارها مبلغ 280 مليون يورو، وحين أعلن إلغاء الاتفاقية ردت كيغالي بأنها لن ترجع المبالغ التي تلقتها.
ويعني إلغاء هذا الاتفاق أن رواندا ستكون مطالبة في الفترة المقبلة بالبحث عن مصادر تمويل تنعش اقتصادها المتأثر جراء الجائحة الصحية العالمية، والحرب الروسية الأوكرانية.