في سابقة هي الأولى من نوعها ،علقت السلطات السنغالية الأنشطة السياسية للنائب البرلماني ورئيس حركة ” إيرا” الحقوقية بيرام الداه أعبيد، فماذا بعد هذه الخطوة وما سياقها السياقي في الداخل السنغالي ..
منذ سنوات كانت العاصمة داكار وجهة للنائب البرلماني بيرام لحضور بعض الأنشطة السياسية وإقامة أخرى، لاتخلو من انتقادات للنظام الموريتاني الحالي.
ردود الفعل في نواكشوط
أثار طلب السلطات السنغالية من النائب البرلماني والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية بيرام الداه اعبيد وقف نشاطه السينغالي على أراضيها امتعاضا في صفوف نشطاء في حركة “إيرا”، فماذا بعد هذه الخطوة وماسياقها ودلالاتها ومآلاتها السياسية.
فخلال الأسبوع الماضي ،طلبت وزارة الداخلية السنغالية من النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد، وقف نشاطه السياسي بالسنغال، وذلك بعد أيام من لقاء أجراه السفير الموريتاني في داكار مع رئيس الحكومة السنغالية عثمان سونغو.
وقالت مصادر إعلامية، إن وزير الداخلية السنغالي التقى الجمعة الماضي، النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد، وأبلغه أن الحكومة الموريتانية اشتكت من نشاطه السياسي في السنغال، وأنه لم يعد مقبولا استمرار هذا النشاط.
مصدر إزعاج لسلطات نواكشوط
السلطات السنغالية بررت الخطوة، بأن نشاط النائب البرلماني الموريتاني بيرام الداه اعبيد على الأراضي السنغالية أضحى مصدر إزعاج لسلطات نواكشوط.
وإلى جانب بيرام، استدعت السلطات السنغالية رفيقه في “ائتلاف المعارضة الموريتانية المناهض للنظام” رئيس حزب القوى التقدمية للتغيير قيد التأسيس صمبا تيام للحضور، ولكن الأخير “جدّد رفضه القاطع للحضور”.
البداية كانت مع قصة الطفل المحرر ونجاحه في الباكالوريا
وربطت حركة إيرا إعلان نجاح التلميذ “يرك” بالسبب الرئيسي، مشيرة إلى أن جرم رئيسها الوحيد هو أنه جرمه الوحيد الذي يمكن محاسبته عليه على أرض البلد المضيف، هو تسجيله طفلا محررا من العبودية في مناهج المدرسة العلمانية السنغالية. وبعد سنوات من الجهد والتحمل، حصل الشاب يرغ للتو على شهادة البكالوريا في التعليم العام في داكار. ويتصدر نجاحه الرمزي عناوين الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي في موريتانيا وخارجها”.
الباكالوريا والرق والاسترقاق
خطوة السلطات السنغالية تعليق الأنشطة السياسية للنائب البرلماني ورئيس ” إيرا”الحقوقية بيرام الداه اعبيدعلى أراضيها سبقته بعض الإرهاصات.
فبحسب الحركة ، فقد تسبب إعلان التلميذ يرك المحرر من العبودية والذي تبناه النائب بيرام قبل سنوات النجاح في شهادة البكالوريا شعبة الآداب العصرية موجة من الانتقاد.
وقالت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية “إيرا” إنه فور الإعلان عن نجاح الطالب الموريتاني “يرك” اشتعلت شبكة التواصل الاجتماعي في موريتانيا.
وأكدت إيرا في بيان صادر عنها، أن من وصفتهم بالمكتَتَبين، للدفاع عن “حصيلة” النظام، شعروا بالامتعاض، واستاؤوا مما أسموه “الاستغلال” المزعوم لصاحب الشهادة، يرك.
وأضافت إيرا أنه تم تقديم نجاج يرك من لدنهم على صورة الضحية الذليل الذي اختطفته الأسرة الشرّيرة وسلبته واستخدمته لغرض الشهرة، من ذلك الحين، تضيف الحركة “انهالت الشتائم على النائب بيرام الداه اعبيد وزوجته ليلى احميده من قبل عدد لا يحصى من المتصيّدين على شبكات الميتا والتيكتوك، بالإضافة إلى المواقع الإخبارية المنحازة للحكومة”.
وشددت إيرا على أن من ضمن المتحاملين، “يبرز الرئيس السابق للجنة الوطنية لحقوق الانسان، ورئيس مجلس إدارة الوكالة الوطنية ضد الإتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، وهو المنشق، منذ زمن، عن إيرا”.
وأضافت الحركة أن ما وصفته بفضيحة الطفلين العبدين، سعيد وشقيقه يرك الذي أثار نجاحه الجدل مؤخرا، انفجرت سنة 2011، فأرغِمت السلطات على الاستسلام تحت الضغط الهائل لنشطاء إيرا المنضوين في النضال من أجل المساواة.
الحكومة الموريتانية تلتزم الصمت
حتى اللحظة لم تعلق الحكومة الموريتانية على حادثة تعليق السلطات السنغالية لأننشطة النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد على أراضيها، وما إذاكان لها ضلع في ذلك.
الثابت حتى اللحظة، أن النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد يتهم الحكومة بالضلوع في تعليق أنشطته السياسية.
سياق الخطوة في الداخل السنغالي
تأتي خطوة تعليق أنشطة النائب بيرام في داكار في سياق خلافات حادة برزت للعلن بين الرئيس السنغالي ووزيره الأول .
فقد كشف رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو عن خلافات حادة بينه وبين الرئيس الحالي للبلاد باسيرو ديوماي فاي الذي تمّ ترشيحه في الانتخابات الماضية من داخل السجن كواحد من مناضلي حزب باستيف.
وخلال افتتاح اجتماع للمجلس الوطني لحزب “الوطنيون من أجل الأخلاق والأخوة” المعروف اختصارا بـ”باستيف”، قال سونكو إنه لن يوافق على بعض الأمور التي تجري في البلاد. من دون أن يذكر شيئا محدّدا، لكنه أشار إلى الهجمات الإعلامية والسياسية التي يتعرّض لها من قبل المعارضة.
وأضاف سونكو -في حديثه أمام أركان الحزب الذي يحكم البلاد حاليا- أنه طلب من الرئيس إصلاح بعض الأمور، أو إعطاءه الصلاحيات الكاملة للقيام بما يجب أن يفعل.
وكشف الوزير الأول عن مشاكل داخل الحكومة الحالية، حيث قال إن البلاد تعاني من مشاكل في السلطة، وإذا لم يتم التغلب عليها فلن يكون هناك استمرار للنظام.
انتخابات 2029
ورغم أن رئيس الوزراء الحالي -الذي يترأس حزب باستيف الحاكم منذ تأسيسه عام 2014- لم يكشف بالضبط عن المشاكل التي تعاني منها السلطة الحاكمة، فإنه أفصح عن قلقه بشأن التحضير للانتخابات القادمة، إذ قال إن هناك جهات بدأت إرسال بعثات نحو المدن الصوفية ذات التأثير والثقل الانتخابي من أجل التحضير المبكر للاستحقاقات الرئاسية المقررة في 2029.
وقال سونكو إنه عندما يتعرض لهجمات لا يحدث أي شيء، ولكن عندما يكون الوضع متعلقا بالرئيس فإن الأوامر تعطى باتخاذ إجراءات حازمة ضدّ المهاجمين.
وأكّد سونغو أنه لن يستقيل من منصبه، لكن إذا اقتنع الرئيس بأنه لم يعد صالحا لقيادة الحكومة، فيمكن أن يقيله، قائلا إنه إذا تم ذلك سيرجع للبرلمان.