يستعد تشاديون لانتخاب رئيس من بين 10 متنافسين على الرئاسة، أوفرهم حظا الجنرال الشاب محمد ديبي، الذي ورث السلطة من أبيه بعد مقتله عام 2021، وقد أمضى في السلطة 3 عقود.
وتجري الانتخابات الرئاسية الأولى بعد مقتل ديبي الأب، في ظل تحديات داخلية وخارجية تواجهها البلاد، فقبل أزيد من شهرين قتل المعارض تشادي البارز يحيى ديلو جيرو، وهو ابن عم الرئيس الانتقالي محمد ديبي.
وكان ينظر إلى يحيى ديلو كواحد من أهم المنافسين المحتملين للرئيس الانتقالي في الانتخابات الحالية، ما يعني أن مقتله في هجوم للجيش على مقر حزبه، يعد بالنسبة للنظام بمثابة إزالة عقبة أمام طريق ديبي للبقاء في السلطة عبر البوابة الانتخابية، بعد أن أمضى أزيد من 3 سنوات كرئيس انتقالي.
وتقاطع بعض الأطراف المعارضة هذه الانتخابات، معتبرة أن “ظروف الشفافية” غير متوفرة فيها، كما أن بعض المعارضين لم تقبل ملفات ترشحهم.
ومع ذلك فإن القيادي المعارض رئيس الوزراء سيكسي ماسرا، يشارك في الاقتراع، ويعد أهم منافس لديبي، رغم أن توليه حقيبة رئاسة الوزراء لم يستسغ من طرف بعض أنصاره، وكذا حلفائه ضمن الطيف المعارض، وهو ما يمكن أن يؤثر على شعبيته في الانتخابات.
وينذر عدم الإجماع على الانتخابات الرئاسية، وتباين المواقف منها، بإمكانية تعمق الأزمة ما بعد إعلان النتائج، إذ ينتظر أن ترفض المعارضة الاعتراف بفوز محمد ديبي، وتدخل بذلك تشاد مرحلة جديدة من التأزم السياسي، قد يعود معها سيكسي ماسرا وجماهيره إلى الشارع.
وعلى الصعيد الإقليمي، يبرز كرهان وتحد في نفس الآن أمام الانتخابات الرئاسية وما بعدها، عدم المصالحة مع بعض الجماعات المسلحة، خصوصا جبهة التغيير والوفاق “فاكت” التي تتبنى مقتل إدريس ديبي إتنو.
وسبق لهذه الحركة أن دعت “لحمل السلاح ضد الجيش” تشادي، بعدما اتهمته في أغسطس 2023 بمقتل وجرح عدد من مقاتليها في “قصف جوي لقاعدتهم الخلفية” على الأراضي الليبية الحدودية المجاورة لدولة تشاد.
ومن ضمن السياقات المثيرة التي تأتي فيها الرئاسيات تشادية هذه المرة، قوة الاستقطاب والتنافس الدولي على البلاد بين فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا.
وقد بدت مظاهر ذلك بشكل جلي، حين دعت نجامينا مؤخرا واشنطن إلى سحب جزء من قواتها الخاصة الموجودة في البلاد، وسط حديث عن وصول قوات روسية إليها، على غرار النيجر.
وكان لافتا من قبل الزيارة التي أداها محمد ديبي إلى موسكو في يناير 2024، ومباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن التعاون الممكن بين البلدين خصوصا على الصعيد الأمني.
ويمكن تفسير خطوات التقارب تشادي مع روسيا، بكون أوساط في النظام تنظر إلى واشنطن كداعم لسيكسي ماسرا في الانتخابات الحالية، وكانت فتحت له الباب من قبل حين تأزمت علاقاته مع النظام، وصار مبحوثا عنه على خلفية الاحتجاجات القوية التي خرجت في اكتوبر 2022 للمطالبة بتنحي الجيش عن السلطة، وتسبب قمعها من طرف قوات حفظ النظام في مقتل وجرح المئات.
وقد لجأ ماسرا في بداية الأمر إلى السفارة الأمريكية في نجامينا، ثم غادر لاحقا إلى الولايات المتحدة وأمضى سنة هناك، قبل أن يعود إلى تشاد إثر وساطة من الكونغو الديمقراطية، انتهت بتوقيع اتفاق بينه والنظام في العاصمة كينشاسا.
وأما بالنسبة للحضور الفرنسي فيبدو أن علاقات محمد ديبي بساكن قصر الإليزي ما تزال جيدة، على غرار ما كانت عليه مع والده خلال عقوده الثلاثة في الحكم، بل إن من ضمن العوامل الرئيسية لبقائه طيلة هذه الفترة، الحماية التي كان يتمتع بها من فرنسا.
ومع ذلك، فإن تجارب علاقات بعض دول الجوار تشادي مع روسيا، تؤكد أن موسكو من الصعب أن تقبل بالتجاور مع باريس في نفس البلد، فإما أن يتحالف ديبي مع الدب الروسي، أو يختار الديك الفرنسي.