يواصل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني جولة تفقدية واسعة في ولاية الحوض الشرقي، هي الأولى من نوعها إلى هذه المقاطعات منذ انتخابه رئيسا للبلاد.
وتستمر الزيارة لعدة أيام وتشمل مناطق حدودية مترامية الأطراف تعاني منذ سنوات من صعوبات اقتصادية واجتماعية ونقص في الخدمات الأساسية.
ورغم مرور أيام على الزيارة، لم يعلن الرئيس عن تدشين مشاريع جديدة، باستناء لإعلان عن إطلاق برنامج استعجالي لللنفاذ إلى الخدمات الأسياسية يستهدف 11 ولاية موريتانية باستثناء نواكشوط ونواذيبو.
الوضع الأمني في الواجهة
الجانب الأمني تصدر خطابات الرئيس خلال جولته، بحكم أن الحوض الشرقي يلاصق الحدود مع مالي التي تشهد توترات أمنية وحربا مفتوحة بين الحكومة وجماعات مسلحة متعددة.
الرئيس أكد أن الوحدات العسكرية والأمنية المرابطة على الحدود تقوم بدورها في حماية السكان وتأمين المنطقة.
ودعا المواطنين إلى التعاون مع هذه الأجهزة وتعزيز الحس الأمني داخل التجمعات السكانية القريبة من الحدود.
وقال ولد الغزواني إن مالي تمر بظرف استثنائي يفرض على الجميع التحلي بالحذر، خصوصا المنمين والتجار الذين يرتبط نشاطهم بالمناطق الحدودية، مؤكدا أن الدولة تتابع أوضاعهم وستعمل على توفير بدائل وتأمين مصالحهم داخل الأراضي الموريتانية قدر المستطاع.
كما شدد على ضرورة تفهم الظروف التي يمر بها الأشقاء في مالي، مؤكدا أن موريتانيا لن تتخلى عن علاقاتها التاريخية والاجتماعية والإنسانية مع الجارة الشرقية.
رسائل تنموية دون إعلان مشاريع جديدة
في الجانب التنموي، أكد الرئيس أن الحوض الشرقي يمتلك قدرات زراعية واقتصادية كبيرة يجب استثمارها، مشيرا إلى أن الحكومة أدرجت عددا من المشاريع التنموية ضمن برنامج النفاذ إلى الخدمات الأساسية.
غير أن تصريحات الرئيس لم تترافق حتى الآن مع إعلان مشاريع جديدة أو تدشينات، خاصة مع تزامن الزيارة مع ذكرى عيد الاستقلال، وهي مناسبة كانت تشهد عادة إطلاق مشاريع خدمية في الداخل.
ويقول سكان الولاية إنهم يعانون من:
• ارتفاع أسعار السلع الأساسية
• نقص المياه والصحة والتعليم
• ضعف البنية التحتية
• قلة فرص العمل
وينتظرون من الدولة إجراءات ملموسة وليست وعودا عامة.
موقف حازم من النزاعات القبلية
الزيارة شهدت أيضا خطابا شديدا وجهه الرئيس ضد النزاعات القبلية والجهوية، خاصة تلك المتعلقة بحفر الآبار والسدود واستغلال الموارد المحلية.
وقال إن هذه الممارسات تعيق التنمية وتضعف الدولة، مؤكدا أن الانتماء الوطني يجب أن يكون فوق كل ولاء آخر.
وحظر على المسؤولين حضور أو تنظيم أي فعاليات ذات طابع قبلي أو فئوي، مشددا على أن الدولة لن تتسامح مع أي خطاب يهدد الوحدة الوطنية.
سياق سياسي يفرض نفسه
تأتي هذه الجولة في وقت يسود فيه نقاش داخلي حول مستقبل المرحلة السياسية المقبلة، وما يرافقها من حديث عن ترتيبات مرحلة ما بعد انتهاء المأمورية الحالية.
لذلك يرى بعض المراقبين أن الزيارة تحمل بعدًا سياسيًا إلى جانب بعدها التفقدي، خاصة في ولاية تعد خزاناً انتخابياً مهمًا في البلاد.
في المقابل، تؤكد الحكومة أن الجولة مخصصة للاستماع للمواطنين والاطلاع المباشر على أوضاعهم.
جولة الرئيس في الحوض الشرقي يرى مراقبون أنها بعثت برسائل واضحة في ثلاثة اتجاهات رئيسية:
1. تأكيد جاهزية الدولة لحماية حدودها وأمن مواطنيها.
2. التذكير بأهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية ونبذ القبلية.
3. التأكيد على التزام الدولة بمسار التنمية رغم تأخر الإعلان عن مشاريع جديدة.
ويبقى سكان الحوض الشرقي ينتظرون ترجمة هذه الرسائل إلى إجراءات عملية تحسن واقعهم المعيشي، وهو ما سيحدد في نهاية المطاف تقييمهم للزيارة وأثرها على حياتهم اليومية.
كما يبقى نجاح هذه الزيارة مرهون بما ستُتبع به من قرارات عملية لتحسين حياة السكان، وأن لاتبقى مجرد خطابات وتوجيهات.





