بدأت رسميا ولاية الرئيس الأنغولي جواو لورينسو كرئيس للاتحاد الإفريقي خلفا للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك في ظل تحديات كبيرة تشهدها القارة الإفريقية على عدة مستويات.
فعلى صعيد عدم الاستقرار السياسي والأمني، يشهد شرق الكونغو معارك عنيفة بين حركة “أم23” والجيش الكونغولي، وسط مخاوف من تداعيات ذلك على كامل منطقة البحيرات الكبرى.
وتتهم الكونغو رواندا بدعم هذه الحركة، بل إن الأمم المتحدة تتحدث عن وجود نحو 4 آلاف جندي رواندي في شرق الكونغو الغني بالنفط والمعادن، لكن كيغالي تنفي كل ذلك.
وسبق للرئيس الأنغولي أن توسط في الأزمة الكونغولية، وتم التوصل إلى اتفاق بين سلطات كينشاسا والحركة المتمردة لكنه سرعان ما انهار، وتبادل الطرفان المسؤولية بشأن ذلك.
ولا يستبعد الآن أن يستأنف لورينسو مهمة الوساطة، وقد بات في موقع يمنحه شرعية أكبر، وبالتالي فرصة أكبر كذلك لإقناع الطرفين بإنهاء الحرب.
ولا تقل الحرب في السودان استعصاء وصعوبة عنها في الكونغو الديمقراطية، فمنذ زهاء عامين يتواصل الاقتتال الدامي بين الجيش وقوات الدعم السريع، وقد فشلت في إنهائه كل المساعي الإفريقية والدولية والأممية، ما يصعب من مهمة لورينسو إزاء الوضع بهذه الدولة معلقة العضوية بالاتحاد الإفريقي.
وتعتبر الأزمة الليبية ثالث الأزمات الرئيسية الحالية الكبرى التي ستشكل تحديا أمام الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي، وقد وقعت بعض أطرافها ممثلة في مجلسي “النواب” و”الأعلى للدولة”، إضافة إلى “المجلس الرئاسي”، ومجموعة أخرى تمثل سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، على ميثاق للسلام والمصالحة الوطنية، قبل انطلاق القمة الإفريقية الأخيرة.
ولكن أطرافا أخرى غابت عن الاتفاق بينها حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة والمعترف بها دوليا، وهو ما يعطي صورة عن صعوبة التوصل إلى تفاق ينهي حالة الانقسام والاقتتال الداخلي، التي تعيشها البلاد منذ نحو عقد ونصف.
وتدخل هذه الأزمات الثلاث في إطار بند “إسكات البنادق” الذي يشكل أحد مرتكزات أجندة إفريقيا للعام 2063، التي دخلت الآن عشريتها الثانية، وقد حظيت بمستوى كبير من النقاش خلال القمة المختتمة بأديس أبابا.
وقد ركز الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي في معظم الكلمة التي ألقى بعد تسلمه المهام، على محاور مختلفة من هذه الأجندة، خصوصا ما يتعلق بقضايا السلم والأمن، والاستثمار في التنمية، وتعزيز القطاع الصناعي.
إن تسريع وتيرة تطبيق هذه الأجندة الطموحة، سيكون أحد رهانات وأولويات الرئاسة الجديدة للاتحاد الإفريقي، لاسيما ما يتعلق بالبعد الاقتصادي والتجاري، والذي في إطاره أطلق الاتحاد الإفريقي رسميا منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في فاتح يناير 2021.
وما تزال هذه المنطقة التجارية، التي تعد الأكبر منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية عام 1994، تواجه بعض القيود والتحديات تعوق تحقيق الأهداف المنتظرة منها على صعيد التكامل الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية.
ومن ضمن الرهانات والتحديات الملحة التي يجب على الاتحاد الإفريقي الحسم فيها، قضية التمويل حيث تعتمد ميزانية الاتحاد بأكثر من الثلثين على المساعدات الأجنبية، وهو ما يقوض استقلالية القرار، ويفسح الباب أمام الممولين لإملاء قراراتهم وتنفيذ أجنداتهم.
إن الرئيس الأنغولي جواو لورنسو يتمتع بمصداقية وثقة كبيرة على الصعيد الإقليمي، ويدير بمستوى كبير من النجاح التنافس الدولي على بلاده الغنية بالنفط والغاز، ما مكنها من جذب استثمارات هائلة من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مع الانفتاح في نفس الوقت على تعزيز الشراكة والتعاون مع أطراف دولية أخرى مختلفة.
كما يبدي لورينسو مستوى من الجدية في محاربة الفساد، وهو داء ينخر جسم القارة الإفريقية، ويبقي معظم بلدانها تعيش تحت خط الفقر، رغم الموارد الكبيرة التي تزخر بها.
فهل ينجح السبعيني لورينسو في مواجهة الملفات الشائكة في القارة حاليا؟ أم أنه سيمر دون ترك أثر؟
جواو لورينسو رئيسا للاتحاد الإفريقي.. هل يكسب الرهان؟
