spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

تين زاواتين.. هل انتهت المعارك؟ أم إحدى محطاتها فقط؟

شهدت قرية “تين زاواتين” المالية قرب الحدود مع الجزائر، خلال الأيام الثلاثة الماضية معارك ضارية بين الجيش المالي مدعوما من طرف مجموعة “فاغنر” الروسية، وبين المجموعات الأزوادية المسلحة.
وتعد هذه المنطقة حساسة بالنسبة لمالي، لقربها من الجزائر المتوترة علاقاتها معها – على إثر استقبال سلطاتها الرسمية قادة أزواديين، وكذا الإمام المعارض النافذ محمود ديكو، دون التنسيق مع نظيرتها في باماكو – لذلك فقد سعى الجيش المالي للسيطرة عليها، وهي الواقعة خارج قبضته منذ سنوات عديدة.
كما أن “تين زاواتين” كذلك مهمة بالنسبة للجماعات الأزوادية لأنها تشكل واحدة من القلاع القليلة التي ما تزال تحت سيطرتها، منذ المواجهات بينها والجيش المالي نهاية عام 2023، في إطار ما يسميه بسط “السيادة” على كامل أراضي البلاد.
ورغم التباين الحاصل في المواقف الصادرة عن الجماعات المتقاتلة، فإن من الواضح أن الجيش المالي وحليفته “فاغنر” خسرا هذه المعركة لصالح القوات الأزوادية، التي انتشت بما اعتبره الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي “نصرا مدويا”.
وقد تحدث هذا الإطار عن مقتل 7 من المقاتلين الأزواديين، وجرح 12 آخرين، ومقتل عدد لم يحدده من عناصر الجيش المالي ومجموعة “فاغنر” وأسر عدد آخر منهم، فضلا عن تدمير بعض المعدات والآليات العسكرية.
وبالمقابل قدم الجيش المالي في بيانين منفصلين حصيلتين للمعارك، تحدث في أولهما عن مقتل 2 من جنوده وجرح 10 آخرين، وكذا مقتل 20 من المقاتلين الأزواديين، فضلا عن تدمير بعض المعدات العسكرية، وفي الثاني تحدث عن مقتل 5 من العناصر الأزوادية.
أما مجموعة “فاغنر” فلم تقدم أي حصيلة للأحداث، واكتفت على قناتها على “تليغرام” بالقول إن هذه “ليست المعركة الأولى غير المتكافئة مع الإرهاب العالمي، ولن تكون الأخيرة”، كما تحدثت عن تعرض قافلة تابعة لها وللجيش المالي لهجوم من طرف جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، أسفر عن قتلى، لم تذكر عددهم.
وأشارت “فاغنر” إلى أن خصمها والجيش المالي في المعارك، استغل “عاصفة رملية لصالحه، حيث لم تتمكن الطائرات من تقديم الدعم بسبب الظروف الجوية”.
ويبدو أن “فاغنر” والجيش المالي، كانا يعولان على الغطاء الجوي من أجل حسم المعركة على الأرض، وهو ما يعني أنهما لن يستسلما للهزيمة التي تجرعا مرارتها، وسيستأنفان القتال لاحقا، وإن اقتضى الأمر ذلك، قد يكون هناك سند من النيجر وبوركينا فاسو، على غرار ما حصل في معارك استعادة مدينة كيدال.
ولعل ما بعد هذه الجولة من معارك “تين زاواتين” يطرح عددا من التساؤلات والسيناريوهات بشأن مستقبل الوضع في مالي، وما إذا كانت الحركات الأزوادية المسلحة ستستثمر هذا الانتصار، من أجل استعادة ما أخذ منها من مناطق كانت خاضعة لسيطرتها، أم أنها ستكتفي بالعمل على تحصين القرية الصغيرة، الملاذ الأخير؟
وفي هذه الحالة، هل يتوقع أن تتحالف القوات الأزوادية مع جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” بقيادة إياد أغ غالي، رغم اختلاف المقاصد والغايات، وإن توحد المستهدَف؟
إن موقف الجزائر هي الأخرى من توتر الأوضاع بالقرب من حدودها، سيكون عاملا مساعدا على معرفة ما إذا كان ما يجري على الأراضي المالية سيبقى في حدود البلاد، أم ستكون له امتدادات إقليمية.
هل سيتجه جيشا البلدين الجارين إلى الدخول مثلا في مناوشات على الحدود، خصوصا وأن بعض الكتاب، والصحفيين الماليين اعتبروا أن ما حققته المجموعات المسلحة الأزوادية على الميدان، مؤشر على أنها قد تكون حصلت على دعم عسكري من الجزائر.
كما أن فرنسا لا يستبعد في نظر آخرين أن تكون قد أمدت المجموعات الأزوادية ببعض المدد العسكري، وفي حال ثبت أي من ذلك، فإن الأمر يعني أن هذه المجموعات ستستعد بشكل أكبر في الفترة المقبلة، وفي كل الأحوال تكون المعارك الأخيرة مجرد محطة من محطات أوسع يتداخل فيها المحلي مع الإقليمي والدولي.

spot_img