spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

تناقض وشبهات فساد.. منظمة الشفافية تكشف اختلالات خطيرة في تنفيذ مشروع اركيز الزراعي

أصدرت منظمة الشفافية الشاملة، اليوم الأربعاء، تقريرا خاصا حول مشروع اركيز الزراعي، قالت إنه يشمل توثيقًا وتحليلًا شاملًا للأحداث والتطورات المتعلقة بالمشروع.

وتناول الملحق الأول ماوصفه التقرير بالشبهات المتعلقة بالفساد المالي (المتعلق بتمويل المشروع تحديدا)، وألقى الضوء على الشبهات المحيطة بآليات التمويل: حجم الموارد المرصودة، وعدم الالتزام بأوجه صرفها، مع الإشارة إلى التجاوزات والتهاون الذي أدى إلى تأخر المشروع وارتفاع كلفته، وفقا للتقرير.

وجاء في التقرير أنه في الثالث والعشرين من نوفمبر عام 2023، وتزامناً مع الذكرى 63 لعيد الاستقلال الوطني، تم تدشين مشروع اركيز الزراعي بحفل رسمي ترأسه رئيس الجمهورية وأعلن فيه وزير الزراعة أن تكلفة المشروع بلغت: 127,5 مليون ريال سعودي وهو ما يعادل 12,7 مليار أوقية قديمة حسب قوله، ممولة من الصندوق السعودي للتنمية، الذي كان ممثلا في حفل التدشين من طرف مدير عام عمليات الدول العربية في الصندوق؛ غير أن الموقع الرسمي التابع لوزارة الزراعة نشر بعد ذلك معلومات مختلفة، حيث أشار إلى أن تكلفة المشروع وصلت إلى 14.4 مليار أوقية .

وتناول التقرير ماوصفه بالتناقض في قيمة الصفقات والتكاليف المعلنة، فبحسب الموقع الرسمي للجنة رقابة الصفقات العمومية، يضيف التقرير “توجد ثلاث صفقات فقط لتنفيذ أشغال هذا المشروع، موزعة على النحو التالي:
1. مبلغ 5,8 مليار أوقية: قيمة الصفقة مع شركة “استام” لاستصلاح 3500 هكتار (الوثيقة1)
2. مبلغ 3,2 مليار أوقية قديمة: قيمة الصفقة مع شركة “SNAT”, و (MTC ) المخصصة لتجريف مجرى لعويجة (الوثيقة 2)
3. مبلغ 237 مليون أوقية قديمة (+ 667.200 أورو)، قيمة الصفقة مع مكتب الدراسات (MCG) (الوثيقة3)،
ومنه يتضح أن التكلفة حسب الصفقات المبرمة هي حوالى: 9,3 مليار أوقية قديمة فقط، أي بفارق كبير (حوالي 4 إلى 5 مليارات أوقية) عن تكلفة المشروع المعلنة رسمياً والتي اختلفت من جهة لأخرى كما يلي:
• التكلفة المعلنة عبر الموقع الرسمي للصندوق السعودي للتنمية 43 مليون دولار، وهو ما يعادل 13,5 مليار أوقية قديمة كما تثبت (لقطة الشاشة 1)
• التكلفة المنشورة عبر الموقع الرسمي لوزارة الزراعة: 14.4 مليار أوقية قديمة، قد يتعلق الأمر بتمويل إضافي من الخزينة العامة زيادة على المبلغ الاجمالي للقرض كما تثبت (لقطة الشاشة 2)”.

وفي استعراض التقرير لشبهات الفساد، أكد أن الفارق البالغ 4 مليارات أوقية يشير إلى وجود أموال تم تبديدها أو صرفها في أوجه غير واضحة وخارج إطار الاتفاقيات المبرمة مع الصندوق السعودي، مؤكدا أن هذه الممارسات تثير تساؤلات عديدة حول شفافية التصرف في التمويل، وكذا الجهات المستفيدة من هذا الفارق، ومدى التزام الجهات المعنية باحترام اتفاقيات التمويل الدولي.

وأشار التقرير إلى أن منظمة الشفافية راسلت وزارة الزراعة والأمن الغذائي مرتين للحصول على معلومات تتعلق بهذا التباين الواضح بين الجهات المعنية بخصوص الكلفة الإجمالية للمشروع (الرسالة الأولى كانت بتاريخ 14/08/2024)، غير أنها لم تحصل على أي رد على تساؤلاتها مرفقة نسخا من المراسلات.

وأكد التقرير، أن بنود اتفاقية التمويل مع الصندوق السعودي للتنمية، والتي أرفق نسخاً، توضح أن بعض الأموال المفقودة كان مخصصاً لعدة فئات أساسية من المشروع، وفقاً للجدول الأول من الاتفاقية (الوثيقة 4)، والمفصل في الجزئيين الثاني والثالث من (وصف المشروع) (الوثيقة 5)، وذلك على النحو التالي :
1. شراء المعدات الزراعية:
• ثمانية جرارات مزودة بكامل ملحقاتها.
• أربع حاصدات مخصصة للأرز والقمح.
2. الإرشاد الزراعي:
• تقديم التدريب والدعم الفني للمزارعين المحليين لتعزيز قدراتهم الإنتاجية.
• توفير المتطلبات اللوجستية.

وذكر التقرير أن أحد أبرز الاختلالات التي أثرت على الاتفاقية هو تأخر تنفيذ المشروع بأربع سنوات عن الآجال المحددة، حيث كان من المفترض أن ينتهي تنفيذ المشروع قبل عام 2020، إلا أنه تأخر أربع سنوات، فنتج عن ذلك نفاد فترة السماح، فبدأ تسديد دفعات القرض واحتساب الفوائد قبل انتهاء المشروع بثلاث سنوات، ودون الاستفادة من فترة السماح (الوثيقة 6).

واستعرض التقرير من بين الآثار الاقتصادية السلبية؛ هدر الموارد المخصصة لثلاث فئات على النحو التالي:

• تبديد الأموال التي كان من المفترض استخدامها لشراء المعدات والحاصدات، مما تسبب فعلا خلال السنة الأولى في ضعف الإنتاج وتلف جزء مهم من المحاصيل،
• تبديد الموارد المخصصة للدعم الفني والمتطلبات اللوجستية، مما أثر بشكل مباشر على كفاءة المشروع ومعاناة المزارعين،
• استنزاف الرصيد الاحتياطي، حيث يشير الجدول رقم1، (الوثيقة 4) إلى أنه تمت برمجة 16 مليون ريال، أي ما يعادل 1,7 مليار أوقية قديمة، كاحتياطي يضمن إجراء التغييرات والإصلاحات الضرورية لجودة المشروع.

وجاء في التقرير: “ولكن على العكس من ذلك، بعد استلام المشروع واكتشاف الاختلالات الكبيرة وتعدد أوجه الفشل، لم تتوفر الموارد المطلوبة لإصلاحه بسبب اختفاء أو تبديد الموارد المبرمجة لذلك في الاتفاقية”.

ولفت التقرير إلى أنه قد يفسر هذا وجود طلب موجه إلى الصندوق السعودي لتمويل ملحق إضافي (avenant)، هو الآن في مراحله الأخيرة، ينتظر موافقة الممول، ربما للتغطية على هذه “الاختلالات الخطيرة”.

وختم تقرير منظمة الشفافية، بملاحظات ومطالب ختامية، أكدت فيها المنظمة، أن “هذه المخالفات الواضحة في تمويل المشروع وتنفيذه، إلى جانب التأخير والتجاوزات المالية، تكشف عن وجود فساد ممنهج وإهمال جسيم، أثرا سلباً على الجدوى الاقتصادية للمشروع”.

وطالبت المنظمة الحكومة بفتح تحقيق عاجل لتتبع مسار الأموال المفقودة، كما طالبتها بنشر نتائج التحقيقات بشكل مفصل لطمأنة الرأي العام وضمان محاسبة المتورطين.

وختمت المنظمة بالتأكيد على أنها ستواصل في الجزء الثاني التركيز على مظاهر الفشل في تنفيذ الأشغال من قبل الشركات المنفذة، والذي حال دون تحقيق الأهداف المنشودة من المشروع.

ومنظمة الشفافية الشاملة الموريتانية، هي منظمة غير حكومية تستند في عملها على القانون رقم: 004 – 2021، الصادر بتاريخ: 10 فبراير 2021، وتسعى إلى خلق نوع جديد من الرقابة الجماعية يقوم على النشر والإفشاء.

وتكشف المنظمة شبهات الفساد عن طريق نشر الملخص العام والملحقات وتسليم نسخ منها للجهات المختصة والمهتمة.

spot_img