spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

تشريعيات السنغال.. إرادة الفوز وإرادة منع الفوز

رهان كبير يرفعه حزب الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف بـ”باستيف” في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت الأحد في السنغال، ودعي للتصويت فيها أزيد من 7 ملايين و300 ألف ناخب.
فالحزب الذي تم حله في نهاية يوليو 2023، خلال أواخر فترة نظام الرئيس السابق ماكي سال، دون أن يؤثر ذلك على شعبيته، حيث فاز القيادي في صفوفه بصيرو ديوماي فاي برئاسة الجمهورية، يرفع مجددا سقف التحدي، حيث يسعى في التشريعيات الحالية إلى الحصول على أغلبية برلمانية مطلقة، تضمن للنظام تنفيذ مشاريعه بسلاسة.
لكن إرادة حزب “باستيف” الذي دفع برئيسه الوزير الأول عثمان سونكو على رأس لائحته الوطنية من أجل كسب الرهان نظرا لشعبيته الواسعة في صفوف الشباب، ولكون أغلب المدعوين للتصويت شباب، تصطدم بإرادة معارضة مشتتة لكنها قوية.

فالرئيس السابق ماكي سال الخارج قبل أشهر قليلة من الرئاسة، يتنافس على التشريعيات من خلال قيادته لتحالف “تاكو والو” أي “العزم والإنقاذ”، ويضم هذا التحالف قوى ليبرالية وأحزاب معارضة تقليدية كالحزب الديمقراطي السنغالي الذي يتزعمه الرئيس الأسبق للبلاد عبد الله واد.

ويخوض ماكي سال التنافس وهو خارج البلاد، على وقع تبادل قوي للاتهامات بينه وبين عثمان سونكو بشأن الفساد وسوء التسيير، وهو سجال يعتبر امتدادا للتوتر الذي كان قائما بين الرجلين منذ فترة.
ففي عهد ماكي سجن سونكو وبصيرو، ولكنهما لم يستسلما، وقد أكسبهما السجن تعاطفا واسعا أوصلهما إلى سدة الحكم في بلد يعتبر مثالا للديمقراطية في المنطقة واستثناء في مختلف بلدانها، إذ لم يسبق أن وصل فيه رئيس السلطة عبر انقلاب عسكري.

وإلى جانب ماكي سال، تشارك المعارضة السنغالية في الانتخابات الحالية بوجه آخر كان أحد وجوه نظام الرئيس السابق، وخاض الرئاسيات الماضية مرشحا للحزب الحاكم، يتعلق الأمر بأمادو با، فبعد أسابيع على تأسيسه حزبا سياسيا مكرسا بذلك القطيعة مع ماكي، قرر با خوض الانتخابات الحالية على رأس تحالف “السلام والازدهار”.
ويتنافس في التشريعيات وجه معارض آخر هو عمدة داكار الحالي بارتيليمي دياس، الذي يرأس تحالف “الوفاء بالعهد”، ويتطلع إلى حصول ائتلافه على عدة أصوات في البرلمان.

وفيما لا يريد باستيف أقل من الحصول على أغلبية المقاعد البرلمانية، فإن المعارضة وإن تشتت أصواتها تتوحد على هدف منع الحزب الحاكم من أغلبية برلمانية تجعله يمرر كل القوانين دون صعوبة.
وإذا تمكنت المعارضة من تحقيق هذا الهدف، فإنها ستكون قد كررت سيناريو 2022، حيث منع حزب باستيف والحزب الديمقراطي السنغالي، تحالف “بينو بوك ياكار” وتعني “متحدون بالأمل” من الحصول على أغلبية، ولولا أن أحد البرلمانيين المستقلين دعم الائتلاف الحاكم لبقي بلا أغلبية.

أما إذا تمكن باستيف منفردا من الحصول على أغلبية، فإن ذلك سيكرس تزكية السنغاليين لمسار نظام بصيرو وسونكو خلال ما تبقى من الولاية الرئاسية، والتي شهدت أشهرها الماضية خفضا لأسعار العديد من المواد الغذائية، وإعلان عن السعي إلى مراجعة اتفاقيات بين البلاد وبعض الشركات أو الأطراف الأجنبية من أجل استفادة أكبر للسنغال واقتصادها، وبالتالي تحسين أوضاع مواطنيها.
وقد أطلق نظام ماكي وبصيرو خلال الفترة الأخيرة خطة تنموية تمتد على مدى ربع قرن بقيمة مالية قدرها 30 مليار دولار، وتقوم بالأساس على القطيعة مع التبعية للخارج، والابتعاد عن المديونية، والاعتماد بدل ذلك على الموارد المحلية ورأس المال البشري.

ومع دخول البلاد رسميا نادي الدول المنتجة للنفط، واستعدادها لدخول نادي البلدان المصدرة للغاز، فإن هذه الخطة قد تعزز ثقة السنغاليين في النظام الحالي، ومع ذلك فإن المعارضة السنغالية لم تكن يوما ضعيفة.

spot_img