spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

بعد فتورها في العهد السابق.. السنغال ومالي تفتحان صفحة جديدة في علاقاتهما

قبل أيام زار وزير الدفاع السنغالي الجنرال إبراهيم ديوب، دولة مالي التي تتقاسم مع بلاده حدودا يتجاوز طولها 400 كيولومتر، وتباحث مع نظيره الجنرال ساديو كامارا، حول ملفات التعاون الأمني بين داكارا وباماكو.
كما كانت للمسؤول السنغالي كذلك مباحثات مع الرئيس الانتقالي المالي الجنرال عاصيمي غويتا، حول تعزيز التعاون العسكري في مواجهة نشاط الجماعات المسلحة.
وتعتبر هذه الزيارة هي الأولى لمسؤول سنغالي إلى مالي، بعد الخروج الرسمي لباماكو رفقة جارتيها وحليفتيها في التجمع الثلاثي “تحالف دول الساحل” نيامي وواغادوغو، من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
وكانت “سيدياو” في آخر قمة لها بالعاصمة أبوجا، قد جددت الثقة في الرئيسين السنغالي بصيرو ديوماي فاي، والتوغولي فور نياسبنغبي، كمبعوثين للدول الثلاث من أجل الحوار معها وإقناع قادتها العسكريين بالتراجع عن خطوة الانسحاب، وهي الخطوة التي فشل فيها الرئيسان.
فقد أعلن رسميا نهاية يناير الماضى عن خروج هذه البلدان من المنظمة غرب الإفريقية، وبات عدد أعضائها 12 دولة فقط، ومع ذلك أكدت “سيدياو” على إبقاء باب الحوار مشرعا.
إن توقيت زيارة وزير الدفاع السنغالي، والرسالة متعددة الأبعاد التي أكد عليها، والمتعلقة بتعزيز التعاون في مجال “الحرب المشتركة ضد الإرهاب” و”الجريمة العابرة للحدود”، و”الاتجار غير المشروع”، فضلا عن “توحيد الجهود في المجال الاستخباراتي وتبادل المعلومات والتدريب العسكري”، تؤكد أن صفحة جديدة تفتح بين داكار وباماكو، بعد فترة من الفتور في عهد الرئيس السابق ماكي سال، بفعل عقوبات “سيدياو” على عسكريي مالي لمحاولة ثنيهم عن الانقلابين العسكريين اللذين نفذوا ضد الرئيس المدني الراحل إبراهيم بوبكر كيتا، والرئيس الانتقالي العسكري المتقاعد باه نداو، وانخراط جميع بلدان المنظمة في تنفيذ تلك العقوبات، لاسيما الدول المجاورة لمالي.
ويشكل الجانب العسكري الذي أرادت السنغال أن يكون أول ما يكتب على صفحة التعاون الجديدة مع مالي، أحد الجوانب التي كانت للعسكريين الماليين مآخذ على “سيدياو” بشأنها، ففي بيان الانسحاب الثلاثي الصادر عن مالي والنيجر وبوركينا فاسو في يناير 2024، كان من ضمن المسوغات أن المنظمة لم تقف إلى جانب هذه الدول في مواجهة خطر الجماعات المسلحة.
وينتظر أن تتعزز الثقة أكثر بين البلدين، بعد انسحاب القوات العسكرية الفرنسية من الأراضي السنغالية، المنتظر أن يتم خلال العام الجاري، في إطار “السيادة” التي تشترك السلطات العليا بالبلدين في تبنيها، وإن اختلفت الآليات باختلاف الموقف من باريس.
ولعل السنغال بخلق المزيد من الانفتاح على تعزيز العلاقات مع مالي، تريد أن تظهر أنها في عهد بصيرو وعثمان سونكو، تختلف عنها في عهد ماكي سال، وأنه بإمكانها تحويل الفشل في ثني باماكو وجارتيها عن الانسحاب من “سيدياو”، إلى نجاح في تعزيز العلاقات بين الطرفين خلال فترة ما بعد الانفصال.
وهكذا فإن زيارة وزير الدفاع، ليست إلا امتدادا لزيارتي بصيرو للسنغال في 30 من مايو 2024، وزيارة وزيره الأول عثمان سونكو للبلاد في شهر أغسطس الماضي، وربما تتوالى الزيارات المتبادلة لاحقا، بعدما انقشع غبار الفتور.
إن الفترة المقبلة التي تتطلع في أفقها مالي والسنغال إلى تعزيز تأمين حدودهما المشتركة، ستشهد نموا لحركة البضائع والأشخاص بين البلدين، وهو هدف يهم مالي أن يطبع علاقاتها مع “سيدياو” كذلك في المستقبل، فهي وحليفتاها لا تريد انفصالا نهائيا مع المنظمة، ولا عزلة مطبقة عن فضائها غرب الإفريقي، وإنما كل ما تريده هذه الدول من خلال خطوة الانسحاب، أن يبقى العسكريون في السلطة دون ضغوط أو عقوبات.
إن هذه البلدان تدرك جيدا أن القطيعة مع الفضاء غرب الإفريقي ستؤثر كثيرا على اقتصاداتها، وعلى أوضاع سكانها الذين يزيدون على 70 مليون نسمة، لذلك فإن تعزيز العلاقات مع دول الجوار خصوصا الأعضاء في “سيدياو” يهمها بشكل كبير.

spot_img