spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

النيجر.. هل حانت لحظة التدخل العسكري؟

مضى شهر كامل على الانقلاب العسكري في النيجر، وعزل الرئيس المنتخب محمد بازوم، دون أن يعود العسكريون إلى ثكناتهم، كما تطالب بذلك المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو” والاتحاد الإفريقي، وجزء واسع من المجتمع الدولي.

وقد نجح العسكريون في كسب عامل الوقت طيلة شهر، حيث شكلوا حكومة جديدة، وعينوا بعض السفراء، والحكام العسكريين بعشرات المناطق.

كما نجحوا كذلك في خلق قاعدة شعبية مدنية واسعة مساندة للانقلاب، بل إن آلاف الشباب تطوعوا بالقتال إلى جانب العسكريين في حال تعرض البلاد لهجوم من طرف “سيدياو”.

وفي خطوة تعكس أنهم لا يأهبون بالدعوات الإقليمية والدولية، دعا عسكريو نيامي مختلف فئات الشعب إلى حوار وطني شامل، واقترحوا فترة حكم انتقالي مدتها 3 سنوات.

ورغم أن البلاد تأثرت كثيرا بالعقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة عليها طيلة شهر من طرف المجموعة غرب الإفريقية، إلا أن هذا الإجراء العقابي لم يمكن بعد من تحقيق مطالب “سيدياو” في عودة الشرعية الدستورية.
ومع مطلع الشهر الثاني على عزل بازوم وأسرته، واعتقال عدد من وزراء حكومته، فإن مؤشرات التدخل العسكري باتت أكبر، فقد حذر الرئيس النيجيري الرئيس الدوري لسيدياو بولا أحمد تينوبو من أن عدم تجاوب انقلابيي نيامي “سيفتح الباب لتحرك أطراف أخرى”.

ويجري الحديث عن تشكيل قوة عسكرية، بمشاركة كل من نيجيريا وبنين، والسنغال وكوت ديفوار، وغانا، وقد تشارك فيها دول أخرى، وهي جاهزة وتنتظر إذنا بالتدخل العسكري من طرف قيادة سيدياو.

ويبدو أن المجلس العسكري النيجري، يأخذ هذه التحركات على محمل الجد، فقد تم أمس تداول وثيقة داخلية أصدرها رئيس أركان النيجر، تدعو القوات المسلحة إلى “البقاء في حالة تأهب قصوى”، وتعتبر أن “تهديدات العدوان على أراضي الوطن صارت محسوسة بشكل متزايد”.

كما فوض رئيس المجلس العسكري النيجري الجنرال عبد الرحمن تياني، قوات مالي وبوركينا فاسو التدخل عسكريا في النيجر، إذا تعرضت لهجوم من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

وقبل هذا التفويض الذي تم الإعلان عنه خلال زيارة وزيري خارجية باماكو وواغادوغو إلى نيامي، نشر البلدان الجاران للنيجر طائرات حربية في البلاد، للمساهمة في التصدي لأي تهديد عسكري تتعرض له.

وتعكس هذه الخطوات المتوالية، أن فرص التدخل العسكري في النيجر تبدو الآن أكبر من ذي قبل، رغم أنه قد لا يكون حاسما في إعادة محمد بازوم إلى السلطة، بل إنه قد لا يضمن حتى سلامته وعائلته، إلا أن سيدياو قد تجد نفسها مجبرة على ذلك، إنقاذا لمصداقيتها، وقطعا للطريق أمام أي انقلاب آخر بإحدى دولها الأعضاء.

فالحزم الذي تتخذه الآن “سيدياو” إزاء انقلابيي النيجر، لو كانت اتخذته من قبل في مواجهة انقلابيي مالي، لما حصلت انقلابات عسكرية في بوركينا فاسو، وغينيا كوناكري، ولما وصلت العدوى إلى نيامي.

أما وقد حصل ذلك، فإن المجموعة غرب الإفريقية، تعتبر أن أي تهاون إزاء هذا الانقلاب سيقدمها بصورة العاجز الضعيف أمام موجة دوس العسكريين على الديمقراطية، وسيشجع عسكريين آخرين على الإطاحة بأنظمة مدنية مختلفة تحت يافطات متعددة.

وفضلا عن ذلك فإن الحكم العسكري الانقلابي القائم في مالي وبوركينا فاسو، يعطي مثالا حيا على عجز الانقلابيين عن التصدي للتحديات التي تواجه بلدان المنطقة، وفي مقدمتها الوضع الأمني.

ففي الحالة المالية فإن نشاط الجماعات المسلحة يتوسع بالشمال والوسط، بل إن مدينة تمبوكتو التاريخية تخضع لحصار من طرف الجماعات المسلحة منذ نحو أسبوعين.

وفي بوركينا فاسو، اعترف النقيب إبراهيم تراوري الذي يحكم البلاد إثر انقلاب عسكري، في مرات عدة بأن الوضع الأمني يتدهور، حيث يسيطر المسلحون على نسبة حوالي 40% من مساحة البلاد.

فهل يتكرر نفس السيناريو في النيجر، وقد شهدت تزايدا كبيرا لهجمات الجماعات المسلحة منذ الانقلاب العسكري في 26 يوليو الماضي؟

محفوظ ولد السالك / كاتب متخصص في الشأن الإفريقي

 

spot_img