طوت الأزمة في السنغال جراء تأجيل الرئيس ماكي سال موعد الانتخابات الرئاسية، أسبوعها الأول مخلفة 3 قتلى وعددا من الجرحى، فضلا عن بعض المعتقلين، في مؤشر على العودة لمربع التوتر الذي ألفته البلاد قبل أي انتخابات.
ويبدو أن لكل طرف في هذه الأزمة رهاناته من أجل أن يميل ميزان القوة لصالحه، فالمعارضة تراهن على تحريك الشارع، وعلى كسب تأييد المواقف الإقليمية والدولية، لإرغام الرئيس على التراجع عن قراره.
وبالمقابل يراهن ماكي سال على الاستجابة للحوار الشامل الذي دعا له، وعلى تجديد تأكيد إعلان عدم ترشحه في كل مناسبة، من أجل نزع فتيل الأزمة، والتوجه نحو الانتخابات الرئاسية المؤجلة 10 أشهر، بروح توافقية.
ويبدو في ظل حالة الاستقطاب القوية أن التوتر قد يأخذ فترة، خصوصا في ظل عدم وجود توافق داخلي على مستوى كل طرف، ففي المعسكر الداعم للنظام هناك رافضون لقرار تأجيل الانتخابات، وعلى صعيد المعسكر المعارض هناك المؤيد للتأجيل، وهناك الرافض له كذلك.
صحيح أن في الأمر إيجابية تعكس مستوى من الديمقراطية التي كثيرا ما عرفت بها البلاد، ولكن أيضا فيه تأكيد على تعقيد الوضع.
ويبدو عمليا أن الرئيس لن يتراجع عن قرار التأجيل، وسيجري حوارا بمن حضر من المعارضة والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني، والشخصيات المستقلة، ومعظم المترشحين، الذين قبلت أو رفضت ملفات ترشحهم للرئاسة.
وأقصى ما سيتم التوصل إليه غالبا هو إحداث تغيير شامل أو جزئي على تشكيلة المجلس الدستوري، وبعض القضايا الأخرى المتعلقة بضمان شفافية الاقتراع، مع إبقاء الرئيس على مرشحه، وتوسيع دائرة قبول المترشحين لتشمل أسماء جديدة أبرزها المعارض المقيم بالمنفى كريم واد.
وفي هذه الحالة فإن أي رفض لترشح المعارض المعتقل عثمان سونكو، أو القيادي في حزبه “باستيف” المنحل، باسيرو ديوماي فاي، لن يحمل أملا للمعارضة بإمكانية الفوز في الانتخابات، وسيكون ماكي سال قد ضمن نجاح مرشحه أمادو با.
ولا يبدو كذلك أن المعارضة لديها رغبة كبيرة في السماح لعثمان سونكو بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية، رغم أن الموعد الجديد للانتخابات سيحل وقد انتهت فترة محكوميته، المعتقل على أساسها حاليا.
فغياب التوافق على مرشح موحد، وتضارب الأجندات، والخلفيات، يجعل المعارضة ترغب في غياب سونكو، لأنه سيحصد كل أصواتها وهو الذي حل ثالثا في أول مشاركة له في الانتخابات الرئاسية عام 2019 بنسبة 15.67% من أصوات الناخبين.
ويعد حزبه حاليا ثاني قوة على مستوى البرلمان ال14 في تاريخ البلاد، حيث يمتلك 56 نائبا، مقابل 24 نائبا للحزب الديمقراطي السنغالي العريق، حزب الرئيس السابق للبلاد عبد الله واد.
ويبدو أن المتفق عليه غير المعلن بين ماكي سال والمعارضة، رغم التوتر الحاصل حاليا، هو عدم مشاركة عثمان سونكو وربما أيضا أي مرشح من حزبه، فرفاق المعارض المعتقل غير متفقين معه، وترشحه يعني تراجع حظوظهم، أما بالنسبة للرئيس منتهي الولاية فإن فوز سونكو، يعني بدء مرحلة الانتقام، وبالتالي جره شخصيا إلى المحاكمات والسجون.
وبهذا فإن الطرفين قد يتفقان على حل وسط، يتم بموجبه تقليص فترة تأجيل الانتخابات، كمخرج من مخرجات الحوار، يتم تقديمه إلى البرلمان من أجل المصادقة عليه، ويتم تنظيم انتخابات ربما في ظل استمرار اعتقال سونكو ورفيقه باسيرو فاي الذي قبل ترشحه مؤخرا من طرف المجلس الدستوري.
ومع أن الرئيس ماكي سال في هذه الحالة سيكون ضامنا لفوز مرشحه، فإنه قد يجري اتفاقا مع المعارض الأوفر حظا – بما يضمن احترام حصانته كرئيس سابق وعدم ملاحقته – خصوصا إذا تقرر إجراء جولة ثانية، واتضحت ملامح أن المعارضة قد تفوز بالرئاسة.