spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

الزميل الغزواني.. 6 سنوات من تجنب “المباشر” والانفتاح على الصحافة الأجنبية

منذ ترشحه للرئاسة 2019 أجرى الغزواني 5 مقابلات وطنية و10 خرجات إعلامية دولية

منذ توليه السلطة فاتح أغسطس عام 2019، أخذت ملامح سياسة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تجاه مخاطبة الشعب عبر وسائل الإعلام الوطني مختلفة كليا عن سلفه رغم تعدد الملفات المحلية وحاجته كسياسي من حيث الموقع لمخاطبة الجمهور بشكل مباشر حول خياراته وسياساته الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية

ورغم أن حكومات الغزواني منذ يومه الأول أظهرت اهتماما منقطع النظير بالإعلام حد تعاقد أعضاء ومسؤولين كبار مع نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، فضلا عن اهتمام بعض مصالح الدولة بتحسين أذرعها الإعلامية، رغم ذلك، أحجم الرئيس عن الخرجات الإعلامية الوطنية وحتى عن بعض الخطابات التقليدية خاصة في عامه الأول رغم أن أبا العام “يناغي ” .

عشية الخامس من مارس 2020، أياما فقط قبل أن يركن العالم أجمع إلى الإعلام لمتابعة جائحة كورونا، أولم الرئيس الغزواني لمجموعة من الصحافيين بالقصر الرئاسي وتحدث معهم في ما يشبه نصف مقابلة عن ملفات الفساد وتقرير محكمة الحسابات الذي قال إنه من أمر بنشره، وتحدث في ملفات أخرى رئيسة، وبثت خلاصة اللقاء مسجلة على التلفزيون، فكان آخر ظهور متلفز حواري لأرفع منصب سياسي ودستوري في البلاد.

وقتذاك كان ملف العشرية غضا لم يأخذ بعد أطواره الكبرى سياسيا وقضائيا.

يعتمد قلة من قادة العالم الصوم عن وسائل الإعلام، بيد أن أغلب نماذج الإعراض هي في ممالك أو جمهوريات شمولية، وقد أخذت أغلب هذه النماذج على ندرتها تتكيف مع عصر الشبكات الاجتماعية التي تتغذى على مختصر الكلمات وتقدم عبرها المواقف في ثوانٍ مصورة.

إعراض مطلق أم مقيد؟

رغم أن اللقاءات الشخصية التي يجريها الغزواني في سياقات مختلفة تركت لدى زواره انطباعا بحسن إنصاته وقدرته الاستثنائية على المرور بكل النقاط التي يأتي عليها محاوروه؛ رغم ذلك؛ فضل الغزواني التصوف إعلاميا بترجيح المكتوب على المرئي والمسموع، وبالاقتصاد في القول على الإسراف فيه.. لكن كل ذلك وطنيا فقط.

هذه خرجات الغزواني وطنيا:
قبل انتخابه رئيسا
المقابلة المنفردة الوحيدة التي أجراها الغزواني مع صحفي موريتاني (الشيخ بكاي من مورينيوز – يسار) الصورة © مورينيوز

16 إبريل 2019 – أجرى الغزواني لقاء مع صحيفة مورينيوز حاوره فيه مديرها الناشر الشيخ بكاي قال فيه الغزواني إن ولد عبد العزيز أخ له لكن ذلك لا يعني أنه سيكون نسخة منه.

بعد تسلمه الحكم

5 مارس 2020 أجرى الغزواني لقاء وحفل عشاء مع الصحافيين في القصر الرئاسي كان أول وآخر لقاء وطني متلفز له.

29 نوفمبر 2021 أجرى مقابلة مع جريدة الشعب الصادرة عن الوكالة الموريتانية للأنباء في عددها الشهري قال فيها إن التهدئة التي صبغت الحياة العامة مكنت من خلق مناخ من الثقة.

31 أكتوبر 2023 – أجرى الغزواني مقابلة جماعية مكتوبة بالتراسل مع خمس وسائل إعلام وطنية هي وكالة الأخبار والصحراء وصحراء ميديا بالعربية، وموقع كريدم ويومية رينوفاتو الناطقين بالفرنسية قال فيها إنه وجد البلاد في وضع صعب عند تسلمه السلطة وزادت من صعوبته جائحة كوفيد. استدعي صحفيو المؤسسات الخمس قبل النشر لالتقاط صورة جماعية في قاعة استقبال القصر الرمادي.

16 يونيو 2024 – الغزواني يجيب بالمراسلة عن أسئلة حوار الأخبار الذي أجرته وكالة الأخبار مع المرشحين لرئاسيات 2024.

هذه خرجاته دوليا:

3 ديسمبر 2019 – مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية قال فيها إن البعض يعتقد أن هناك فجوة عميقة بينه وولد عبد العزيز وإنه لا يعطي للمسألة هذا الحجم.

5 فبراير 2020 – مقابلة مع صحيفة الاتحاد الإماراتية تحدث فيها عن العلاقات الموريتانية الإماراتية وآفاقها

28 فبراير 2020 – مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط عن العلاقات مع السعودية وموقف نواكشوط المتشبث بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.

29 يوليو 2021 – مقابلة مع مجلة جون أفريك قال فيها إنه ليس قاضيا حتى يقرر إن كان سلفه ولد عبد العزيز مذنبا أم لا.
31 يوليو 2021 – مقابلة مصورة مع فرانس 24 وإذاعة فرنسا الدولية قال فيها إنه لا يرى ضرورة لحوار وطني لعدم وجود أزمة.

3 أكتوبر 2021 – مقابلة مع صحيفة لوبينيون الفرنسية تحدث فيها عن المقاربات الأمنية في محاربة الإرهاب وخطره في منطقة الساحل.

21 ديسمبر 2021 – مقابلة مع مجلة المال والأعمال اللبنانية تحدث فيها عن رؤيته لتطوير الاقتصاد والشراكة مع القطاع الخاص وآفاق تصدير الغاز.

30 سبتمبر 2023 – أجرى الغزواني لقاء مطولا مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية قال فيه إن انسحاب فرنسا من الساحل كان قرارا صائبا.

16 يونيو 2024 – نشر الغزواني مقالا في صحيفة Project Syndicate حول “الازدهار” في أفريقيا

22 يوليو 2025 – أجرى الغزواني مقابلة مشتركة متلفزة مع وسائل الإعلام الصينية الرسمية الكبرى الثلاث، وكالة أنباء شينخوا والمجموعة الصينية للإعلام وصحيفة الشعب الصينية بمناسبة مرور ستين عاما على العلاقات الموريتانية الصينية.

من فرانس 24 إلى مجلة الاقتصاد والأعمال اللبنانية مرورا بلوفيغارو وصولا إلى وسائل الإعلام الصينية يتحدث ولد الغزواني عن البلاد، عن الأمن والتنمية والديمقراطية، عن الاستقرار والمؤسسات، وباستثناء فرانس 24 لم يجد الغزواني في الغالب حرجا في الحديث مع وسائل الإعلام الأجنبية عن ملف العشرية واصفا إياه بالملف القضائي البحت، وحدها نواكشوط التي تحظى بهدوء الرئيس وصمته إعلاميا.

هذا عن الخرجات المقيدة والتي كانت من بينها حسب مصادر مدار مقابلة نسقها مدير المكتب الإعلامي للرئاسة المقال مؤخرا مع جهة ادعت أنها صحيفة أميركية ذائعة الصيت اتضح لاحقا أنها مزيفة.

قال الغزواني للصحافة الوطنية 2023: قناعتي هي أننا باللقاء المباشر” والنقاش الهادئ وبقليل من التنازل يمكن أن نتفق”

أما في المطلق فإن الرئيس الموريتاني لم يجلس قط في حوار متلفز مباشر فردي أو جماعي على وسيلة إعلام وطنية، ولم يجر قط حوارا متلفزا مباشرا مع صحفي موريتاني وجها لوجه، والحالة الاستثناء التي أجرى فيها لقاء منفردا كانت المقابلة الوحيدة مع الشيخ بكاي لصحيفة مورينيوز وقت كان مرشحا للمأمورية الأولى.

هل من الوارد أن الغزواني لا يحتاج إلى الإعلام الوطني؟ هل يرى أدوار الصحافة الوطنية في مواطن أخرى غير مساءلة من يسوسون شأن البلاد؟ أم أن أداء المكتب الصحافي في الرئاسة الذي يستأجر بيتا قرب سوق النساء وليس لديه وصول للرئاسة ويحتاج مديروه إذنا خطيا كل مرة يدلفون فيها إلى القصر كفيل بالإجابة عن كل الأسئلة التي يريد الغزواني الإجابة عنها؟.

غالبا ستبقى هذه الأسئلة معلقة إلى حين يقرر الرئيس ـ الذي يتداول قدماء الصحافيين أنه عمل لفترة قصيرة متعاونا صحفيا في إذاعة موريتانيا قبل التحاقه بالجيش ـ الانفتاح أكثر على الصحافة الوطنية ومحاورتها في بث مباشر دون تحرير ولا تراسل كتابي، ولا أحد يعلم على وجه الدقة متى قد يكون ذلك.

في اليد الأخرى يفاخر بعض الصحافيين من مناصري الغزواني باتصالهم المباشر به، هاتفيا وعبر تطبيقات التراسل التجاري حتى، لدرجة أنه بنفسه يهاتف بعضهم بشكل دوري ضمن علاقة شخصية أكثر من كونها علاقة مهنية بين رأس السلطة ومنصبها الدستوري الأرفع من جهة وقلم وعين الرقيب والسائل المستفهم في السلطة الرابعة من جهة ثانية.

لم العزوف؟

يرى البعض أن خيار الرئيس يعكس حذرا من الأسئلة المحلية المباشرة أو رغبة في تجنب ملفات قد تكون محرجة أو مثيرة للجدل داخليا، كالفساد وقانون الرموز وملف العشرية وغيرها من القضايا والملفات التي يود الجهاز التنفيذي تجنبها.

بينما يعتقد آخرون أن العزوف لا يعود بالضرورة إلى موقف من الإعلام المحلي، بل مرده غياب رؤية اتصالية متكاملة داخل المكتب الإعلامي للرئاسة، ما طبع العلاقة بالإعلام الوطني بالسطحية والفوضوية والأخطاء أحيانا، فمثلا اعتاد المكتب الإعلامي للرئاسة إغلاق أو تقييد التعليقات على كثير من أنشطة الرئيس المنشورة عبر صفحته على الفيسبوك.. الخبر مقدس، أما التعليق فليس حرا هذه المرة.

وتتمة للقاعدة المطلقة فإن خرجة إعلامية وطنية واحدة على شكل مؤتمر صحفي للوزير الأول الأسبق إسماعيل ولد الشيخ سيديا كانت على حيويتها أول وآخر خروج لوزير أول مع الصحافة الوطنية، عدا ذلك فإن بعض وزراء الحقائب السيادية يكتفون بإجابات مقتضبة ـ ونادرة ـ عقب بعض اجتماعات مجلس الوزراء. لتحافظ أطقم الغزواني على نفس النهج.

ولد الغزواني vs ولد عبد العزيز.. من منظور الصحافة

تختلف مقاربة الغزواني جوهرا وشكلا عن سياسة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز التي انفتح فيها على الصحافة والتصريح لها ومقابلتها ومشاكستها على الهواء وخارج أطر الكاميرات، لكنه ندر أن رفض الإجابة عن أسئلة الصحافيين أو محاورتهم، فرادى وجماعات، وكان من سياسته تفضيل الصحافة الوطنية على الدولية وتمييز الصحافيين الموريتانيين العاملين في مؤسسات دولية بمقابلات خاصة حتى وإن لم تكن مؤسساتهم تعجبه إطلاقا، وكان في نهجه الإعلامي تحريك لساحة التصريح والبحث خلف المعلومة والتعليق عليها، فأوضح رأيه أو خلفية قراره في ملفات كثيرة واستقى هو نفسه من بعض اللقاءات الإعلامية معلومات عن ملفات وقضايا اهتم بها، ومرر في أكثر من مناسبة رسائل إقليمية أو إلى الخارج عموما عبر وسائل الإعلام الوطنية. لم يعن هذا أن ولد عبد العزيز لم يكن يجد حرجا في أسئلة الصحافيين، فقد سئل عن حياته الشخصية وعن أبنائه وعن اتهامه بالفساد وعن الحفارات وشركات الطرق وعن الإثراء في محيطه، وسئل عن ملفات مثيرة كتسليم السنوسي وبيع أراضي الدولة وصفقاتها.. سئل عن كل ذلك على الهواء في الرئاسة والاستديوهات وحتى عندما ترك الرئاسة على قارعة الطريق.

وله مواقف تندرت عليها حتى وسائل الإعلام الأجنبية مثل وقفه بثا مباشرا للقاء مشترك له مع الصحافة الوطنية في الرئاسة في 27 مايو 2015 عقب مشادة مع الصحفي أحمد الوديعة قبل أن يستعاد البث بعد ذلك بدقائق ويستمر اللقاء.

ورغم كل المآخذ عليه في قضايا الرأي والصحافة كان مستعدا، وكان يسمع السؤال، وكان يجيب، بل ونظم لفترة موعدا سنويا مع الصحافة تنوب فيه عن الشعب في طرح الأسئلة والاستفهامات الكبرى، وعلى نفس النهج تسير اليوم دول في المحيط مثل السنغال ومثل الجزائر التي يعرف نظامها السياسي بالتحفظ وقد بات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يجري دوريا لقاءات مفتوحة مباشرة مع الصحافة الجزائرية.

تتراجع شهية السياسيين، خاصة الرؤساء في الاهتمام بالصحافة عند تجاوزهم عقبة المأمورية الثانية، لكنهم يحافظون عموما على خيط من الاتصال بينهم والجمهور فهم أبناء السياسة والسياسة بنت الجمهور وصندوق الاقتراع، فهل يراجع الغزواني وفريق الرئاسة سياساتهم إزاء الصحافة الوطنية؟ وما الذي يخشاه الرئيس في مقابلة إعلامه الوطني؟ وكسؤال فضولي من هيئة تحرير مدار: السيد الرئيس، هل حقا كنت زميلا لنا في وقت مضى؟

spot_img