spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

إعلان “سيدياو” عن قوة عسكرية ضد الانقلابات والجماعات المسلحة/ محفوظ السالك

قبل أيام أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو” عن قرارها إنشاء قوة عسكرية، ستوكل لها مهمتان أولاهما التدخل ضد الانقلابات العسكرية في البلدان الأعضاء بالمجموعة، والثانية التصدي لهجمات الجماعات المسلحة في المنطقة.

ويأتي هذا القرار الذي اتخذ خلال أعمال القمة الأخيرة الثانية والستين للسيدياو بأبوجا، بعد إعلان رئيس بوركينافاسو الانتقالي إبراهيم تراوري عن تعرضه لمحاولة انقلابية، بعد أقل من عام على حصول انقلابين عسكريين في البلاد.

وفي غضون نحو عامين حصلت 3 انقلابات عسكرية أخرى في مالي وغينيا كوناكري، وعلى إثر ذلك تعيش الدول الثلاث مراحل انتقالية، ينتظر أن تنتهي خلال العام 2024، إذا احترمت السلطات الانتقالية تعهداتها.

ويبدو أن المجموعة غرب الإفريقية، تريد بإنشاء قوة عسكرية التدخل المباشر لإرجاع الأنظمة المطاح بها، وبالتالي رفض أي تغيير غير ديمقراطي للسلطة.

وفضلا عن البعد المتعلق بالتدخل العسكري ضد الانقلابات، فإن القوة العسكرية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ستسعى كذلك إلى التصدي لتمدد نشاط الجماعات المسلحة بالمنطقة، خصوصا الدول المطلة على خليج غينيا، وذلك في ظل تحذير عديد التقارير الاستخباراتية من صول الجماعات المسلحة إلى كل من غانا، وبنين، والتوغو، والكوت ديفوار.

وهي جميعها دول فاعلة في “سيدياو”، وانتشار الجماعات المسلحة فيها، سيهدد أمنها واستقرارها، وهذا من شأنه أن يشكل تحديا كبيرا أمام المنظمة الإقليمية.

وإذا كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، قد تأسست عام 1975 بهدف تعزيز التكامل الاقتصادي والتجاري بين دولها الأعضاء، فإنها استسلمت منذ الوهلة الأولى للتحديات السياسية والأمنية التي تواجه دولها الأعضاء.

فتأسيس المنظمة، بعد 15 سنة فقط على استقلال عدد من دولها، جعلها تركز على البعد المتعلق بالتحديات السياسية المرتبطة بتعزيز وتثبيت الأنظمة، ومواجهة الحروب الأهلية والصراعات الداخلية.

وقد سعت “سيدياو” رغم ذلك إلى تحقيق بعض المشاريع الاقتصادية المرتبطة بالمد الكهربائي، وتعزيز حركة التجارة والأشخاص بين دولها الأعضاء.

وشكل إعلان “سيدياو” في يناير 2020 عن “إيكو” كعملة موحدة للتداول بين بلدانها، والقطيعة مع الفرنك الإفريقي المرتبط باليورو، بالنسبة لعدد من بلدانها وبالتالي التحرر من الوصاية الفرنسية، أحد أهم مشاريع المنظمة من أجل تشكيل تكتل إقليمي اقتصادي قوي.

ولكن تنزيل العمل بهذه العملة على أرض الواقع لم يتم بعد بشكل نهائي، إذ حالت دونه تحديات أخرى مرتبطة بجائحة كوفيد -19 وتداعياتها، فضلا عن الجفاف والتغير المناخي، اللذين باتا يهددان عشرات ملايين السكان.

وانضافت لذلك تحديات توالي الانقلابات العسكرية، وتنامي تهديد الجماعات المسلحة في عدد من دول الساحل، وهذا يجعل مهمة “سيدياو” صعبة.

ورغم سعي المنظمة الإقليمية إلى مواجهة ذلك من خلال تشكيل قوة عسكرية متعددة الجنسيات تابعة لها، فإن الأمر قد يطرح تحديات أخرى مرتبطة بسيادة البلدان، فحينما تتدخل قوة إقليمية لمواجهة انقلابيين، فإن الأمر يثير التساؤل بخصوص الأحقية في ذلك، فضلا عن ما قد يتسبب فيه القرار من حرب عسكرية بين الطرفين، خصوصا إذا كان الانقلابيون مدعومين من طرف جيش تلك الدولة.

وهذا يهدد بإراقة دماء العسكريين والمدنيين، وينذر باضطراب سياسي وأمني واسع، خصوصا إذا أصر الانقلابيون على عدم الاستسلام.

وينضاف إلى كل ذلك، الإشكال المرتبط بتمويل هذه القوة، ومدى قدرتها على مواجهة الجماعات المسلحة في المنطقة، وهو ما سيشكل رهانا وتحديا أمام “سيدياو”.

وسبق لهذه المنظمة أن شكلت قوة “الإكوموك” للتدخل وقت الأزمات، وقد تدخلت بالفعل في غينيا بيساو، وسيراليون، وكوت ديفوار، خلال حروب أهلية شهدتها.

كما لوحت “سيدياو” بالتدخل في غامبيا عام 2017، حين رفض الرئيس السابق للبلاد يحيى جامي الاعتراف بخسارته أمام الرئيس الحالي آدما بارو قبل أن يتنحى لاحقا عن السلطة عبر وساطة موريتانية غينية.

محفوظ ولد السالك: كاتب متخصص في الشؤون الإفريقية

spot_img