في بيان صادر عنها السبت، أعلنت وزارة الخارجية السنغالية أنها استدعت السفير الأوكراني بالبلاد احتجاجا على تأييده في فيديو نشرته السفارة على صفحتها على “فيسبوك”، للقوات الأزوادية والنصر الذي أعلنت تحقيقه على قوات من الجيش المالي ومجموعة “فاغنر” الروسية بمنطقة تينزواتين.
وإذا كان ليس مستغربا أن تتموقع أوكرانيا في الطرف الذي لا توجد فيه روسيا – ولو من باب أن صديق صديقي عدوي – فإن تعبير الدبلوماسي الأوكراني عن تأييده للقوات الأزوادية، يعكس اهتمام أوكرانيا بإفريقيا، والسعي إلى عدم ترك الساحة خالية لروسيا، التي تخوض وإياها حربا منذ فبراير 2022.
ومن ضمن آخر تجليات الاهتمام الأوكراني بالقارة، إعلان وزارة الخارجية الأوكرانية الأحد، أن رئيس دبلوماسية البلاد دميترو كوليبا سيزور 3 دول إفريقية في محاولة لحشد الدعم لموقف كييف في حربها مع موسكو.
وبحسب بيان للخارجية الأوكرانية، فإن كوليبا سيزور كلا من مالاوي وزامبيا وموريشيوس، من 4 إلى 8 من أغسطس الجاري، وذلك ضمن إطار جولته الدبلوماسية الرابعة إلى إفريقيا خلال عامين.
وقد بدأوزير الخارجية الأوكراني أول جولة إفريقية له في أكتوبر 2022، واعتبرت تاريخية نتيجة لضعف الاهتمام الأوكراني بالقارة خلال فترة ما قبل الحرب مع روسيا.
وشملت الجولة حينها كلا من السنغال التي كانت تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، وساحل العاج، وغانا، وهما بلدان مستقران وفاعلان على مستوى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو”، كما زار كذلك كينيا وهي بلد مهم في شرق القارة.
وفي مايو 2023، زار دميترو كوليبا كلا من المغرب، وإثيوبيا، ورواندا، وموزمبيق، ونيجيريا، في إطار جولته الإفريقية الثانية، ذلك أن إفريقيا تعتبر صوتا مهما ومؤثرا في الأمم المتحدة، وهو ما تحاول أوكرانيا الاستفادة منه، من خلال سباقها الدبلوماسي مع خصمها الروسي على القارة.
وفي ثالث جولة إفريقية له زار كوليبا دولة غينيا الاستوائية الغنية بالنفط، وتركزت مباحثاته مع سلطاتها الرسمية على قضايا الأمن والحبوب، والحرب.
لقد كان الحضور الدبلوماسي الأوكراني ضعيفا في إفريقيا، حيث لم تكن لدى البلاد سوى 10 سفارات بالقارة قبل الحرب مع روسيا، التي كانت توجد لديها 43 سفارة بإفريقيا.
وفي محاولة لتدارك هذا التأخر الكبير، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في دجمبر 2022، أن بلاده ستفتح 10 سفارات جديدة بالقارة، وهو ما أعطاها زخما دبلوماسيا جديدا، حيث بات لها حضور بعدة دول بينها موريتانيا التي فتحت سفارة فيها خلال شهر مايو الماضي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، كانت أوكرانيا قبل الحرب تشكل ثاني أكبر مورد للذرة، وثالث أكبر مورد للقمح إلى إفريقيا، ما يجعلها ذات أهمية كبيرة في مجال الأمن الغذائي في القارة.
كما كانت أوكرانيا كذلك قبلة لعشرات آلاف الأفارقة يدرسون تخصصات مختلفة، وهو ما يعني أن التعليم يشكل أحد مجالات التعاون الرئيسية بين الطرفين الإفريقي والأوكراني.
وبطبيعة الحال فإن الحضور الأوكراني لا يقارن بالحضور الروسي في إفريقيا، والذي تضاعف هو الآخر خلال فترة الحرب، وفي ظل دعم الغرب والولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا، ولكن كييف بالمقابل تتحرك بوتيرة متسارعة في إفريقيا من أجل تدارك تأخرها.
إن القارة الإفريقية تحصل على جزء هام من احتياجاتها الغذائية من الحبوب بشكل خاص من أوكرانيا وروسيا، رغم امتلاكها نسبة 60% من الأراضي غير المزروعة في العالم.
وقد تأثرت إفريقيا بشكل كبير بالحرب الروسية الأوكرانية، فرغم بعدها الجغرافي عن الدولتين المتحاربتين، إلا أن تداعيات الحرب انعكست عليها بشكل كبير.
وقد سعت القارة من خلال الاتحاد الإفريقي ومنظمة “سيدياو” إلى التوسط في الأزمة، وإبلاغ الطرفين أن إفريقيا ليست معنية بالأزمة، ولا يجب أن تتأثر بها، ولكن الوساطة باءت بالفشل، ومازال البلدان يتحاربان، ويخوضان تنافسا دبلوماسيا واسعا على القارة الإفريقية.