spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

طرد شركات تعدين بالساحل الإفريقي.. خطوة نحو السيادة الاقتصادية؟ أم مناورة سياسية؟

اتخذت عدد من دول غرب إفريقيا خلال الفترة الأخيرة جملة من الإجراءات ضد الشركات الأجنبية العاملة في قطاع المعادن، بدافع “تعزيز استفادة الاقتصادات” الوطنية، التي تتسم في عمومها بالهشاشة، ويشكل القطاع المعدني ركيزة رئيسية فيها.
ففي غانا، أمرت الحكومة الجديدة، التي تشكلت بعد تنصيب الرئيس المنتخب جون ماهاما، الشركات الأجنبية العاملة في سوق الذهب المحلي، بالانسحاب منه نهاية شهر ابريل الجاري، بهدف ضمان “استفادة أكبر” للبلاد من موارد الذهب المحلية، و”استقرار العملة الوطنية”، التي عانت من تدهور كبير خلال نهاية حكم الرئيس السابق نانا أكوفو أدو.
وتتوخى غانا من هذه الخطوة، رفع حجم عائداتها من الذهب التي تجاوزت 11.64 مليار دولار عام 2024، نحو 5 مليارات دولار منها مصدرها التعدين الحرفي الصغير.
ومن أجل ذات المسعى المتمثل في “تعزيز الاستفادة” من هذا القطاع الاستراتيجي، وضعت مالي عام 2023 قانونا جديدا للتعدين، سمح لها برفع حصتها من ثرواتها المعدنية إلى 30% بدل 20% التي كانت قائمة خلال العهود السابقة.
وألغى القانون الجديد مزايا الإعفاء الضريبي التي كانت تستفيد منها شركات تعدين الذهب الأجنبية، وهو ما كان سببا مباشرا في إغلاق سلطات باماكو مكاتب مجموعة “باريك غولد” الكندية العاملة في مجال تعدين الذهب، بسبب عدم دفعها ضرائب مستحقة للدولة تقدر بمئات ملايين الدولار.
وقد تأثر إنتاج الذهب في مالي بالنزاع بين المجلس العسكري الحاكم في البلاد، والمجموعة الكندية، حيث لم يتجاوز 51 طنا عام 2024، مقابل 66.5 أطنان سنة 2023.
وتشير تقديرات وزارة المعادن المالية، إلى إمكانية بلوغ الإنتاج هذه السنة حوالي 54.7 أطنان، بزيادة قدرها 6% عن إنتاج السنة الماضية.
ويوجد في مالي أزيد من 15 منجما صناعيا نشطا، تديرها شركات تعدين عالمية، ودخلت البلاد قبل أشهر مجال إنتاج الليثيوم، الذي يعد أساسيا لصناعة البطاريات، وتدير منجما خاصا به شركة “جانفنج” الصينية.
وتعكس هذه الخطوة توجه مالي نحو تعزيز موقعها في خارطة التعدين بإفريقيا، حيث تعتبر ثالث أكبر منتج للذهب بالقارة بعد جنوب إفريقيا وغانا، ويسهم هذا القطاع بحوالي 25% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وفي النيجر المجاورة اتخذ التصعيد طابعا آخر، حيث أصدر المجلس العسكري الحاكم شهر مارس الماضي، أمرا بطرد 3 مسؤولين تنفيذيين صينين يعملون في قطاع النفط، لعدم احترامهم بندا جديدا في قانون التعدين، يقضي بتعزيز استخدام السلع والخدمات المحلية.
وسبقت هذه الخطوة خطوات أخرى تقول السلطات الانتقالية في البلاد إنها تأتي ضمن إطار استعادة “السيادة الاقتصادية”، لتتكامل مع “السيادة السياسية”، التي ترى أنها تحققت بعد الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد بازوم، وطرد القوات العسكرية الفرنسية.
ومن بين تلك الخطوات إلغاء السلطات في يونيو 2024، رخصة شركة “أورانو” الفرنسية التي كانت بموجبها
تنتج الوقود النووي في منجم “إيمورارين” بشمال البلاد، والذي تقدر احتياطاته بنحو 200 ألف طن.
وعلى خطى مالي والنيجر، أعلن رئيس بوركينا فاسو الانتقالي إبراهيم تراوري شهر اكتوبر الماضي، أن حكومته ستسحب تراخيص التعدين من بعض الشركات الأجنبية، وستركز على زيادة إنتاج الذهب، وقال إنه لا معنى للسماح للشركات متعددة الجنسيات بالتعدين في البلاد، في الوقت الذي يعرف البوركينيون كيف يمكنهم استخراج ذهبهم.
ولم تمض سوى 4 أشهر تقريبا على هذا التصريح، حتى أعلنت شركة “توتال” الفرنسية خروجها من البلاد، وبيع أصولها واستثماراتها التي تزيد على 170 محطة في مختلف عموم بوركينا فاسو.
وبعد حوالي شهرين من هذا الانسحاب، أعلنت مجموعة “فورتونا ماينينغ” الكندية بيع منجم “ياراموكا” الواقع بغرب بوركينا فاسو، والذي كانت تستغله في تعدين الذهب، وقررت مغادرة البلاد.
ويتطلع سكان هذه البلدان وغيرها، إلى أن تسهم هذه الخطوات في تعزيز الاقتصادات الوطنية والنهوض بالتنمية، وأن تنعكس عائدات التعدين على أوضاعهم الصعبة، لا أن يكون الهدف من هذه القرارارت والإجراءات، هو الدخول في معارك جديدة مع الدول الغربية تحت غطاء “السيادة الاقتصادية”.

spot_img