spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

الانسحابات الأخيرة من الإيكواس.. قراءة في الأسباب والمآلات

أعلنت النيجر وبوركينا فاسو ومالي، يوم الأحد الماضي، انسحابهم من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، ردا على موقف المجموعة من الانقلابات في الدول الثلاث المذكورة.

وأكدت الدول الثلاث في البيان المشترك الصادر عنها، أنه بعد 49 عاما من الوجود، تلاحظ شعوب بوركينا ومالي والنيجر، بأسف شديد ومرارة وخيبة أمل كبيرة أن منظمتهم ابتعدت عن مُثُل آبائها المؤسسين وعن الوحدة الأفريقية.

وأكد البيان المشترك، أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، تحت تأثير القوى الأجنبية، التي خانت مبادئها التأسيسية، تشكل تهديدا لدولها الأعضاء وسكانها الذين من المفترض أن تضمن سعادتهم، مشيرا، إلى أن المنظمة لم تقدم المساعدة للدول كجزء من كفاحها الوجودي ضد الإرهاب وانعدام الأمن الأسوأ.

وأضاف البيان، أن المنظمة بدل دعم هذه الدول، فرضت عليها عقوبات غير مسؤولة تنتهك نصوصها الخاصة، وكلها أمور أدت إلى إضعاف السكان الذين يعانون بالفعل من جروح بسبب سنوات من العنف الذي فرضته جحافل الإرهاب المستغلة والتحكم فيها عن بعد.

وفي أول رد على خطوة انسحاب دول الساحل الثلاث التي تعيش منذ سقوط أنظمتها المدنية، حالة صراع سياسي مع الإيكواس، وصلت إبان الانقلاب على الرئيس النيجري محمد بازوم، إلى التهديد بالتدخل العسكري، إذا لم يعد المجلس العسكري المنقلب على بازوم السلطة إليه؛ انتقدت الإيكواس قرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر بشأن الانسحاب من المجموعة، مؤكدة أنها لم تتلق بعد إخطارًا رسميًا مباشرًا من الدول الأعضاء الثلاث بشأن عزمها الانسحاب من المجموعة.

وشددت “الإيكواس” أنها تعمل بشكل مكثف مع هذه البلدان لاستعادة النظام الدستوري، وفقا لتوجيهات قادة الدول والحكومات.

وكانت الإيكواس، قد أصدرت في ديسمبر الماضي وبعد خمسة أشهر من انقلاب النيجر، وعديد المناوشات السياسية مع الانقلابيين وصلت حد التهديد بالتدخل العسكري؛ بيانا أعلنت فيه اعترافها بوقوع الانقلاب، وأن بازوم لم يعد رئيسا للبلاد، وشكلت لجنة رئاسية للتفاوض مع المجلس العسكري في نيامي، في مراجعة واضحة لسقف مطالبها.

الصحفي والباحث الموريتاني المتخصص في الشأن الإفريقي إسماعيل ولد الشيخ سيديا، قال إن خطوة الانسحاب التي أقدمت عليها الدول الثلاث، غير مفاجئة بالمرة،مؤكدا أنها تعتبر خسارة جغرافية واقتصادية للمنتظم شبه الإقليمي.

وأضاف ولد الشيخ سيديا في تصريح لوكالة مدار، أنه منذ الإعلان عن تحالف G3 الذي يضم البلدان الثلاثة المذكورة، وقبل ذلك انسحابها جميعا من تجمع دول الساحل الخمس G5 توقع المراقبون قيامها بأشياء تجمعها.

وتابع: “كل هذه الدول حبيسة جغرافيا؛ ولكل منها موانئ وأنابيب وطرق تتغذى منها أسواقها باتفاقيات ثنائية؛ لكن الواقع السياسي الخاص لكل منها والمتمثل في وقوعها في قبضة انقلابيين عسكريين يرفعون شعارات الوطنية وطرد المستعمر الأسبق؛ جعل منها جسما معزولا سياسيا داخل الإيكواس وفرض عليها شكلا من أشكال التفرد والتميز لم يتضح مآله النهائي حتى الآن”.

من جهته اعتبر الصحفي الخبير في الشأن الإفريقي محفوظ ولد السالك زاويته التحليلية التي يكتبها على وكالة مدار، أن الدافع الأساسي للانسحاب من هذه المنظمة الإقليمية الجادة التي تأسست عام 1975، هو الانفراد بالسلطة والبقاء فيها لفترة أطول، تحت ذريعة استعادة السيادة، وتأمين كامل الأراضي.

وقال ولد السالك، إنه في مالي، أجل العسكريون الذين يتولون السلطة منذ نحو 4 سنوات بقيادة العقيد عاصيمي غويتا، موعد الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى، بعدما حددوا فبراير 2024 موعدا لتنظيمها.

وفي بوركينا فاسو، أعلن النقيب إبراهيم تراوري بعد توليه السلطة في 30 سبتمبر 2022، أنه سيفي بالالتزامات التي قطعها سلفه العقيد بول هنري سانداوغو داميبا، أمام سيدياو بإجراء انتخابات في صيف 2024، لكن نظامه بات مع اقتراب الموعد، يؤكد أن القتال ضد الجماعات المسلحة هو الأولوية، وأن الانتخابات ليست أولوية، وهذا يعني عمليا أنها لن تجرى في موعدها، وأن لا موعد لها في المنظور القريب.

وأضاف الخبير في الشأن الإفريقي محفوظ ولد السالك، أنه على غرار مالي وبوركينا فاسو، يتحدث عسكريو النيجر، الذين أطاحوا بالرئيس المدني محمد بازوم نهاية يوليو 2023، عن 3 سنوات كفترة للبقاء في السلطة، أما الانتخابات وموعد تنظيمها، وتسليم السلطة للمدنيين، فلا ذكر لها حتى الآن.

وأشار ولد السالك، إلى أنه وبالمقابل ثمة حقيقة أخرى لا يمكن تجاهلها، وهي أن سيدياو تعاملت بازدواجية معايير إزاء الانقلابات العسكرية، ففي الوقت الذي فرضت فيه عقوبات اقتصادية قاسية على مالي والنيجر مع تعليق عضويتيهما، فإنها اكتفت بتعليق عضوية بوركينا فاسو، دون فرض عقوبات عليها، وكانت إجراءاتها مخففة على غينيا كوناكري كذلك، مؤكدا أن هذا التباين أفقد المنظمة مستوى من المصداقية، انضاف إلى عدم جدوائية العقوبات أصلا، إذا لم تسهم في تراجع أي عسكريين عن انقلابهم في أي من الدول الأربع، وهذا يعني فشلا ذريعا، بحسب تعبيره.

وعبر ولد السالك، عن أمله بأن يكون هذا الانسحاب سببا لإجراء مراجعة داخلية حقيقية للمنظمة وقراراتها، حتى لا تستسهل باقي دولها الأعضاء الانقلابات العسكرية، وحتى لا تتفكك أيضا مع الوقت، فخطوة الانسحاب الثلاثية هذه، لا يستبعد أن تحذو حذوها غينيا كوناكري، وفق قوله.

spot_img