” لن يكون هناك مكان بيننا لمن يصرُّ على مدِّ يده للمال العام، كائنا من كان، ولن يُراعَى في ذلك أي اعتبار.”
المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب افتتاح الحملة (نواكشوط 14 يونيو 2024).
لابد من العودة مرة ثانية ـ وربما ثالثة ـ لمحاربة الفساد في برنامج “طموحي للوطن”، وفي خطابات المرشح محمد ولد الشيخ ولد الغزواني خلال الحملة الانتخابية، وذلك للرد على الذين يشككون في ما جاء في برنامج المرشح وفي خطاباته من التزامات قوية وصريحة في محاربة الفساد.
يقول البعض لو كان الرئيس جادا في محاربة الفساد لحاربه، ولقضى عليه خلال المأمورية المنتهية، ولما كنا اليوم بحاجة إلى التزامات انتخابية بمحاربته في المأمورية القادمة.
الفساد، وكما قلتُ في مقالات سابقة، ليس خصما ضعيفا، ومحاربته ليست نزهة، والقضاء عليه أو على الأصح الحد منه، لا يمكن أن يتم في طرفة عين، ولا حتى في مأمورية واحدة.
في المأمورية المنتهية تمت إعادة هيكلة المؤسسات الرقابية، فأصبحت محكمة الحسابات تنشر تقاريرها بانتظام، وألحقت المفتشية العامة للدولة برئاسة الجمهورية، واستعيدت بعض الأموال المنهوبة.
لم يكن هذا كافيا بطبيعة الحال، ولكن دعونا نرجع قليلا إلى الوراء، وذلك لنبين أنه لا مجال للمقارنة بين ما حصل من محاربة للفساد في المأمورية الأولى، وما يُتوقع أن يحصل في المأمورية الثانية.
للتذكير، فإن المرشح غزواني، لم يذكر كلمة الفساد في كل خطاباته في الحملة الانتخابية لرئاسيات 2019، لم يذكرها ــ حسب علمي ـ ولا لمرة واحدة، وكان ذلك متفهما لمن كان يقرأ المشهد في تلك الفترة قراءة معمقة.
كان المرشح غزواني يدرك في تلك الفترة أن الأولوية يجب أن تُعطى لتأمين التناوب السلمي على السلطة، وهو تناوب كان في خطر كبير، فبدون تأمين التناوب السلمي على السلطة وتحصينه تحصينا كاملا، فلا مجال لمحاربة الفساد، ولا لأي جهد إصلاحي في أي مجال آخر، فالاستقرار السياسي هو شرط أساسي يجب أن يتحقق أولا من قبل أي حديث عن أي إصلاح.
وعلى العكس من خطابات المرشح غزواني في حملة 2019 التي لم يأت فيها أي ذكر للفساد، فسنجد أن محاربة الفساد والتمكين للشباب كانا هما القاسمان المشتركان في كل خطابات المرشح في حملة 2024. بل أكثر من ذلك، فإن من يتابع خطابات المرشح في الحملة الحالية سيجد صعوبة كبيرة في تحديد الخطاب الذي كان التعهد فيه بمحاربة الفساد أقوى، ذلك أن التعهد بمحاربة الفساد كان قويا في كل خطابات المرشح في كل الولايات التي زارها حتى الآن.
في حملة 2019 لم يلتزم المرشح غزواني في أي خطاب من خطاباته لأي موريتاني بأنه سيحارب الفساد بعد وصوله إلى السلطة، وفي حملة 2024 لم يترك المرشح غزواني أي موريتاني إلا والتزم له وفي ولايته بأنه سيحارب الفساد وبقوة، هذا إذا ما اعتبرنا أن خطاب المرشح لن يتغير في الولايات القليلة المتبقية.
لا يمكن أن نتوقع من المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني أن يهادن الفساد والمفسدين في مأموريته القادمة، وهو الذي التزم لسكان كل ولاية على حدة أنه سيحارب الفساد بقوة، ولا يمكن أن نتوقع من المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني أن يهادن الفساد والمفسدين في مأموريته القادمة، وهو الذي التزم للموريتانيين ـ كل الموريتانيين ـ في رسالة إعلان ترشحه بأنه سيضرب بيد من حديد كافة ممارسة الفساد والتعدي على المال العام، وأن كل الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك، ستتخذ في بداية المأمورية القادمة.
لنا أن نتوقع حربا جدية على الفساد خلال المأمورية القادمة، ولكن علينا كنخب مهتمة بمحاربة الفساد أن نكون على أتم الاستعداد لمواكبة ودعم ومساندة تلك الحرب، فمن المعروف أن الكثير من الموظفين المتنفذين في الدولة لا يرغبون أصلا في محاربة الفساد، ومن المعروف كذلك أن لكل مفسد قبيلة، وأن قبيلة ذلك المفسد ستتحرك عندما يواجه أي عقوبة، ومن المعروف كذلك أن معارضتنا سلبية، وأنها كلما عوقب مفسد، جاءت بأغنيتها القديمة الجديدة، والتي تندد من خلالها بما تسميه بالتمييز بين المفسدين، أو تصفية الحسابات، وكأنه كان بالإمكان أن نعاقب كل المفسدين في وقت واحد. لابد أن نبدأ بمفسد أو ببعض المفسدين، ولكن المشكلة أن لكل مفسد قبيلة ستقف معه، ومعارضة سطحية ستعتبر محاسبته تمييزا سلبيا ضده، وأنها تدخل في إطار تصفية الحسابات.
من المهم جدا أن يكون هناك ذراع شعبي داعم لأي جهود تتخذ مستقبلا ضد الفساد والمفسدين، فيشجع النظام على أي خطوة يتخذها في هذا الصدد، ويقف ضد تحرك القبائل وسلبية المعارضة كلما ظهر شيء من هذا أو ذاك.
هذه هي قناعتنا في “منتدى 24 ـ 29 لدعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية”، وهذه هي واحدة من أهم الأسباب التي جعلتنا نؤسس هذا المنتدى.
غزواني الخيار الآمن لمستقبل واعد.
#منتدى24_29
حفظ الله موريتانيا..