توقعت دراسة نشرتها شركة إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية حول “الآفاق المتوقعة لأفريقيا جنوب الصحراء في عام 2023” أن تحتل دول مثل روندا وكينيا وتنزانيا مكانة مرموقة في الساحة الأفريقية خلال العام الحالي.
وبحسب الدراسة فإن روندا رغم محدودية موادها يسعى رئيسها بول كاجامي إلى تحويلها لدولة متوسطة الدخل بحلول عام 2035، وإلى أن تصبح بلاده مركزاً ماليّاً إقليميّاً في إطار المساعي لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مستغلة امتلاكها بيئة أكثر ملاءمة وجاذبية للأعمال في أفريقيا، بالإضافة إلى تمتعها بالاستقرار السياسي النسبي في شرق أفريقيا.
وبخصوص كينيا خلص البحث إلى أنها تملك من المقومات ما يجعلها قوة إقليمية محورية في شرق أفريقيا؛ نظراً لما تمتلكه من مقومات تؤهلها للعب هذا الدور؛ إذ يلعب الموقع الجغرافي دوراً في جعلها بوابة مهمة للمنطقة، لا سيما أنها تربط أفريقيا بمنطقة المحيط الهندي، كما أنها تُعد من أكبر اقتصادات المنطقة، ومركزاً تجاريّاً إقليميّاً مهمّاً؛ حيث تتمتع بمناخ أعمال جاذب وإمكانات اقتصادية كبيرة.
ومن المتوقع أن يكون الاقتصاد الكيني هو الأسرع نمواً في أفريقيا على مدار السنوات الخمس المقبلة، كما تسعى كينيا إلى التحول لمركز مالي إقليمي وتوسيع دورها كنقطة محورية لتفريغ البضائع ونقلها من دول المنطقة وإليها عبر تطوير موانئها مثل ميناء لامو الرابط بينها وبين بعض دول المنطقة مثل إثيوبيا وجنوب السودان وكذلك ميناء مومباسا.
وأضافت الدراسة أن الطموح الكيني يعززه اختيارها لتكون رئيساً للاتحاد الأفريقي في عام 2023 خلفاً للسنغال، وهو ما يتزامن مع رؤية الرئيس الجديد ويليام روتو للسياسة الخارجية الكينية التي تركز على الدائرة الأفريقية وإعطاء الأولوية للدور الكيني في المنظمات الإقليمية الأفريقية بهدف توسيع النفوذ الاقتصادي لكينيا ونفوذها كقوة تكنولوجية في القارة، فضلاً عن تحمُّلها عبء الوساطة لتحقيق السلام من خلال عملية نيروبي في منطقة البحيرات العظمى بين رواندا والكونغو الديمقراطية، التي تهدف إلى إرساء الأساس للحوار المستمر بين طرفي النزاع هناك، لا سيما أن الدعوة الكينية لوقف إطلاق النار قد لاقت استجابة جزئية من أكثر من 52 حركة مسلحة في شرق الكونغو الديمقراطية شاركت في عملية نيروبي للسلام.
كما برزت نيروبي بوصفها جهة فاعلة من أجل إيجاد تسوية نهائية للصراع الإثيوبي؛ حيث ترى واشنطن في نيروبي شريكاً أساسيّاً في الجهود الرامية لإنهاء القتال في إقليم تيجراي؛ فقد استضافت في 7 نوفمبر 2022 وفدي الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيجراي؛ ما أسفر عن توقيع اتفاق نيروبي في محاولة لوقف إطلاق النار في شمال إثيوبيا.
إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية في بحثها أكدت أن تنزانيا تحاول توظيف حاجة الغرب إلى النفط والغاز الأفريقيين لتقدم نفسها كأحد موردي الطاقة للدول الأوروبية، وهو ما قد يعزز نفوذها في القارة خلال الفترة المقبلة، كما تسعى البلاد إلى تعزيز حضورها الاقتصادي في القارة، من خلال تبني رؤية إنمائية خاصة بتحول البلاد إلى شريحة الدخل المتوسط بحلول عام 2025.
ويتوقع بنك التنمية الأفريقي نمو الناتج المحلي الإجمالي لتنزانيا بنسبة 6.3% في عام 2023؛ وذلك برغم التحديات التي تطرحها تداعيات جائحة كوفيد-19 وتأثيرات الأزمات الدولية الأخرى.