تعود شرارة “شيراتون نواكشوط” إلى 27 نوفمبر 1995 حين منحت الدولة الموريتانية لشركة سنيم، بموجب المرسوم رقم 052-95، ملكيةً مؤقتة لقطعة أرض مساحتها 9.5 هكتار بمحاذاة قصر المؤتمرات، بهدف إنشاء فندق فخم يليق بعاصمة تتطلع لتثبيت حضورها الإقليمي.
كانت نواكشوط يومها في وسط التشكل بفعل غياب بنية تحتية مشكِّلة لمعالم مدينة بدأت حينها في استقطاب سكان الداخل القادمين من المدن والبوادي والخيام المضروبة في وهاد صحاري موريتانيا الشاسعة..
حينها كان نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع يبحث عن تشكيل معالم نواكشوط من خلال جلب المستثمرين لها والدخول في شراكات اقتصادية مع عدة شركات وطنية على غرار شراكة بعض المستثمرين المحليين في شركة الطيران الموريتانية وبعض الشركات الوطنية الأخرى.
محاولة أخرى..
لم يستسلم نظام ولد عبد العزيز للعراقيل التي حاولت دون تشييد الفندق قبل وصوله للحكم بنحو 15 عاما، إذ وضع يوم 23 نوفمبر 2015 – ضمن الأنشطة المخلدة لذكرى الاستقلال – حجر أساس هذا المشروع، على أن تكتمل أشغاله في سبتمبر 2017، لكن هذا التاريخ وصل قبل أن تبدأ أشغاله بشكل فعلي.

وفي فبراير 2017، وعد وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي بـ”استئناف الأعمال قريبا” في هذا المشروع دون أن يكشف عن الأسباب التي عرقلته، أو يحدد تاريخا دقيقا لاستئنافها، وذلك في تدوينة على حسابه في فيسبوك، “بشر” فيها متابعيه بتحول اقتصادي عميق ينتظر البلاد.
مسيرة مليئة بالإخفاق
الوزير السابق والإداري المدير العام السابق لشركة سنيم محمد عبد الله ولد أداع، كشف في إحدى جلسات محاكمته فيما بات يعرف بملف العشرية عن مسيرة مرتبكة مرت بها فكرة إنشاء فندق شيراتون نواكشوط.
يقول ولد أوداعه إن “مسيرة إنشاء الفندق بدأت عندما أعطت الدولة لسنيم سنة 1995 ملكية مؤقتة لقطعة أرضية مساحتها 9,5 هكتار محاذية لقصر المؤتمرات لبناء فندق خمس نجوم في نواكشوط وذلك بمرسوم رقم 052-95 بتاريخ 27 نوفمبر 1995”.
ويضيف: “بدأت أول محاولة جدية لتشييد الفندق سنة 2006 عن طريق شراكة بين شركة سنيم ومجموعة خرافي الكويتية، انطلقت بإنشاء شركة يوم 11/07/2007 ، ليتم وضع حجر الأساس للفندق يوم 12/07/2007 بعد أن تنازلت سنيم عن القطعة الأرضية لشركة خرافي بطلب من الدولة”.

لكن شركة خرافي انسحبت من المشروع سنة 2008 قبل أن يزيد العمل فيه على وضع حجر الأساس متعذرة بالأزمة المالية العالمية آنذاك، وفقا لولد أوداعه.
ويستطرق الوزير ابسابق قائلا: “ثم جاءت العمليات الإرهابية في الغلاوية وألاك لتعلن بعدها شركة أكور الفرنسية التي كانت حينها تسير فندق مرحبا، المملوك من طرف سنيم، وهو ما أضاف للصعوبات المتعلقة بمشروع بناء الفندق الجديد بعدا إضافيا يصعب معه إقناع شركات الفندقة العالمية بالانخراط فيه، بعد انسحاب الشركة الفرنسية الوحيدة التي كانت تسير فندقا صغيرا في نواكشوط”.
يقول ولد أوداعه إنه على هامش حفل وضع الحجر الأساس قال له مسؤول سام في الدولة آنذاك: “ألا بسم الله الرحمن الرحيم، هنا وضع حجر أساس قصر الشعب، وهنا وضع حجر أساس هذا الفندق مرتين قبل الآن…”
دخول شركة شيراتون العالمية على الخط
وقال ولد أوداعه إنه خلاله توليه إدارة اسنيم لم يكن التحدي الأبرز بالنسبة لإنجاز الفندق، يتعلق بالجانب الفني أو المالي بل كان إقناع شركة عالمية بالقبول في دخول شراكة لاستغلال المشروع.
يضيف ولد أوداعه أن ما وصفه بالاهتمام الكبير من الإدارة آنذاك ومصداقية الملف المقدم من طرفها، كلل جهودها بالنجاح، فتم استقطاب الشركة الدولية الأولى عالميا في الفندقة، الشركة الأمريكية أستار وود (مالكة ماركة شيراتون العالمية) للانخراط في المشروع الحلم في إطار شراكة مع شركة سنيم، لبناء أول فندق خمس نجوم في موريتانيا، فندق شيراتون نواكشوط.
وقعت الاتفاقية -يؤكد ولد أوداعه- بين سنيم والشركة المالكة لشيراتون في يوليو 2013 واكتملت بعد ذلك الدراسة الفنية التي تستوجب الاتفاقية موافقة شيراتون على تفاصيلها كلها للتأكد من أن الفندق سيحترم المواصفات المطبقة في فنادقها عبر العالم.
كما أجريت مناقصة دولية شاركت فيها 36 شركة عالمية وفازت شركة سينوهيدرو بالصفقة ليتم أخيرا وضع حجر الأساس للفندق شيراتون نواكشوط 5 نجوم يوم 23/11/2015، ومع ذلك توقف المشروع مجددا ليبدأ في فترة الرئيس الحالي كواحد من أبرز مشاريع البنية التحتية في العاصمة نواكشوط.
وبتدشين شيراتون نواكشوط يكتمل فصلٌ طويل من حكاية بدأت بشعار طموح في 1995، وتعثرَت تحت وطأة الأزمات والشركات المنسحبة وتغيّر السياسات.





