من أعدل أيام الأربعاء بالنسبة لنا، نحن المهمَّشين، تلك التي لا ينعقد فيها مجلس الوزراء بفضل العطل السنوية للوزراء. حيث تحوّلت هذه العطل بدورها إلى مواسم سياسية لا تقل تكلفة عن الحملات الانتخابية.
ومع ذلك، يبقى امتثال القرارات السامية في قضائها داخل الوطن حكرًا على من ينعمون بثمرات “مأمورية الشباب” من الشباب وغيرهم.
لا يُنتظر من القواعد الشبابية، التي ساندت برنامج الرئيس بإخلاص، الكثير من الانضباط، وهي اليوم مقصية ومهمشة في مأموريةٍ وُعِدوا بها، لكن سرعان ما تحوّل الوعد إلى وسيلة لإشراك أبناء الوساطات والقيادات والقطط السمان القادمة من نعيم الأنظمة السابقة، لترث ما خلّفه آباؤها.
ولعلّنا كنّا لنسكت لو لمسنا معيار الكفاءة في التعيينات، سواء يوم الأربعاء أو في غيره، لكن للأسف لا نرى من الكفاءات سوى الأسماء العائلية الرنانة التي لا تُجهل ولا تُنسى، بحكم حضورها الأبدي في الحكومات ومناصب النفوذ.
لا شك أن وعد الرئيس بتمكين الشباب وإشراكهم في عملية الحكم نابعٌ من قناعة شخصية لديه، خصوصًا مع موجة التقاعد التي كانت تنتظر في الإدارة، لكن، عبثًا..
فلا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد. وإن ظهرت وجوه شبابية جديدة فهي قليلة، ولو بحثنا في أسباب اختيارها لانكشف العجب.
يُحسب للرئيس دعمه للشباب من خلال إنشائه وزارة لتمكينهم، ويُحسب له أيضًا اهتمامه بالفئات المهمشة في المجتمع وذكره لها في خطاباته التاريخية. غير أنّ بعض الساسة، رغم كل ذلك، يسعون إلى إقحام الشباب في الخلافات والتجاذبات السياسية، بهدف إقصائهم من المشاركة والتمكين، من دون أي وجه حق.
لقد تفاءلتُ شخصيًا بتعيين الوزير الأول المختار ولد أجاي، القادم من خارج المنظومة الصلبة المتجذّرة في صميم الإدارة الموريتانية، واعتقدتُ أن ذلك سيكون مدخلًا للتغيير. لكن، رغم محاولاته للإصلاح وتسريع وتيرة العمل، لم يتغير شيء على مستوى معيارية الاختيار السياسي.
إن من يخدعون الرئيس اليوم هم أنفسهم الذين يخدعون الشباب، بتغييبهم وتهميشهم منذ بداية مأموريته التي علّق عليها الكثير من الآمال والطموحات، آمال تلاشت يومًا بعد يوم، وأربعاءً بعد آخر.
ومع ذلك، يبقى الأمل في التغيير مشروعًا لنا، نحن شباب هذا البلد، دون أن نيأس من رحمة الله، القائل في محكم تنزيله:
(( قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ))