spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

آفطوط الساحلي.. ثلاثون عامًا من العطش المؤجل

مــدار -أحمد بابيّ

ثلاثة عقود مرت والموريتانيون يسمعون باسم مشروع “آفطوط الساحلي”، دون أن يرووا عطشهم تمامًا من مائه.

ثلاثون عاما وهم يسمعون عن ذلك المشروع الذي وُصف منذ تسعينيات القرن الماضي بأنه “شريان الحياة” للعاصمة نواكشوط، وما يزال رغم بعض مراحله المنجزة، أقرب إلى وعد لم يكتمل منه إلى إنجاز استراتيجي فعلي.

آفطوط الساحلي ليس مجرد شبكة أنابيب، بل كان يُنظر إليه كمشروع وطني شامل، هدفه نقل المياه من منطقة غنية بالمياه الجوفية، تقع في الجنوب الغربي للبلاد، إلى العاصمة نواكشوط التي تعاني من فقر مائي مزمن وارتفاع متواصل في الطلب على المياه.

من “حلم استراتيجي” إلى “ورقة سياسية”

ما إن يظهر اسم المشروع في نشرة إخبارية، حتى تستيقظ ذاكرة المواطنين على وعود سابقة، فقد تحوّل “آفطوط الساحلي” إلى علامة على الزمن السياسي في موريتانيا، يستخدمه المسؤولون في حملاتهم، ويلوحون به في خطابات تدشين لا تنتهي.

في كل مرة، تُعاد عبارة: “قريبًا، سينتهي العطش في نواكشوط بفضل آفطوط الساحلي”.

لكن النتيجة على الأرض ظلّت دون التوقعات، إذ بقيت أحياء عديدة في العاصمة تعاني العطش، ويقف الناس في طوابير لملء عبوات الماء، بينما ماتزال أجزاء من المشروع تنتظر الإنجاز.

مصادر التمويل

المشروع اعتمد منذ بدايته على تمويلات خارجية معقدة، من جهات مثل الصندوق العربي والبنك الإسلامي للتنمية وجهات أخرى..

هذه التمويلات – رغم أهميتها – جاءت مصحوبة بإجراءات بطيئة، وشروط فنية ومالية معقدة، إضافة إلى ذلك، طالت بعض مراحله تجاذبات بين الوزارات، وتعثرات في الإشراف والمراقبة، ما أدى إلى توقفات وتأجيلات متكررة.

ما تحقق فعليًا في إطار تزويد العاصمة بالمياه ؟

تم إنجاز أجزاء من المشروع، وأصبح بالفعل يزوّد العاصمة بجزء من حاجتها المائية، لكن الحجم الكلي للإمداد ما يزال دون ما تم الترويج له، ولم تصل المياه إلى جميع الأحياء، وما تزال شكاوى السكان من ضعف الضخ أو انقطاع المياه هي حديث المواقع والمنصات.

اعتراف رسمي بعدم الصيانة

وفي وقت سابق قال وزير المياه والصرف الصحي الأسبق محمد الحسن ولد بوخريص إن مشروع آفطوط الساحلي لم تتم صيانته منذ إنشائه عام 2010، مؤكدا أن ذلك أثر على إنتاجه، وعلى التوقعات منه.

وأضاف ولد بو خريص خلال حديث سابق في البرلمان أن المحطات الموجودة في “بينعدي” كان من المفترض أن تنتج 150 متر مكعب في حين أنها لا توفر سوى 120 متر مكعب بسبب غياب الصيانة.

وقال ولد بو خريص إن مشروع آفطوط الساحلي تم إنجازه على ما يقارب 80 لتر لكل مواطن في نواكشوط، بدءا من تاريخه وحتى 2030، ولعدد من السكان يصل مليون وخمسمائة ألف نسمة، وعلى مسألتين الأولى منهما تتعلق بضخ 150 متر مكعب يوميا وحتى 2020، وبعد ذلك يتم تركيب مضخة جديدة وتركيب مولد جديد في تكند من أجل توصيل 230 متر مكعب.

حنيفات نواكشوط بلا ماء رغم الجهود والوعود!

ورغم الوعود والجهود التي تحدثت عنها حكومات ولد الغزواني، ما يزال نواكشوط يعاني انقطاعات متكررة للمياه، رغم ماتقول الحكومة إنها نفذته من إصلاحات في هذا الصدد.

وللتغلب على هذه المشاكل وضع ولد الغزواني في 20 نوفمبر 2024، حجر الأساس لمشروع تقوية تأمين تزويد نواكشوط بالماء الصالح للشرب انطلاقا من حقل آبار بحيرة اديني بمقاطعة واد الناقة باترارزة.

وقالت الحكومة حينها إن هذا المشروع، يهدف إلى تعزيز الإنتاج في مدينة نواكشوط بكميات إضافية تقدر ب 60.000 متر مكعب من الماء الصالح للشرب.

وبلغت الكلفة الإجمالية للمشروع 75 مليون دولار بتمويل من ميزانية الدولة والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

ويتكون المشروع، الذي سيتم تنفيذه خلال 22 شهرا، من أربع مكونات هي:

– حفر 24 بئرا جديدا في إديني وإعادة تأهيل 37 أخرى؛

– ⁠تجهيز وربط الآبار بنظام التشغيل مع استحداث نظام للتسيير عن بعد؛

– توريد وتركيب أنبوب لنقل الماء من الحديد المطاوع بقطر 1200 ملم وعلى طول 59 كلم؛

– ⁠بناء خزانين جديدين، الأول بسعة 5000 متر مكعب، والثاني بسعة 2500 متر مكعب، وإعادة تأهيل خزانين آخرين كل منهما بسعة 1000 متر مكعب.

زيارة حكومية بالتزامن مع انقطاعات متكررة للمياه

وفي آخر زيارة حكومية لمشروع آفطوط الساحلي، أدت وزيرة المياه والصرف الصحي آمال بنت مولود قبل أسبوع، زيارة تفقد واطلاع لمنشآت المياه التابعة لمشروع آفطوط الساحلي، وذلك في إطار متابعة أشغال التأهيل والصيانة والتوسعة الجارية في هذه المنشآت الحيوية التي تغطي أكثر من 70% من حاجيات العاصمة نواكشوط من مياه الشرب.

وقالت الوكالة الرسمية، إن الوزيرة عاينت الأشغال الميدانية واطلعت على مختلف مكونات المشروع، حيث قدّم القائمون عليه شروحًا فنية مفصلة حول سير العمل، ونسب الإنجاز، والتحديات المطروحة والحلول المقترحة.

وفي تصريح صحفي أكدت بنت مولود، أن الأشغال متقدمة جدًا، وقد تم تحقيق نتائج إيجابية تمثلت في ارتفاع الإنتاج بنسبة 15% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، مشيرة إلى أهمية إضافة منشأة جديدة لتصفية المياه بهدف مواجهة تحديات موسم الخريف، الذي يشهد عادة تراكمًا للطمي يؤثر سلبًا على مستوى الإنتاج.

وأبرزت الوزيرة أن دراسة هذه المنشأة بدأت في سبتمبر 2024، وشُرع في تنفيذها في يناير 2025، وهي الآن في مراحلها الأخيرة، تمهيدًا لتشغيلها في الآجال المحددة، رغم تعقيد الأشغال التقنية المرتبطة بها.

spot_img