يترقب الشارع الموريتاني بتلهف كبير النطق بالحكم، في ما بات يعرف بملف العشرية، الذي يحاكم فيه الرئيس السابق وعدد من أركان نظامه.
وكانت محكمة الاستئناف قد حددت نهاية أبريل الماضي يوم الأربعاء الموافق للـ 14 مايو المقبل، عند الساعة الثالثة مساءً، موعدًا للنطق بالحكم في ملف العشرية، وذلك ختام أطول محاكمة قضائية عرفتها موريتانيا.
ملف العشرية.. مرحلة الاستئناف
وبدأت محكمة الاستئناف بقصر العدل بنواكشوط الغربية، في الثالث عشر من نوفمبر 2024، النظر في ملف العشرية الذي يتهم فيه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز مع آخرين.
ونظرت المحكمة طوال 6 أشهر في استئناف الأحكام الصادرة في الملف المعروف بـ”ملف العشرية” من طرف المحكمة المختصة في جرائم الفساد يوم 04 ديسمبر 2023، حيث تم استئنافها من طرف دفاع الرئيس السابق ولد عبد العزيز، وكذا دفاع بقية المدانين، كما استأنفتها النيابة العامة.
مراحل “ملف العشرية”
ومرّ ملف الفساد الذي بات يعرف إعلاميا بملف العشرية بعدة مراحل، بدأت بتصويت الجمعية الوطنية في مستهل عام 2020 بعد أقل من أربعة أشهر على تسليم ولد عبد العزيز للسلطة لصديقه الرئيس الحالي غزواني، على إنشاء لجنة تحقيق برلمانية في مزاعم فساد يعتقد أنها تمت خلال عشرية ولد عبد العزيز، لتكمل اللجنة البرلمانية تحقيقها في منتصف العام نفسه، رافعة إياه إلى وزير العدل ومن ثم إلى النيابة العامة التي أمرت الشرطة الاقتصادية بفتح بحث ابتدائي انتهى قبل نهاية العام 2020.
وشمل الملف استجواب نحو 300 شخص، وأحيلت محاضر الاستجوابات والخلاصات التي توصل إليها البحث الابتدائي إلى النيابة العام.
المرحلة القضائية لملف العشرية
ومع بداية العام 2021 بدأت المرحلة للقضائية للملف الذي حمل الرقم 0001/2021، حيث اتهمت النيابة نحو 11 شخصًا فقط في الملف المثير بينهم ولد عبد العزيز وبعض وزرائه وأصدقائه من رجال الأعمال المقربين منه.
وفي 24 يناير من العام نفسه أودع ولد عبد العزيز الحبس الاحتياطي، حيث أمضى أشهرا عدة من عام 2021 في السجن.
وفي نهاية يناير 2023 بدأت محاكمة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز وبعض معاونية بتهمة إساءة استغلال المنصب، والثراء غير المشروع وتهم أخرى تتعلق بالتسيير المالي والإداري خلال عشرية نظام ولد عبد العزيز.
رئيس سابق خلف القضبان
وفي الربع من شهر ديسمبر 2023، وبعد نحو 11 شهرا من المرافعات والجلسات المتتالية، قضت المحكمة المختصة بجرائم الفساد، بحبس الرئيس ولد عبد العزيز خمس سنوات، في قضية استغلال منصبه بهدف الإثراء غير المشروع، وبتبييض الأموال، فيما برأته من بقية التّهم.
كما أمرت المحكمة بمصادرة أصول قالت إن ولد عبد العزيز تحصل عليها بطريقة غير مشروعة، فيما برأت رئيسي الوزراء السابقين واثنين من الوزراء السابقين، وحكمت على البقية بأحكام متفاوتة.
شارع متلهف واتهامات بالتسييس
ويتابع الرأي العام الوطني بتلهف ما ستؤول إليه الأحداث في أطول محاكمة عرفها البلد.
ويتهم أنصار ولد عبد العزيز النظام الحاكم بتسييس قضيته، مؤكدين أن ما حدث كان فقط لتقليم أظافر الرئيس السابق حين أعلن عم رفضه الخروج من المشهد السياسي، وذلك إبان أزمة المرجعية.
معارضة متضامنة
وحظيّ ولد عبد العزيز دون غيره من المتهمين بملف العشرية بمواقف متضامنة من بعض المحسوبين على المعارضة.
ومن بين أشهر المتضامنين مع ولد عبد العزيز، النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد، الذي أعلن في يناير الماضي انخراطه في التضامن مع الرئيس السابق، مطالبا بإطلاق سراحه.
وأكد ولد اعبيد خلال حديثه في جلسة برلمانية لمناقشة حصيلة عمل الحكومة للعام المنصرم وبرنامجها للعام الجاري، أن الرئيس السابق ولد عبد العزيز يتعرض لانتقائية، وتم سله وحده في الملف كما تُسلّ الشعرة من العجين.
وانتقد ولد اعبيد غياب الديمقراطية والحرية في البلاد، معتبرا أنها لو كانت موجودة لكان بإمكان الأئمة والعلماء الذين وصفوا ولد عبد العزيز بأنه “رئيس العمل الإسلامي”، أن يتضامنوا معه، ويزوروه في سجنه.
من جهته قال النائب البرلماني المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود، في تدوينة على صفحته قبل أيام، إن “ما حصل ويحصل في “ملف العشرية” منذ إحالته من البرلمان إلى اليوم لا علاقة له بمحاربة الفساد ولا بأعمال اللجنة”.
وأضاف: “إنه معركة سياسية بين ضفتي نظام واحد، نظام يزداد فيه الفساد يوما فيوما، ويتعاطى معه بزبونية فجة، وازدواجية فاضحة”.