قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية الحسين ولد امدو إن “علاقات موريتانيا مع روسيا جيدة، ولا تشوبها شائبة وتقوم على الاحترام المتبادل”.
ونفى ولد مدو ما وصفها بالشائعات التي أوردتها بعض شبكات التواصل الاجتماعي حول العلاقة بين البلدين، مؤكدا أنها منافية للحقيقة.
وتأتي تصريحات ولد مدو عقب تداول معلومات تفيد بتوتر العلاقات الثنائية بين نواكشوط وموسكو خصوصا في ظل سعي الروسيين إلى تثبيت موطئهم في القارة الإفريقية.
واحتفلت موريتانيا منتصف يوليو الماضي بالذكرى الستين لعلاقاتها الدبلوماسية مع روسيا في خطوة يراها مراقبون بالغة الحساسية والأهمية في الظرف الحالي، بالنظر لحضور روسيا اللافت في الساحل الإفريقي، شريكةً لدولة مالي المحاذية لموريتانيا، ولدولتي النيجر، وبوركينافاسو، وهي الدول الثلاث المنسحبة من مجموعة دول الساحل الخمس التي تعتبرها موريتانيا إطاراً لا غنى عنه لتنسق الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية، وفق ماصرح به الرئيس الموريتاني في وقت سابق.
بينما يرى آخرون أن هذا الاحتفاء “يحمل رسالة موجهة لأطراف الصراع الدولي المحتدم بمنطقة الساحل، مفادها “أن موريتانيا، حرة في تحالفاتها الخارجية وفقا لمصالحها، وأنها ترفض أن تكون شراكتها مع طرف مانعة من شراكات مع الأطراف الأخرى”.
ينضاف ذلك لتأكيد الرئاسة الموريتانية أن لقاء الغزواني مع بوتين على هامش” بريكس” “خصص للتباحث حول العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيز التعاون وفرص الاستثمار المتبادل فيهما؛ كما تم التطرق للقضايا الإفريقية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
هذه الحركة الدبلوماسية كان آخرها مشاركة وزير خارجية موريتانيا محمد سالم مرزوك في المنتدى الوزاري الافريقي الروسي، المنعقد في مدينة سوتشي الروسية وتوقيعه لمذكرة تفاهم مع نظيره الروسي سيرجي لافروف حول سبل تعزيز علاقات التعاون في المجال الثقافي.
ويأتي هذا النشاط الدبلوماسي الموريتاني الروسي في وقت يستعر فيه صراع النفوذ بين روسيا التي ظفرت بشراكات مع ثلاث من دول الساحل أدارت ظهرها للدول الغربية وخاصة فرنسا، التي تحظى بعلاقة دبلوماسية مع موريتانيا.
كما يأتي في ظل سعي موسكو لتوسيع نشاطها في إفريقيا حيث قال الرئيس الروسي فلادمير بوتين في كلمته على هامش القمة الروسية الإفريقية المنعقدة سنة 2019 بسوتشي، إن موسكو تسعى في غضون السنوات الأربع أو الخمس المقبلة، إلى “مضاعفة حجم تبادلها التجاري مع إفريقيا”، مضيفا أن بلاده عملت حتى الآن على شطب “20 مليار دولار من ديونها على إفريقيا”.
ويقول المختص في العلاقات الروسية الإفريقية أندري ماسلوف، في حديث سابق لـ “إذاعة فرنسا الدولية” إن “روسيا تريد قبل كل شيء تعزيز صادراتها نحو إفريقيا”، مضيفا أن مقاربتها بذلك “تختلف عن مقاربات الصين وأوروبا”.
هذه التصريحات بدأت نتائجها تظهر شيئا فشيئا، حيث تعد روسيا الآن شريكا أساسيا لعدة دول إفريقية وذلك بعد نجاحها نسبيا في التغلب على تراجع حضورها بالقارة الإفريقية، لحوالي 3 عقود، صعد خلالها بشكل قوي ومتزايد الحضور الصيني والأوروبي.
وتعد “العزلة الغربية” لروسيا سببا رئيسيا في سعي الأخيرة للجوء إلى إفريقيا، حيث ساهم تزايد العزلة الروسية من طرف الغرب خلال الأعوام الأخيرة، في جعل موسكو تيمم وجهها شطر القارة الإفريقية، التي ظلت غير مدرجة في أجندة سياستها الخارجية حتى وقت قريب، عكس ما كان عليه الحال خلال الحقبة السوفياتية.
وتسعى موسكو إلى تعزيز هذا الحضور من خلال 3 مداخل رئيسة هي التبادلات التجارية، وعقود السلاح، والدبلوماسية.
ورغم هذا كله، وسعي موسكو لإبراز حضورها العسكري إفريقيا، خصوصا من خلال تواجد قوات”فاغنر” ووقوفها إلى جانب الجيش المالي في مواجهاته مع “الأزواديين” إلى أن المهتمين بالشأن الإقليمي يرون أن فاغنر مازالت حتى اللحظة عاجزة عن جعل قواتها فاعلا عسكريا في مالي.