تستعد السنغال لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 17 من شهر نوفمبر المقبل، بعد حل رئيس البلاد بصيرو ديوماي فاي البرلمان المنتخب في عهد الرئيس السابق ماكي سال – والذي لا يتوفر فيه الحزب الحاكم الحالي على أغلبية – ودعوته لانتخابات جديدة.
ورغم أن الحملة الدعائية لهذه الانتخابات تنطلق رسميا في 27 من شهر اكتوبر الجاري، إلا أن الطرفين المتنافسين الرئيسيين فيها استبقا الأمر، وشرعا في حملة سابقة لأوانها على غرار الانتخابات نفسها.
وقد اتخذ ذلك أبعادا مختلفة، فبالنسبة للنظام الحالي الذي اختاره السنغاليون بنسبة 54% في الانتخابات الرئاسية شهر مارس الماضي، عقد وزيره الأول عثمان سونكو وعدد من وزراء حكومته مؤتمر صحفيا، اتهموا خلاله نظام ماكي سال ب”الفساد” و”تبديد الموارد”، وقدموا بعض الأرقام في هذا الصدد.
ثم أتبع النظام تلك الخطوة بأخرى شارك فيها الرئيس بصيرو ديوماي فاي، وتمثلت في إطلاق رؤية اقتصادية وتنموية تمتد إلى غاية 2050، وتقوم بالأساس على القطيعة مع الاعتماد على التمويل الخارجي، والمديونية، والتركيز على الإنتاج المحلي والاستثمار في المصادر البشرية، وتم بذلك وضع حد لخطة “السنغال النامي” التي كانت قائمة في عهد سال.
ولم تقف حملة النظام السنغالي السابقة لأوانها عند هذا الحد، فقد ارتدى الرئيس بصيرو الزي العسكري بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة، وزار بعض المناطق المتضررة من فيضانات نهر السنغال، وأكد التضامن مع السكان.
وقدرت الحكومة السنغالية عدد المتضررين من هذه الفيضانات غير المسبوقة منذ أزيد من عقدين، بنحو “55 ألف شخص في 51 قرية و44 موقعا آخر، معظمها زراعي”.
وإزاء هذا الوضع الكارثي، أعلنت الحكومة عن تخصيص 8 مليارات فرنك إفريقي لمساعدة السكان المتضررين، فضلا عن تقديم بعض المساعدات الأخرى، وتدخل الجيش مبكرا وإجلاء المتضررين، أو المحتمل تضررهم.
وفي خطوة أخرى غير مألوفة كثيرا في الحملات الانتخابية بالسنغال، أطلق الحزب الحاكم المعروف بـ”باستيف”، وهو اختصار بالفرنسية لحزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة”، حملة للتبرع من أجل تمويل حملته، والابتعاد عن تبديد الأموال العمومية.
وقد حصد الحزب حتى الآن من خلال هذه الخطوة التي يريد منها ترسيخ صورة نظام “شفاف ونزيه”، نصف مليار فرنك إفريقي، ويتطلع للوصول إلى مليار فرنك.
وفي الجانب الآخر من المشهد يتحرك الرئيس السابق ماكي سال من خارج البلاد، بعدما اختير لقيادة اللائحة الوطنية لائتلاف “تاكو والو سنغال” المعارض، الذي يضم ضمن أطراف أخرى عديدة، حزبه “التحالف من أجل الجمهورية” الذي أسسه أيام كان وزيرا أول، والحزب الديمقراطي السنغالي بزعامة كريم واد، نجل الرئيس السابق عبد الله واد.
وتأكيدا لجديته في خوض الانتخابات المرتقبة، استقال سال من منصبه ك”مبعوث خاص لميثاق باريس من أجل الشعوب وكوكب الأرض”، الذي تولاه في شهر نوفمبر 2023، قبيل انتهاء ولايته الثانية كرئيس للسنغال.
وفي خطوة أخرى تعكس التنافس بين الطرفين، رد ماكي سال على اتهامات عثمان سونكو ووزرائه، وقال في مقابلة مع قناة “بلومبرغ” في لندن، إن المعطيات التي قدموها “خاطئة”، مؤكدا أنه غادر الرئاسة “وكانت كل المؤشرات خضراء”.
ودافع ماكي بصلابة عن السياسة الاقتصادية لنظامه، وعن ارتفاع حجم الديون الخارجية في عهده، قائلا إنه “يجب عدم الخلط بين الاقتراض لتمويل التنمية، وبين الحديث عن الإفراط في المديونية”.
وأوضح الرئيس السابق أنه قرر المشاركة في الانتخابات التشريعية على رأس لائحة وطنية لائتلاف معارض، سعيا إلى “تجنب حصول أغلبية قوية يمكن أن تقود البلاد نحو الطريق السيء”، في إشارة إلى نظام بصيرو وسونكو.
وبالتزامن مع مهرجان حزب “باستيف” الذي كان سونكو قائدُ لائحته الوطنية المتحدثَ الرئيسي فيه، كان لبعض أنصار سال نشاط مواز، شارك فيه ماكي عبر الهاتف، وحث على ضرورة “القرب والتواصل مع السكان”، وأكد أن “العمل الميداني الدؤوب سيسمح للتحالف بالخروج منتصرا من هذه الانتخابات”.
فهل بالفعل ينحصر التنافس في الانتخابات المرتقبة بين حزب عثمان سونكو وائتلاف ماكي سال؟ أم تبرز أسماء أخرى وازنة من بين الأحزاب والائتلافات المشاركة من خلال 41 قائمة؟