تطرح العلاقات بين موريتانيا ومالي منذ فترة عدة استفهامات، وخصوصا بعد حوادث القتل التي نفذها الجيش المالي ضد مدنيين موريتانيين، وبروز الملف الأمني كواحد من أهم المحاور التي ركز عليه الرئيس المعاد انتخابه محمد ولد الشيخ الغزواني خلال الحملة الانتخابية الماضية، وفي ظل لقاءات دبلوماسية مقتضبة أبرزها اللقاء الذي جمع خلال الأشهر الماضية وزير الدفاع الموريتاني حننا ولد سيدي برئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي عصيمي غويتا والذي سلمه خلاله رسالة من ولد الغزواني.
اللقاء الذي تناولته وسائل الإعلام باهتمام كبير كونه يأتي على خلفية أحداث دامية قتل فيها الجيش المالي بعض المواطنين الموريتانيين على الحدود الشرقية، اعتبر حينها أنه سيكون البداية الفعلية لرد فعل موريتاني على الحوادث المتكررة، خصوصا أن الجيش الموريتاني نظم بعد ذلك بأيام قليلة مناورات عسكرية قرب الحدود بين البلدين.
أول لقاء مباشر لرئيسي البلدين
نواكشوط اكتفت بالرسائل التي حملها وزير الدفاع إلى باماكو، وإن كانت المناورات اعتبرت من طرف كثير من المراقبين بأنها رسائل مشفرة تهدف إلى وضع حد لاقتحام القرى الموريتانية على الشريط الحدودي بين البلدين.
وأمس الأربعاء وبعد نحو ثلاثة أشهر على رسائل نواكشوط المكتوبة والمشفرة، التقى ولد الغزواني لأول مرة برئيس المجلس العسكري المالي عصيمي غويتا.
وبحسب الوكالة الموريتانية الرسمية، فإن اللقاء شكل مناسبة لبحث “سبل تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، كما تم التطرق للعديد من القضايا الثنائية المشتركة، والقضايا الإقليمية والدولية”.
الملفت في الأمر أن اللقاء جاء على هامش قمة المنتدى التاسع للتعاون الصيني الإفريقي “فوكاك 2024”، المنعقدة بالعاصمة الصينية بيكين، مما حدا ببعض المراقبين إلى طرح استفهامات حول مدى إمكانية أن تكون الصين قد لعبت دور الوسيط بين موريتانيا ومالي.
مؤشر إيجابي
المحلل السياسي والمختص في الشأن الإفريقي محفوظ ولد السالك، اعتبر في تصريح لمدار، أن اللقاء الذي جمع ولد الغزواني بغويتا قد يشكل مؤشرا أيجابيا وربما يقول ولد السالك يعني “أنهما قد توصلا إلى خريطة طريق أو تفاهمات بشأن تدبير الحدود المشتركة بينهما، والعمل على عدم تكرار الحوادث الأخيرة”
وتابع ولد السالك: “الملف المهم بالنسبة لموريتانيا الآن هو الملف الأمني، ولاشك أنه سيكون قد حظي بالنقاش من طرف الرئيس وربما نشهد في الفترة المقبلة تنفيذ ماتم التوصل إليه وإن لم يعلن بشكل رسمي”.
آراء الشارع المالي
مدار أجرت استطلاعا للرأي في الشارع المالي لمعرفة انطباعات المواطنين حول لقاء ولد الغزواني الأول بغويتا، حيث ركزت الآراء في مجملها على نفي وجود خلاف بين البلدين.
أحد الذين التقتهم “مدار” قال إن “لقاء الرئيسين يشكل أمرا جيدا”، مضيفا “وعلى العموم لاتوجد مشاكل بين البلدين ومالي منفتحة على جميع جيرانها”.
فيما أكد مواطن مالي آخر، أن “موريتانيا ومالي شعب واحد وهناك الكثير من الموريتانيين في مالي والعكس صحيح، وينبغي تعزيز علاقات البلدين في الجانب الأمني”.
المواطن المالي الثالث الذي تحدث لمدار، قال “نأمل أن يشكل لقاء الرئيسين بداية شراكة قوية تنعكس بشكل إيجابي بيى الشعبين الشقيقين”.