أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء اليوم الأربعاء، مباحثات مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس.
ووفق المكتب الإعلامي للرئاسة الموريتانية، فقد تناولت المباحثات مجالات تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، كما ناقش الرئيسان”مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك”.
وكان ولد الغزواني قد بدأ أمس الثلاثاء زيارة عمل رسمية لفرنسا، هي الرابعة من نوعها منذ وصوله للسلطة.
انحسار نفوذ فرنسا في الساحل
وتأتي زيارة غزواني لفرنسا وسط انحسار ملحوظ لنفوذها في الساحل الإفريقي بعد انقلابات عسكرية أطاحت بحلفائها ما أدى إلى تفكك مجموعة دول الساحل الخمس G5، التي كانت ترعاها، وطرد قواتها من مالي وبوركينا فاسو والنيجر؛ ففي أغسطس 2022، أعلن الجيش الفرنسي خروج آخر وحدة عسكرية فرنسية من مالي، بعد تسع سنوات، وبعد 6 أشهر من إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون خطته لسحب قواته بعد توترات مع المجلس العسكري الحاكم في مالي بقيادة الجنرال عاصيمي غويتا، وذلك بعد سماحه بانتشار قوات فاغنر الروسية على الأراضي المالية، وهو الأمر الذي اعتبرته دول أوروبية على رأسها فرنسا بداية الارتماء في حضن روسيا التي ما فتئت تبحث عن موطئ قدم في الساحل الإفريقي.
استمرار النزيف
وضعية فرنسا الصعبة في الساحل الإفريقي لم تقتصر على مالي فقط، بل تجاوزتها لتشمل دولا أخرى أذكت فيها أصوات البنادق حلم الاستغناء عن فرنسا، ففي نهاية فبراير 2023، أعلنت بوركينا فاسو انتهاء عمليات القوات الفرنسية على أراضيها، تنفيذا لقرار السلطات البوركينية إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، لترد فرنسا بالقبول وتتعهد بسحب قواتها في ظرف شهر واحد وهو ما تم لاحقا.
وفي النيجر وبعد أقل من 6 أشهر على الانقلاب الذي أطاح بحليف فرنسا بازوم، أعلن الجيش النيجري في 22 ديسمبر 2023، أن القوات الفرنسية أكملت انسحابها من أراضيه بعد وجود عسكري امتد عشرة أعوام، كان الغرض منه مكافحة الجهاديين، حيث كانت نيامي أحد آخر حلفاء فرنسا.
موقف ولد الغزواني من فرنسا؟
وفي خضم السخط الإفريقي على فرنسا ووسط ارتفاع كبير للأصوات المطالبة بمقاطعتها حتى في الدول التي تحكمها أنظمة مدنية كالسنغال مثلا، وخصوصا بعد صعود نظام فاي الذي لم يكن خطابه في الحملة الانتخابية وديا تجاه فرنسا؛ ومع ما يقتضيه منصب رئاسة الاتحاد الإفريقي الذي تولاه ولد الغزواني من وضوح المواقف فيما يتعلق بالقارة عموما والمنطقة الإقليمية خصوصا؛ تزايد اهتمام وسائل الإعلام بموقف الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي من فرنسا، وهو ما أوضحته مقابلة ولد الغزواني مع صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، حيث اعتبر أن “المشاعر المعادية لباريس تعكس شعبوية خبيثة لا تنفرد بها أفريقيا بل يُعبّر عنها في كل مكان على الكوكب، وتُضخّمها شبكات التواصل الاجتماعي”، وفق تعبيره.
وقال ولد الغزواني، إن المشاعر المعادية لفرنسا في بعض البلدان الأفريقية الناطقة بالفرنسية، تُفسّر بتوقعات اعتبرها مفرطة لدى بعض الفئات الأفريقية، تجاه بلد صديق تاريخيا، مؤكدا أن “أفريقيا تتوقع الكثير من فرنسا”.
تشاد وموريتانيا آخر حلفاء فرنسا في الساحل
بعد انسحاب دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر من مجموعة دول الساحل الخمس G5 التي حظيت برعاية فرنسية منذ نشأتها، وتكوين حلف ثلاثي جديد يدعى G3، ويعمل تحت عباءة روسيا، التي تعدّ أكبر داعم للحكومات الانقلابية في البلدان الثلاثة مستفيدة من توتر علاقتهم بالدول الغربية؛ خسرت ثلاث دول من حلفائها في الساحل، لتشكل موريتانيا والنيجر الأمل الوحيد المتبقي لها في المنطقة، ففي أكتوبر 2023، أدى الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي زيارة رسمية لفرنسا، حيث التقى في قصر الإليزيه بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتركزت نقاشاتهما حينها أساسا على عملية انسحاب قوات باريس العسكرية من النيجر، والتي نفذت بشكل رئيسي عبر نجامينا، فهل تشكل زيارة ولد الغزواني الحالية لفرنسا بداية لإعادة تموقعها في المنطقة من بوابة البلدين ؟